ظل الموقف البريطانى من إعلان نتيجة التحقيق حول وضع تنظيم الإخوان المسلمين فى بريطانيا, وما إذا كان هذا التنظيم يعتبر جماعة إرهابية، موقفا يغلب عليه التناقض، فبينما كان منتظرا أن يصدر التقرير الذى كلف بإعداده السفير البريطانى فى السعودية، سير جون جينكينز، فى يوليو الماضى، إلا أن إعلانه لم يتم حتى الآن بسبب ما وصفته مصادر صحفية بريطانية بانقسامات داخل الحكومة، حول ما إذا كان يجب القول بأن تنظيم الإخوان له علاقة بالإرهاب. ومن المنتظر الآن أن يذكر التقرير أن الإخوان ليسوا تنظيما إرهابيا، ولا يجب فرض حظر على نشاطهم فى بريطانيا، لكن صحيفة صنداى تليجراف البريطانية، ركزت على تناقضات موقف الحكومة البريطانية فى تحقيق بعنوان "كيف يتوافق وضع الإخوان المسلمين داخل شبكة التطرف"، وقالت نقلا عن مصدر مسئول، أن تقرير سير جينكينز سوف يرفض ما يدعيه الإخوان من عدم وجود دليل على إرتباطهم بالإرهاب، مع أنه توجد إرتباطات واضحة لهم بمنظمات إرهابية، وأن جينكينز سوف يدعو لإتخاذ إجراءات ضد بعض المنظمات المرتبطة بالإخوان ومنها حركة حماس. وقد تم بالفعل الضغط على عدد من هذه المنظمات، بتجميد حساباتها المصرفية. وبسبب الانقسامات المعلن عنها داخل الحكومة، فمن المنتظر نشر ملخص لتقرير جينكينز وليس نشره كاملا، حتى يتفادوا مزيدا من الإنقسامات داخل بريطانيا حول نتائج التقرير. كانت الحكومة البريطانية قد إتخذت إجراءات ضد عدد من الجمعيات الخيرية التى تجمع تبرعات فى بريطانيا، والتى ثبت أنها على علاقة وثيقة بتنظيم الإخوان، وأثيرت إتهامات بأن هذه الأموال تذهب لتمويل منظمات إرهابية فى الخارج، ومع ذلك فإن إمتناع بريطانيا عن إتهام الإخوان بالإرهاب، فى الوقت الذى يتخذون فيه هذه الإجراءات المشددة ضد جمعيات ومنظمات فى بريطانيا مشتبه فى علاقاتها بالإرهاب، وبأن لها علاقة قوية مع الإخوان، وبعضها ترأسه شخصيات إخوانية بالفعل، فإن هذا يظهر مدى التناقض فى الموقف البريطانى. فى نفس الوقت أجرت صحيفة صنداى تليجراف تحقيقا خاصا بها، توصلت فيه إلى وجود عدد من العلاقات الواضحة بين نشاطات الإخوان فى بريطانيا، وبين منظمات مرتبطة بحركة حماس، التى أصبحت الأن محظورة فى دول الغرب، بإعتبارها تنظيم إرهابيا، وأن التنظيمين، الإخوان وحماس، يتقاسمان نفس الأفكار. وأضاف تقرير الصحيفة البريطانية، أن ميثاق تأسيس حماس فى عام 1988، ينص على أن حماس هى أحد أجنحة تنظيم الإخوان، ومع ذلك فإن الحكومة البريطانية تعمدت معاملة حماس والإخوان، وكأنهما منفصلان ولا علاقة لهما ببعضهما. إن الموقف البريطانى يماثل بعض مواقف دول غربية أخرى، خاصة موقف الولاياتالمتحدة فى محاولة نفى تهمة الإرهاب عن الإخوان، بالرغم من إتخاذها موقفا رسميا يعلن أن حماس تنظيم إرهابى. وبالرغم من معرفتهم، ليس فقط بالعلاقة الوثيقة بينهما، بل أيضا بما لا تنكره حماس، من أنها جزء من جماعة الإخوان، وهذا الفصل بينهما، بالإضافة إلى غض النظر عن إرهاب الإخوان، هو أحد الدوافع التى تشجع الإخوان على مواصلة العنف والقتل والتفجيرات فى مصر، والذى يرتكبه أفرادها يوميا ضد المدنيين ويعلنون عن ذلك صراحة فى بياناتهم عبر الإنترنت. إن ما يمنع بريطانيا من إعلان الإخوان جماعة إرهابية، هو العلاقة السرية والمعروفة بين تنظيم الإخوان وأجهزة الأمن والمخابرات البريطانية التى تستخدمها لصالحها، وهو ما سبق أن جاء بوضوح فى وثائق الأرشيف الوطنى الرسمى لبريطانيا. وأن العلاقة بين الأجهزة البريطانية والإخوان، ترجع تاريخيا إلى أبعد من ذلك كثيرا، ومن فترة الخمسينيات، عندما كانت هناك علاقات قوية بين الإخوان فى مصر وبين جهاز المخابرات الخارجية البريطانية MI6 ، وهو ما كشفت عنه الوثائق الرسمية لهذا الجهاز. ومن ضمن ما كان قد إتفقوا عليه هو ما طالبتهم به الحكومة البريطانية من تدبير خطة إغتيال جمال عبد الناصر عام 1954، وهو ما كشف عنه فيما بعد ضباط فى المخابرات البريطانية فى كتبهم التى أصدروها، وذلك ما يجعل إعلان جماعة الإخوان جماعة إرهابية مستحيلا لأنه سيعنى إدانة للأجهزة البريطانية التى تعاونت معها وتآويها منذ منتصف القرن الماضى.