يا ربي.. ماذا أصابنا وبدل حالنا وغير طبائعنا وفتت معتقداتنا وبدد رحمتنا وأضاع إنسانيتنا ، فقد أصبح القتل وجبة يومية علي موائدنا ، ووحشية الجرائم مرأة أعيننا ، وسيلان الدماء وجع لقلوبنا ، وإجرام الإختلاف إدعاء إدميتنا ، والأرواح الراحلة تحسبن الله علي ظلمنا، وتلعن جحود صمتنا، وغزلان ديننا ونبينا وكتابنا ووطنيتنا بل وفطرة ميلادنا، االبشرية هجرت إجسادنا والرحمة ودعت إنفسنا ، والغل سلك تفكيرنا، والإجرام بدل عقولنا، والذبح أصبح مسلكنا، والإيذاء إصداء حديثنا ، والإشلاء مصائر الأحباب ، والتجريح هدف للأعراض، والتشهير سهام للأشراف ، والزنازين مرفأ الأحرار، والمشارح فراش الجدعان . يا هوووه ديننا حسم في قرأنه وسنة نبيه صلي الله عليه وسلم ما هو حق وما هو باطل وحلال وحرام وحق وزور فضيلة ورذيلة ، ونص في تشريعاته محاربة الغدر والاعتداء علي النفس والعرض والمال والحرية والكرامة، والجهاد لدفع الظلم ورد العدوان، ولكن بعض المنتسبين زورا خلطوا ما بين الجهاد الذي شرعه الله عز وجل أي الدفاع عن المظلوم ونصرته لمقدساته ورموزه وأوطانه ، وبين الإرهاب الذي هو من وسوسة الشيطان وجهل الجاهلون والمتجاهلون والعدوان علي الأنفس البشرية سواء بالقتل والتمثيل والتشويه ، وأعتبر قتل نفس واحدة قتل للإنسانية جمعاء مادام وقع بغير حق ، بل شمل الحيوان والنبات فهي مخلوقات الله وأوصي بالرفق بها وتذكروا من دخل الجنة لسقي "كلب " ، ومن دخلت النار في حبس "قطة " فلا هي تركتها أو أطعمتها .
والدليل علي فقدنا الإنسانية جرائم من مئات الحكايات اليومية البشعة والدموية، الطفلة" منة " بمستشفي صيدناوي برمسيس ، والمحامي" كريم " بقسم المطرية ، والكلب"ماكس" بشبرا ، 3 أمثلة سوداء علي رداء إنسانيتنا المعاصرة المطرزة بمشاعرنا الزائفة ، فالطفلة منة "9سنوات " ذبحت بقرار الخروج من مستشفي صيدناوي العام " لضيق ذات اليد" بعد إجراء عملية اللوز فإذا بدكتور وحش آدمي بعد ثلاث ساعات خرجت مصابة بالنزيف نتيجة خطأه الكارثي بقطع عرق موصل للمعدة ، ولكنه أخرجها بعد يومين بلا رحمة وهي تنزف ، وتضطر أمها المغلوب علي أمرها الذهاب لطبيب خاص الذي أمرها بالعودة للمستشفي لحاجتها لنقل دم فورا وحتي يصلح الطبيب جريمته ، ولكن منة فارقت الحياة لأنها من البسطاء يعالجون في مستشفيات الإهمال الحكومية ولو كانت من أغنياء القوم لهلع أكابر الأطباء لنجدتها ، ولكن وداعا لمنة وغيرها ملايين الكادحين ولعنات لأدعياء الإنسانية الي مثواها الأخير!!!.
والمحامي كريم " 28 سنة" الذي أقر التقرير المبدئي لمصلحة الطب الشرعي بوجود آثار تعذيب في جثمانه وقتل إثر التعذيب داخل قسم شرطة المطرية نتيجة وجود إصابات فى الرأس والبطن والظهر، بعد اعتقاله من منزله بعزبة النخل بمنطقة المرج لتعتدي عليه القوة الأمنية بالضرب والصعق ليوم كامل قبل عرضه على النيابة في اليوم اللاحق وتتجاهل النيابة توسلاته لطلبه بفتح تحقيقا لتعذيبه نتيجه تهمتي التظاهر بدون ترخيص وقطع الطريق، فيعود لوصلة تعذيب أخري حتي لفظ أنفاسه مع توديعه صورة لابنتيه الصغيرتين ، تشيعه إدانات الإنسانية رغم إختلفنا السياسي معه إلا أنه وجب حمايته بإعتباره مواطنا يجب عندما يقبض عليه أن يعامل معامله كريمة، وأن يقدم لمحاكمة عادلة ، والمحكمة تحكم بما يحكم به القضاء سواء بالإدانة أو البراءة ، وإلا اللعنات علي إنسانية فارقت الدنيا بلا رجعة.
وحكاية الكلب " ماكس" الذي دافع عن صديقه بمنطقة شبرا الخيمة لكنه باعه لخصومه كي يعذبونه أمام عينيه بالأسلحة البيضاء والسيوف بلا رحمة، والسبب اصطدام الكلب نتيجه إنشغاله بقطة بأحد المارة فانخض فحدثت مشادة مع صاحبه "سيد" ، ووقف الكلب مدافعا فهاجم المسلحين بالمطاوي فعقر اثنين وقضم جزء من خصية أحدهم، والتقط أحد الأسلحة من يد آخر ، وبعد انتهاء المعركة هرب صاحب الكلب وأسرته من المنطقة خوفا من البطش، لكن المتضررين اشتعلت النيران في قلوبهم ، فرفعوا عليه عدة قضايا إنتقاما، وبعد شهر ونصف لما رجع سيد للمنطقة ضربوه علقة ساخنة فذهب إلى كبار القوم بشبرا و نائب برلماني سابق ليتوسط له ، فوافقوا على الصلح بشرط وحيد " تسليم الكلب " ، فقرر تسليمه وربط الكلب المسكين في مأسورة أمام أحد المحال ، وبدأت حفلة الإنتقام مع مباركة أهالي المنطقة ليوضح الخلل المجتمعي الذي أصابنا ، وأنهالوا علي الكلب بعصي غليظة والسيوف حتي سقط جثة هامدة ، ليتحول فيديو مقتل " الكلب " لأوسع تغطية علي مواقع التواصل الاجتماعي ومستنقعات الفضائيات ووقفات التنديد من أنصار الرفق بالحيوان .
وإن كانوا محققين في الإدانة والشجب من القتل المستباح في بلدنا .. إلا أنهم لم يهتموا بالإنسان "المحامي" المقتول تعذيبا أو الطفلة "منة" المقتولة إهمالا ، وكأن المواطن أصبح أرخص من الكلب في مجتمع إدعياء الإنسانية الذي أصبح الدم شيئا مألوفا فلم يخصصوا لهما "هاشتاج" كما فعل "بتوع الكلب" !!!. [email protected] لمزيد من مقالات محمد مصطفى حافظ