في النسخة العربية لكتاب االعرب من الفتوحات العثمانية إلي الحاضرب يأخذنا مؤلفه يوجين روجان مدير مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة إكسفورد البريطانية بمنتهي السلاسة والسهولة من عالم العرب المعاصر. منطلقا من حادث اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام2005 وما فجره الحادث من حالة إحباط ويأس لدي الكثيرين, والتي تمثلت جليا في مقال للصحفي اللبناني سمير قصير الذي أشار فيه إلي ما سماه اشقاء العربب في القرن الحادي والعشرين ليقارن هذا بحقبتين تاريخيتين حقق العرب فيهما العظمة أو سعوا لتحقيقها. وذلك في إشارة الي القرون الخمسة الأولي التي تلت ظهور الاسلام. وهي مرحلة من العظمة بلغوها لتمسكهم بالعقيدة الاسلامية. ثم الحقبة الثانية التي بدأت في القرن التاسع عشر مع بزوغ عصر النهضة الذي ادخل عددا من المجتمعات العربية عالم الحداثة. وانتقل روجان إلي تاريخ العرب الحديث الذي حدد له البداية من الفتوحات العثمانية للمنطقة, حيث بدأ يسرد بشكل قصصي بديع كيف استطاع العثمانيون أن ينهوا حقبة المماليك عام1517, وكيف أن هذا فتح الطريق لقواعد سياسية توضع في العواصم الاجنبية يتبناها العرب وهو ما بات فيما بعد أحد الملامح الرئيسية التي اتسم بها تاريخ العرب الحديث. ولفت روجان الانتباه في كتابه إلي أن وقتها لم يعبأ العرب بانتقال الحكم من المماليك إلي العثمانيين بل كان تفكيرهم يتسم بالعملية, إذ كان جل اهتمامهم بفرض القانون والنظام والحياة الكريمة. ولكن مع منتصف القرن الثامن عشر واجه العثمانيون تحديات أوروبية في فيينا وموسكو مما جعلها تفقد سيطرتها علي العالم العربي, فظهر كثير من القادة المحليين في الأقاليم العربية يتحدون الباب العالي العثماني, كان ابرزهم محمد علي باشا في مصر. وبدأ العثمانيون عصر إصلاحات لصد تهديدات جيرانهم الأوروبيين مما أدي لظهور قواعد جديدة اهمها مفهوم المواطنة, الذي تمت استعارته من الأوروبيين مما ألهم العرب بأفكار عن القومية فطمحوا الي نيل الإستقلال الذي لم يمهلهم البريطانيون والفرنسيون الوقت للحصول عليه حيث انقضوا عليهم ليقسموهم إلي دول مستعمرة. وخلف الاستعمار صداما بين القومية القائمة علي اساس الدولة والقومية العربية. ثم اتت الحرب الباردة بقواعد جديدة للعبة حيث بات الشرق الاوسط احدي الحلبات التي تتصارع عليها القوتان العظميان. ومع بدء عصر القطب الواحد تعارضت قواعد هذه المرحلة مع مصالح العرب أكثر من أي وقت مضي, حيث اتسمت باندلاع العنف والقلاقل في الشرق الاوسط وصارت نظرة العرب لمستقبلهم اكثر تشاؤما ويعود روجان لجملة سمير قصير ليعبر بها عن حالة كثيرين من العرب والتي تقول ا ليس جميلا أن تكون عربيا هذه الأيامب. إلا أن روجان يري أنه من الخطأ أن نسلط الضوء علي التوتر والمشكلات في تاريخ العرب علي حساب أمور كثيرة تضفي علي العالم العربي روعة بالغة. كما أن هناك هوية مشتركة تربط العرب تقوم علي وحدة اللغة والتاريخ, ولكن ما يثير الدهشة والإنبهار هو أن العرب شعب واحد له صفات مشتركة وفي الوقت نفسه شعوب متعددة لها خصوصيتها. صدر عن كلمات عربية