لاتكتفي مصر ذاتيا إلا من الخضراوات والفاكهة والأرز في حين تستورد نحو55% من إجمالي احتياجاتها من الأغذية الإستراتيجية. فمصر تجاوزت وارداتها من القمح5.01 مليون طن سنويا لثلاث سنوات متتالية. وفي الذرة وصلت وارداتنا إلي5.5 مليون طن والتي تجاوزت أسعارها القمح في البورصات العالمية, لأن الولاياتالمتحدة التي تنتج04% من محصول الذرة العالمي حرقت هذا العام نحو721 مليون طنا منها لتحولة إلي إيثانول حيوي. وتنخفض قيمة اكتفائنا الذاتي من الفول لتقل عن03% والعدس52.1%!, والسكر86%, والزيوت8%, واللحوم54% رغم انخفاض استهلاكنا من الأخيرة إلي أقل من خمس معدلات الدول الغنية. (ثم يأتي اكتفاؤنا من الألبان ومنتجاتها لتتجاوز06% بقليل وأكثر قليلا للدواجن, هذه الفجوة الغذائية العميقة التي تكلف الخزانة العامة للدولة أكثر من5 مليارات دولار سنويا لإستيرادها لم تعد مأمونة العواقب في ظل التوسع في تحويل حاصلات الزيوت والسكريات والنشويات إلي وقود حيوي ثم اللجوء إلي اللعب في جينات الحاصلات الغذائية بما لها من أخطار مؤكدة للبعض منها وغير معلومة للبعض الآخر, وجميعها لم يجتز اختبارات السلامة الحيوية للغذاء. تنتج المحاصيل المحورة وراثيا لتجعل نباتاتها أكثر مقاومة للإصابات الحشرية والمرضية خاصة في المناطق الدافئة أو أكثر مقاومة لتأثير مبيدات الحشائش في المناطق الباردة, وهذا هو الإنتاج الأعظم منها والذي يتجاوز59% بما يؤدي إلي زيادة إنتاج العالم من مثل هذه الحاصلات, وخاصة في فول الصويا والذرة وزيت بذور اللفت( الكانولا) والقطن. الخطير في الأمر أنه تعدي الحاصلات الغذائية إلي اللعب في جينات المواشي والأسماك ثم الميكروبات المنتجة للإنزيمات والهرمونات والعديد من المواد المستخدمة في إنتاج الأمصال واللقاحات, وهرمونات تثبت الحمل والميكروبات المنتجة لبادئات منتجات الألبان والألوان الصناعية وزيادة إدرار اللبن في الأبقار وتلك المستخدمة في تصنيع الأيس كريم واللحوم المصنعة والنشا والأعلاف, بحيث لم يتبق أي نشاط حياتي وإلا دخلت فيها الكائنات المحورة ومنتجاتها. ففي بدايات هذا العام نشر في الهند تقرير علمي يثبت أن الباذنجان المحور وراثيا يتسبب في إصابة الإنسان بالسرطان والأورام في أماكن متفرقة من جسمة, وفي الأغنام أدي نقل الجينات التي تشفر لهرمون النمو إلي مشكلات صحية كبيرة أهمها مرض السكري والإضرار بوظائف الكبد والكلي والقلب. أما في الخنازير المحورة جينيا فقد حدثت تشوهات في الأعضاء الداخلية( المعدة القلب الرئتين) وأمراض جلدية, بالإضافة إلي انخفاض الخصوبة. وفي الأسماك المحورة جينيا ذات النمو السريع حدثت تشوهات في رءوسها, وفي أجزاء أخري من الجسم, بالإضافة إلي حدوث أورام, وتغيرات في اللون وتشوهات في الزعانف والفقرات ونمو غير طبيعي في الخياشيم وغياب بعض أجزاء من الجسم. كما لوحظ أيضا تغيرات في السلوك في أسماك السالمون المحورة جينيا مثل النقض الشديد في القدرة علي السباحة بالإضافة إلي تغيرات في السلوك الغذائي. هناك أيضا التخوف من عبور جينات التحور الوراثي للأغذية إلي جينات جسم الإنسان بالإضافة إلي الخوف من تحول العديد من الميكروبات الممرضة إلي ميكروبات مقاومة لتأثير المضادات الحيوية وبالتالي تصبح قاتلة للإنسان. تصل نسبة الذرة المحورة وراثيا في الولاياتالمتحدة والأرجنتين وكندا إلي58% من إجمالي إنتاجها من الذرة ونحن نستورده من هذه الدول. أما فول الصويا فتصل نسبة الإنتاج المحور وراثيا منه إلي09% من الإنتاج العالمي, و59% من إنتاج زيت الكانولا محور وراثيا أيضا وبالتالي فنحن بالتأكيد نستورد زيتا منتجا بالتحور الجيني, حتي القطن قصير التيلة فتصل نسبة التحور الوراثي فيه إلي59% في الدول الصناعية وبما يمثل05% من الإنتاج العالمي, بالإضافة إلي وجود نحو024 معاملة وراثية في القمح وأن اللحوم المصنعة يدخل فيها الصويا ومنتجات محورة وراثيا بنسب تصل إلي-09% منذ عامين وافق العديد من الدول الأفريقية علي أن تتلقي بعض الأغذية المنتجة بالتحور الوراثي من حصتها من المعونات الغذائية الغربية تحت ضغط الحاجة وقبل أن تثبت سلامة هذه الأغذية لتكون حقولا لتجارب الغرب علي الغذاء, وبالمثل أيضا في مصر التي تستورد نصف غذائها من الغرب فإنه يمكن الجزم بأن الأمن الغذائي وسلامة الغذاء وصحة المواطن المصري أصبحت في خطر داهم مادمنا نعتمد علي الغير في توفير ما نحتاجه من غذاء وكساء. المزيد من مقالات د.نادر نور الدين محمد