أربك توحد الاحزاب العربية داخل اسرائيل المشهد السياسى حتى انه تسبب فى ظهور تصريحات وصفها البعض بالجنون من قبل بعض القيادات الإسرائيلية وعلى رأسها تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلى ورئيس حزب «اسرائيل بيتنا» أفيجدور ليبرمان الذى دعا إلى سحب الجنسية الاسرائيلية من فلسطينى 48 المقيمين فى إسرائيل كذلك دعواته لإعدام الاسرى الفلسطينيين كخطوة لجذب اصوات الناخبين الاسرائيليين المتشددين، وفى محاولة لسحب البساط من الاحزاب العربية. وهناك أمر أخر يعكس الخوف المتنامى من تعاظم نجاح العرب فى الدخول الى الكنيست القادم ، وهو ما نشرته صحيفة الإندبندنت البريطانية فى تقرير لها تحت عنوان نيتانياهو قلق من أصوات العرب، جاء فيه أن رئيس الوزراء الاسرائيلى قلق للغاية بعد أن توقع مراقبون إقبالا قويا للمواطنين العرب على الانتخابات. وكذلك أشار الاستطلاع الذى نشرته صحيفة هاآرتس الاسرائيلية إلى أن أكثر من 62% من المواطنين العرب الذين يملكون حق الانتخاب يخططون للإدلاء بأصواتهم. ويتوقع الاستطلاع أن تحصل القائمة العربية الموحدة على 14 مقعدا فى البرلمان، مما يجعلها الحزب الثالث من حيث القوة. وبحسب الصحيفة، يمكن فى هذه الحالة أن تعتمد الأحزاب اليهودية على القائمة العربية الموحدة فى منع نيتانياهو من تشكيل تحالف يسمح له بتشكيل الحكومة. ومما يعزز من وضع تحالف الاحزاب العربية فى هذه الانتخابات ظهور شخصية قوية تقود هذا التحالف ممثلة فى أيمن عودة رئيس القائمة الذى وصفته الصحف الاسرائيلية بالنجم العربى الساطع فى السياسة الإسرائيلية، وخاصة بعد المناظرة التى بثها التلفزيون بمشاركة رؤساء الأحزاب التى المتنافسة. أكد عودة خلال المناظرة أن العرب فى حالة فوزهم سيترأسون جبهة المعارضة فى الكنيست . كما نجح فى الحفاظ على هدوءه رغم استفزازات وزير الخارجية "ليبرمان" الذى وصف عرب الداخل بأنهم أكثر خطورة على اسرائيل من العرب انفسهم، وجاءت ردود "عودة" عاقلة وهادئة بلغة عبرية فصيحة ادهشت المتابعين. كما اجرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" حوارا مطولا معه، تناول المناظرة الأخيرة وعدة قضايا تهمّ المواطنين العرب فى إسرائيل، وافتتح عودة حديثه بأنه حان الوقت لأن يشارك المواطنون العرب فى الحياة السياسية الاسرائيلية، قائلا "دخول القائمة المشتركة فى أى ائتلاف حكومى سيعتبر إنجاز مهم." ولم تخل تصريحات "عودة" من الحديث عن الدولة الفلسطينية حيث أكد ضرورة وجود دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل، متمنيا ألا تكرس الحكومة القادمة الميزانية لقضايا الأمن والمستوطنات، على حساب التعليم والنواحى الاجتماعية. ورغم التوقعات بسطوع نجم التحالف العربى فى الانتخابات الاسرائيلية تبقى بعض المعطيات التى يمكن أن تعرقل عمل التحالف وأهمها التطور الخطير الذى افرزته الانتخابات السابقة والتى صوت فيها الناخبون العرب لأحزاب يمينية. ويرجع السبب فى ذلك الى الجهود التى تبذلها تلك الأحزاب فى البلدات العربية داخل اسرائيل، حيث تكثر من الوعود ذات الطابع "الاقتصادي" ، وكذلك وعود بزيادة "فرص" العرب فى الاندماج فى المؤسسات الإسرائيلية خاصة وأن تلك الاحزاب غالبا ما تحصل على الحقائب الوزارية المؤثرة فى الشئون الاجتماعية والاقتصادية فى الحكومة. كما أن تلك الاحزاب تسعى لتفتيت أصوات العرب عن طريق إدراج مرشحين عرب فى صفوفها، إذ يحمل أولئك معهم رسالة للناخب العربى مفادها "أن التصويت لحزب يهودى يعزز اندماج العرب فى إسرائيل ويسهل عليهم الدخول إلى المؤسسات الإسرائيلية، وبالتالى الارتقاءً بحياتهم الاقتصادية والاجتماعية. أما العامل الاخير والأهم الذى يجعل الناخب العربى يعزف عن التصويت للعرب فهو تركيز الأحزاب العربية ونوابها على القضايا الوطنية، وتحديدا تفضيل القضية الفلسطينية على حساب القضايا الداخلية التى تخص العرب فى إسرائيل، وهو ما جعل كثيرين يلجأون إلى الأحزاب اليمينية التى تهتم أكثر بالقضايا المحلية.