فرضت قضية الأغذية والحاصلات الزراعية المعالجة بالهندسة الوراثية نفسها من جديد علي ساحة الحوار خلال الأسبوع الماضي بعد الإعلان عن استيراد كميات جديدة من الذرة, المعالجة وراثيا مما اثار مخاوف العديد من خبراء البيئة والزراعة المهتمين بهذه القضية, وقد تزامن مع ذلك صدور أحدث مؤلفات الدكتور نادر نور الدين تحت عنوان الإنتاج العالمي من الحاصلات المحورة وراثيا والأغذية العضوية والتقليدية وآثارها علي الفجوة الغذائية العربية مما أتاح المزيد من المعلومات الموثقة والجادة حول تطبيقات الهندسة الوراثية, ويخصص الكاتب فصلا كاملا عن تلك المخاطر المحتملة علي البيئة والإنسان والحيوان والنبات, قام بتدعيمه بإحصائيات ومقارنات وأرقام تؤكد الحقائق التي أوردها. وفي البداية أشار الدكتور نادر نور الدين إلي أهمية سلامة الأغذية المحورة وراثيا والعضوية موضحا أن الغالبية العظمي من الأمراض هي المنقولة بالغذاء بتناول الأطعمة والمشروبات الملوثة بالميكروبات الممرضة أو بالسموم الكيميائية والحيوية وغيرها, وقد قدر عدد الأمراض المنقولة بالأغذية بأكثر من250 مرضا تم تشخيصها حتي الآن, بعضها بكتيرية أو فيروسية أو نتيجة لطفيليات, بالإضافة إلي المخاطر الحيوية( البيولوجية) والكيميائية والعضوية. وحول المخاوف الناشئة عن إنتاج المحاصيل المحورة وراثيا أوضح المؤلف أن أهم المخاطر الصحية, احتمالات الإصابة بالسمية والحساسية سواء من الكائنات الميكروبية الدقيقة أو الحاصلات الزراعية واللحوم والدواجن بالإضافة إلي احتمال اكتساب الميكروبات الممرضة للإنسان والحيوان مقاومة للمضادات الحيوية, ومع ذلك, لا توجد دلائل قاطعة حتي الآن علي تعرض صحة الإنسان لمخاطر جراء استهلاك الأغذية المحورة وراثيا المتداولة الآن في الأسواق, وقد وضعت هيئة الدستور الغذائي مباديء لتقدير سلامة الأغذية المنتجة, وتتضمن توجيهات وإرشادات للدول فيما يتعلق بتقييم سلامة الأغذية المحورة وراثيا المنتجة داخل حدودها, كذلك فإن إنتاج اللقاحات والمنتجات الصيدلانية الأخري من الحاصلات العطرية والطبية قد يمثل مخاطر في المستقبل, وفيما يتعلق بالبيئة, توجد مخاوف من النتائج التي يمكن أن تترتب علي نقل الجينات الوراثية من كائن إلي كائن آخر ومدي ثبات هذه الموروثات, ومخاطر ذلك عند انتقالها إلي الكائنات غير المستهدفة, وكذلك احتمال اضمحلال الموروثات, واكتساب الآفات للمقاومة, وظهور أعشاب عملاقة, ودخول الكائنات المحورة وراثيا بشكل عرضي في المنتجات الزراعية. وفي تناوله لتأثيرات الحيوانات المحورة وراثيا ومنتجاتها علي صحة الإنسان قسمها الدكتور نادر نور الدين إلي قسمين أولهما مخاطر قد تلحق بالإنسان نتيجة تناوله منتجات الحيوانات المحورة جينيا, وثانيهما ما ينجم عن التعامل المباشر مع الحيوانات نفسها كالعدوي بالأمراض. وأكد المؤلف أن هناك العديد من الملاحظات حول مدي سلامة الأغذية المنتجة عضويا للاستهلاك الآدمي وكأعلاف نباتية, منها بكتريا القولون التي تعتبر واحدة من أهم مصادر القلق المعلنة خاصة السلالات الفيروسية, والسموم الفطرية مثل الافلاتوكسين, وهي أشهر هذه السموم من الناحية السمية, يمكن أن تتسبب في سرطن الكبد, ولذا من المهم اتباع ممارسات جيدة في الزراعة والمناولة والتصنيع من أجل تقليل احتمالات نمو العفن, ولم تثبت الدراسات أن تناول المنتجات العضوية يؤدي إلي زيادة مخاطر التلوث بالسموم الفطرية, والسماد الأخضر الذي يعتبر من بين المصادر التي يشار إليها للملوثات الجيولوجية الدقيقة. ويطرح الدكتور نادر نور الدين سؤالا في غاية الأهمية للمواطن العربي: هل تتلقي البلدان العربية أغذية محورة وراثيا بإرادتها أو بدونها؟؟؟ ويجيب قائلا: منذ عامين وافقت العديد من الدول الإفريقية علي تلقي بعض الأغذية من الأنواع المحورة وراثيا تحت ضغط الحاجة وقبل أن تثبت سلامة هذه الأغذية من منظمة الصحة العالمية, وهذا الأمر أدي إلي تخوف بعض البلدان العربية من تلقي هذه النوعية من الأغذية المحورة وراثيا والتي قد تظهر أضرارها علي الأجيال التالية وأن بعضها يظهر بعد مرور أكثر من عشرين عاما كما هو الحال في سرطان وأورام المهبل التي ظهرت علي البنات في سن15 20 عاما بعد إنجابهن من أمهات تلقين هرمونات محضرة بالتحور الوراثي, وأن هذا المرض لا يظهر عادة إلا في السيدات بعد سن الثلاثين أو الأربعين, بالإضافة إلي ماسبق فهناك العديد من الدول العربية التي تتلقي معونات غذائية مباشرة مثل الصومال وجيبوتي والسودان الشمالي والسودان الجنوبي وموريتانيا واليمن, والخطير في هذا الأمر أن جميع ما نأكله أو نتداوي به وحتي الفاكسينات والأمصال وصولا إلي الحلوي والسكريات والألبان ومنتجاتها أصبحت تصنع أو تزرع بالتحور الجيني وهو أمر خطير, كما أن أغلب الدول العربية لا تمتلك التقنيات العلمية الحديثة للكشف عن التحور الجيني في الواردات الغذائية والدوائية والتطعيمات وغيرها.