اعتقد الرئيس أنور السادات أن زيادة مساحة الدين فى وسائل الإعلام، من شأنها لجم التطرف وكبح جماحه، وعلى الفور ترجم صانع السياسة العامة تلك الرؤية فى خطوات محددة، ركزت على الإعلاء من قيم الأخلاق وفقا للشرع الحنيف، والتنديد فى الوقت نفسه بالممارسات الخادشة للحياء أو التى تصطدم مع تقاليد الأسرة وقيم المجتمع المعروف عنه تدينه الشديد. ورغم أن الراحل عرف عنه أنه رجل العلم والإيمان، الأخير هو الذى طغى، أما الأول فتراجع بصورة مذهلة، مقابل تعظيم التقوى والورع الذى ملأ شاشتنا الصغيرة، أما الكبيرة فكان الرقيب لها بالمرصاد، وليت الهدف الذى من أجله تغير الإعلام المرئى تحقق ، بل على العكس زاد التشدد والمتشددون، والدليل على ذلك هو أن السادات قتل على أيديهم. ويبدو أن مبارك خشى المصير ذاته فزاد وعظم من التطرف باعتباره الحرص على الدين والتمسك به، ولأنه صاحب الريادة الإعلامية على حد تعبير صفوت الشريف ومدشن عصر السماوات المفتوحة نشأت الفضائية تحت شعار لا للكتف العارى ونعم للفضيلة بوجهها الاسلامى، فالأقباط لا وجود لهم لا من قريب أو بعيد رغم أن معظم المغتربين فى بلاد الفرنجة من المسيحيين. وجاءت ثورة 25 يناير لتسقط الطاغوت، وعلى عكس ما كان يحلم به المجلس العسكرى بقيادة المشير طنطاوى بدولة مدنية عصرية بكل ما تحمله من معان، لبست الميديا المرئية الثوب الإسلامى غير عابئة بمصر ديانات وعقائد أخرى ثم يكتمل المشهد الإقصائى بصعود الأخوان المسلمين سدة الحكم. ويأتى زلزال 30 يونيو ليضع نهاية للتأسلم، لكن الفضائية أصرت على السير فى ذات المنهاج الأحادي. المثير أن الرئيس يؤكد أنه لا إقصاء ومع هذا فمسيحيتنا لا وجود لها عمليا، والسؤال إذا كان لشيخ الأزهر برنامج أسبوعى، فلماذا لا نرى نظيرا له كل شهر على الاقل للبابا تواضروس، وكلاهما كان جزءا لا يتجزأ من مشهد خريطة الطريق. لمزيد من مقالات سيد عبد المجبد