في يوم المرأة العالمي ذهبت بالصدفة إلي أحد المصالح الحكومية لإنهاء بعض الأوراق الخاصة بي، وقفت أمام الموظف المختص وأخذت أستفسرعن بعض الأشياء الخاصة بالمهمة التي أتيت من أجلها، أخذ الموظف يجيب علي تساؤلاتي وعينيه لأسفل لا يرفعهما إلي، فهو يري أن النظر إلي "حرام شرعاً وأنه يجب عليه أن يغض البصر" !!!!، كان هذا رده عندما سألته بعد نفاذ صبري من عدم فهم كلامه بسبب عدم توجيه الكلام الي مباشرة "هو حضرتك بتبص تحت ليه؟" ، وتعجبت.. فأنا إمرأة عادية لست بالجمال الذي يبهر الواقف أمامي، ولا أتحدث بطريقة تثير من يتحدث إلي، ولا أتناقش في موضوع خاص أو حساس، فأنا أقف أمامه بملابس عادية، وأتحدث بطريقة بها من الإحترام ما يجبر أي شخص علي التحدث بلباقة وأدب، ولكن برغم ذلك شعرت في هذه اللحظة بأنني أقف أمامه بملابس المنزل، شعرت بأنني كائن لا يجب أن يتحدث أو يظهر، فأنا كائن حرام وعيب!!!. وعندما رويت لصديقة لي هذا الموقف، وجدتها أيضاً تعاني من وجود هؤلاء الأشخاص في طريقها، ولكنها لا تعيرهم أي إهتمام فهم مرضي علي حد قولها، وتبتسم وهي تتذكر أحدهم وهو يسكن في العمارة التي تقطنها، وعندما تراه وتهم بإلقاء التحية عليه، وبرغم أنه زوج وأب إلا إنها تجده يسرع الخطوات وعينيه في الأرض حتي يكاد أن يجري وكأنه وجد شبحا أمامه. وفي جانب آخر من النفس البشرية، يوجد نوع تعاملت معه إحدي قريباتي، عندما قرأت هي وزوجها إعلان عن تملك وحدات في إحدي القري السياحية الشهيرة، واتصل الزوج للإستفسار عن طرق وشروط الشراء، وفوجئ بأن أول وأهم هذه الشروط أن تكون الزوجة غير محجبة!!!، ولم أستطيع أن أفهم ماالذي يضير ملاك القرية بأن تكون المرأة محجبة!!!! تلك نماذج تتعامل معهم المرأة في حياتها، نموذج يراها "حرام" ونموذج آخر يراها "وصمة عار"، ومن وجهة نظري أن هذه النماذج تمثل فئة مريضة في المجتمع، فمن يفكر بعقلية النوع الأول لابد أن يُعالج، فإذا كان يشعر بالإثارة لمجرد النظر في وجه إمرأة، فإن العيب والمشكلة تكمن فيه هو، فالمرأة تريد عندما يحادثها رجل أن ينظر في عينها ويخاطب عقلها..فقط لا غير، وإذا لم يستطيع أن يتعامل مع المرأة سواء كانت محجبة أم لا علي أنها إنسان ذو عقل وفكر، فليجلس هو في البيت ويترك المرأة تنطلق وتبدع وتنجح كعاملة وزوجة وأم. أما النوع الثاني المريض أيضاً، والذي ينظر إلي المرأة علي إنها مجرد شعر مسترسل علي الكتف أو لباس بحر يسير علي الشاطئ أو جسد يتمدد علي الرمال، فهو أيضاً لابد أن يُعالج ويتعلم أن المرأة أقوي وأعظم من كل ذلك، وأن المرأة المحجبة ليست بالضرورة أن تكون حجبت عقلها وفكرها. لكل من ينظر إلينا بهاتين النظرتين، المرأة ليست جسداً أو شعر أو وجه، المرأة عقل يفكر ويعمل وينجح ويتقدم وإلي جانب كل ذلك ينشئ أجيالاً.فعفواً ... أنا مش حرام