مصر تبكى ..مصر تئن.. مصر تنزف.. مصر فى صدرها رصاصة تتحرك، تتغلغل فى جسدها الطاهر فيسيل دمها صانعا خريطة من الأحزان والدموع التى لا تجف، أنه دم أروع أبنائها وأجمل شبابها وأفضل جنودها .. وكلما جف الدم فى بقعة من جسدها عاد ليتفجر فى مكان جديد، وكان آخر هذه الدائرة الجهنمية مجزرة استاد الدفاع الجوى حيث سقط 22 من زهرة شبابها المتطلع للحياة، فمنذ 25 يناير 2011 والرصاصة فى صدر مصر لا تغادره. لقد تفجرت الدماء وسقط الضحايا على جسد مصر من ميدان التحرير ومحمد محمود لميدان العباسية، ومن وزارة الدفاع لمجلس الوزراء، ومن ميدان النهضة ورابعة لميدان طلعت حرب وعبد المنعم رياض، ومن السويس إلى الإسكندرية والبحيرة والدقهلية، ومن استاد بورسعيد وسيناء إلى الإسماعيلية وأسوان، الرصاصة تتحرك فى صدرها حتى فى الجامعات والمعاهد والمدارس. وتظل مصر ذات الحضارة الخالدة أمة عامرة حتى قيام الساعة، لايمكن قتلها برصاصة ولا بملايين الطلقات والقنابل، لأنها ستبقى شامخة بإرادة الله الحافظ لها، إنها مصر التى قال عنها شاعرنا الكبير حافظ إبراهيم: أنا إن قدر الإله مماتى .. لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدى، إن أوجاع مصر لن تصيب محيطها العربى والأفريقى فقط، بل ستنال الشرق كله. ومصر الآن تبتهل لأبنائها أن تمتد يدهم بإخلاص وقوة لنزع هذه الرصاصة، التى تنشر الموت فيها بالشوارع والكبارى، بالتجمعات والمظاهرات والأكمنة والملاعب والمساجد، حتى فى الاحتفالات والأفراح، فالرصاصة مازالت تتحرك وتهدر دماء أعز أبنائها وأغلى شبابها. مصر تصرخ فينا: هذه الرصاصة فى صدرى تحرمنى من التنفس، تمنعنى من التقدم، من الوقوف على قدمى، إن الرصاصة لاتزال تمزق صدرى، فيا 90 مليون مصرى، يا كل أبنائى تحركوا أنقذونى، أنزعوا هذه الرصاصة اللعينة، لأنكم لن تتحملوا كارثة أن تمتد هذه الرصاصة القاتلة من صدرى لتخترق قلبى. لمزيد من مقالات د.عبد الغفار رشدى