بين ليلة وضحاها.. وضمن أنشطة البرامج الدراسية لطلاب الجامعات.. أصبح أبناؤنا من طلاب الجامعة الألمانية في العاصمة برلين.. يجوبون شوارعها ويتوسطون ميدان غيندار ماركت في مجموعات.. يشاهدون عن كثب عمود النصر.. ويدخلون من الباب الواسع لقصر شارلوتنبورنج.. ويقفون أمام سور برلين، ولكن في لحظات بعينها وقفوا مندهشين عندما رأوا آثارهم المصرية العظيمة ونفرتيتى الجميلة في أحد أعظم متاحفها في برلين.. ورأوا بأنفسهم دهشة العالم الغربى بها، فازدادوا فخرا ببلادهم. كل ذلك حدث في رحلتهم الى برلين، والتي نظمتها الجامعة الألمانية بالقاهرة ولمدة 9 أيام –كورشة عمل- لهؤلاء الطلاب من الشباب ولما سألنا د.آيه ماهر أستاذة الموارد البشرية بالجامعة الألمانية وعضو المجلس الأعلى للثقافة عن هدف هذه الورشة؟.. وما هى الجوانب العلمية والثقافية والخبرات الحياتية التى أضافتها هذه الورشة للطلاب؟ أجابت أن هذه الورشة تعتبر جزءا من النشاط الطلابي للجامعة الألمانية، ويهدف لتعليم طلابنا فى مختلف التخصصات -مثل-، طلاب تكنولوجيا الإدارة، والهندسة والصيدلة، وغيرها أسس وضع نظم لإدارة الموارد البشرية بشكل عملى أو ما يسمى علميا Hands On Experience فى مؤسساتهم بعد تخرجهم، والتعرف على الخبرات الألمانية فى المجال من خلال محاضرات بعض الأساتذة الألمان ومن خلال الزيارات الميدانية لأحدى المؤسسات أو المصانع الكبيرة للتعرف على الآليات الحديثة لديهم, ففى بداية الورشة تم شرح الجانب النظرى لإدارة الموارد البشرية للطلاب ثم تدريبهم على كيفية تصميم نظام متكامل لإدارة الموارد البشرية، حيث تم تقسيم الطلاب إلى مجموعات عمل يتناول كل منهم دراسة حالة لمشكلة متعلقة بالموارد البشرية فى احدى المؤسسات، ثم يعرضون اقتراحاتهم وتوصياتهم بخصوص هذه المشكلة أمام باقى الطلاب لفتح باب المناقشة والمشاركة الجامعية لكى يضعوا السياسات المثلى لها ويصممون النماذج المطلوبة لإدارة هذا النظام بكفاءة، وهذا الجانب العلمى و العملى نفتقده جدا فى مصر ، فغالبا ما نجد مدير مشروع هندسي لنابغ شاب فى مجال الهندسة ولكنه في نفس الوقت لا يستطيع أن يدير مجموعة من العمال بأسلوب علمى من حيث تحديد المسئوليات وتقييم آدائهم من خلال مؤشرات علمية ملموسة أو تحديد نسبة الحوافز لكل فرد طبقا لمستوى أدائه مما ينتج عنه ضعف المنظومة الإدارية ككل، وتدنى مستوى الأداء والإنتاجية لدى هذه المؤسسات، وبالتالى لابد لأي خريج أن يكون ملما بالجانب التقني لتخصصه وبالجوانب الإدارية في نفس الآن لكى يستطيع أن ينجح، أما عن الجوانب الثقافية فى برنامج الورشة خصصنا بعض الأيام لتمكين الطلاب من زيارة بعض المعالم والمتاحف الكبيرة فى برلين مثل ميدان غيندارماركت، وعمود النصر، وقصر شارلوتنبورغ، وسور برلين، أما عن الخبرات الحياتية التى يكتسبها الطلاب فى مثل هذه الأنشطة بصفة عامة فبلا شك أن تبادل الخبرات من أهم الجوانب لتوسيع مدارك الطلاب كل فى مجال تخصصه، والتعرف على الثقافات المختلفة من خلال التحامهم مع الأساتذة أو بعض الطلاب الألمان ، هذا بالاضافة إلى ضرورة استخدامهم اللغة الألمانية لأن الشعب الألماني يعتز جدا بثقافته ولغته ويفرح عندما يجد الأجنبى لديهم يتكلم بلغتهم. دبلوماسي بدرجة سفير وبسؤال د.آيه عن ما هي الجوانب التى لمستها فى الشباب المصري مقارنة بالشباب الأوروبي؟ أجابت الجوانب الإيجابية التى لمستها فى شبابنا المصرى مقارنة بالشباب الأوروبي قد يكون أبرزها -من خلال آراء بعض الأساتذة الألمان الذين دعموا هذه الورشة بخبراتهم ومنهم البروفيسور أخيم " والذى كان ضيف متحدث فى هذه الورشة عن رأيه فى طلاب جامعتنا كنموذج لشبابنا المصري من خلال تدريسه لهم، أبتسم وقال لى "إن الطلاب المصريين من أكثر طلاب العالم فى ذكائهم الاجتماعي ودبلوماسيتهم وفى التعامل مع الآخرين، فالطالب المصرى لماح ومهذب جدا و دبلوماسي بدرجة سفير، فهو مفاوض بارع ويستطيع أن يحصل على ما يريده بأدب وبخفة ظل وبمهاراته فى التواصل مع الغير ويرجع ذلك لأن مصر كانت دائما مركزا للثقافات المختلفة من خلال المترددين عليها من العالم لحضارتها وتاريخها العريق، وأضاف د.أخيم فالشاب المصري مناضل ومثابر ولايكل حتى يصل لهدفه وهو غيور أيضا جدا على بلده ". ود.آيه وتتفق مع رأي البروفيسور أخيم وتضيف قائلة: إن شبابنا من أكثر الشباب المحب للناس فهو اجتماعي ودافئ بدرجة كبيرة وقد يكون عكس بعض الشباب الأوروبي فى بعض الدول الإسكندنافية حيث يقل لديه الشعور بالدفء الانسانى نظرا لطبيعة الجو البارد، بالإضافة إلى ذلك دائما ماألمس في الشباب المصرى طيبة وجدعنة أهل البلد، واعجابى به يزداد كلما رأيت الطلاب يتعاملون بتلقائية مطلقة حين يقومون بمساعدة زملائهم من الطالبات بحمل حقائب سفرهن أو بتخليص إجراءات السفر بدلا عنهن بالمطارات المختلفة، أو فى توزيع الأوزان الزائدة من حقائب زملائهم على حقائبهم أو الاطمئنان على بعضهم البعض فى أثناء التجول فى مدينة برلين، وأعجبني أيضا أن ظل التواصل بين الطلاب والأساتذة من خلال Whtsap فى أثناء برنامج الورشة فى برلين كوسيلة للتواصل الدائم حتى بعد انتهاء برنامج الورشة، فكل هذه المشاعر الإنسانية الرائعة والراقية تكشف الكثير من الجوانب الإنسانية الدفينة فى شبابنا المصرى وتظهر الشعور بالمسئولية تجاه الآخرين -كالعائلة الواحدة- وان كنا لا نكتشف مثل هذه الزاوية الجميلة في روحهم مع زحمة الحياة فى بلدنا. وفى سؤال أخيرد.آيه هل تعتقدين أن انخراط شبابنا على الثقافات المختلفة له من الايجابيات أم أن له سلبياته ؟ طبعا.. أن الدروس المستفادة من الأنشطة الطلابية التى تشجع التبادل الثقافى كثيرة لأنها تسهم فى بناء وتطوير شخصيتهم واكسابهم مهارات وخبرات حياتية لا حصر لها، والأهم من ذلك يكسبهم مهارات التعامل مع الجنسيات المختلفة أو ما يسمى Exposure فالتصرف وقت الأزمات هو أمر مطلوب جدا لسوق العمل فى المرحلة المقبلة للانفتاح الاقتصادي فى مصر.