تحت عنوان "العرب بين مآسى الحاضر وأحلام التغيير.. أربع سنوات من الربيع العربى" صدر التقرير العربى السابع للتنمية الثقافية الذى تصدره سنويا مؤسسة "الفكر العربي". ويقع التقرير فى 784 صفحة، ويحمل بين دفتيه عددا من الدراسات والأبحاث التى أعدها نخبة كبيرة من المثقفين من مختلف بلدان الوطن العربي، ويركز هذا العدد على إلقاء نظرة "بانورامية" على الظاهرة المسماة ب"الربيع العربى". ولأن مؤسّسة الفكر العربيّ تؤمن بأنّ ليس هناك أسمى من العمل على خدمة قضايا الأمّة ومستقبلها - وهي الغايةُ التي تصبو إليها مبادرة التضامن بين الفكر والمال التي قامت عليها المؤسّسة - يتّضح الآن أنه لا يوجد ما هو أكثر أهميّةً وضرورةً وإلحاحاً اليوم، وقد بات مستقبل العرب هو مصيرهم بالذات من العكوف من العكوف على دراسة الأوضاع الناشِئة عن تحوّلات أحداث "الربيع العربى". ويتألف التقرير من ستة وخمسين بحثا، توزعت على ستة أبواب مستقلة ولكنها متكاملة، حيث تُعنى كلها بتوصيف وتحليل واستشراف ظاهرة شكلت مفصلا تاريخيا للعرب بأسرهم، وهو ظاهرة ما سُمى ب"الربيع العربي، وذلك بعد أربع سنوات من أحداثه ومضاعفاتها، وقد جاء التقرير متضمنا الأبواب الستة التالية: الباب الأول: "الأحداث وتحولاتها فى تونس، مصر، ليبيا، اليمن، سوريا ويتضمن قراءة الأحداث وتحولاتها من خلال مجراها المباشر فى بلدان الربيع العربي "تونس، مصر، ليبيا، اليمن، سوريا" فى كل بلد على حده، وما شهدت من تغييرات فى أنظمتها السياسية وفى بنيتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والإطلالة على المشكلات البنيويّة التي تواجهها هذه البلدان وخلفيّاتها الثقافيّة مثل الاستبداد والديكتاتوريّة والفساد والفقر والبطالة والقمع والطائفيّة، والمذهبيّة وغيرها من المشكلات التى تشهدها المرحلة، ويضم هذا الباب خمسة أبحاث يتناول كل بحث منها بلد من البلدان. الباب الثانى: قراءات معرفية تخصصية فى الربيع العربى ويتضمن قراءة "الربيع العربي" من منظورات معرفية وعلمية مختصة، على المستويات الثقافية والسياسية والاقتصادية والأنثروبولوجية والسوسيولوجية والعسكرية والفلسفية والدينية والمجتمعية والتكنولوجية. ويقدم هذا الباب قراءة "أفقية" لظاهرة الربيع العربى، ويتيح الكشف لا عن الموروثات التى تحملها بلدان الربيه فحسب، بل عن موروثاتنا كعرب، القديم منها والجديد، تلك المتلبسة بالثقافة والتراث أو تلك المتداخلة بالحداثة، ويعرض لقضايا شائكة، مثل: هل شهدت هذه البلدان ثورات أم انتفاضات؟ وهل ما جرى فيها هو ربيع حقا أم خريف؟ وما هو دور البطالة والوضع الاقتصادى ووسائل التواصل الاجتماعى والشباب والمرأة فيما حدث؟ وهل ثمة مؤامرة حيكت استكمالا لمشروع المحافظين الجدد الأمريكيين وإدارة الرئيس بوش الابن فيما عُرف بمشروع الشرق الأوسط الكبير؟ وغير ذلك من النقاط الشائكة التى استوفى التقرير بحثها. الباب الثالث: ترسيمات رؤيوية لمستقبل الوطن العربي ويتضمن قراءة استشرافية فى مآلات الربيع العربى اضطلعت بها مجموعة من كبار الكتاب والمحللين الرؤيويين العرب للتبصر فى التحولات المستقبلية لهذا "الربيع" وفى انعكاساته على الدول العربية كافة. الباب الرابع: وجهات نظر خليجية فى الثورات العربية ويعرض استشراف مآلات هذا الربيع والتبصر فى تحولاته المستقبلية وفى انعكاساته على دول مجلس التعاون الخليجى (المملكة العربية السعودية – سلطنة عمان – الكويت – البحرين – الإمارات – قطر). الباب الخامس: ربيع العرب فى مرآة الخارج الإقليمى والدولى ويضم الأبحاث والدراسات التى تناولت "الربيع العربى" فى مرآة الخارج الإقليمى (تركيا – إيران – إسرائيل) والدولى (الولاياتالمتحدة – روسيا – بريطانيا – فرنسا – ألمانيا – اليابان – الهند) من خلال أبرز ما ظهر فى الإعلام وما نشر فى الصحافة على أنواعها وفى المجلات الأكاديمية، وما صدر من كتب عن دور النشر وماركز البحوث، سواء العربية منها أم الإقليمية أم الدولية. الباب السادس: الربيع العربى فى مرآة النتاج الثقافى والأدبى والفنى انطوى على قراءة للأحداث من خلال النتاج الفكرى والثقافى العربى والأجنبى والذى تجلى فى نتاج الأدباء والفنانين فى مختلف ميادين الأدب والفن، من رواية وشعر وفن تشكيلى وجرافيتى وسينما ومسرح، كما أُلحقت بهذا الباب مادة غزيرة لببلوجرافيا موسعة وشارحة لأهم الأعمال حول الربيع العربى باللغات الثلاث العربية والفرنسية والإنجليزية. ويقول هنرى العويط المدير العام لمؤسسة الفكر العربى: لقد طرح ترابط أبواب هذا التقرير وتكاملها، على الرغم من الاستقلالية البادية لكل باب، أسئلة كثيرة صبَّ كل واحد منها فى مجرى التقرير بكامله، وتولدت من هذه الأسئلة خلاصات تؤكد هذا الترابط، فلئن بينت قراءة النتاج الفكرى لظاهرة "الربيع العربى" مثلا تحول موضوعات الكتابة عن هذا "الربيع العربى" بوصفه ثورة، إلى الكتابة عنه بوصفه ساحة صراعات وحروب طغت عليها مصالح الدول الخاجة، فإن قراءة الربيع العربى فى مرآة الخارج الإقليمي والدولي تتصادى مع تلك القراءة، وذلك حين يظهر أن الغرب ليس كتلةً واحدةً، لأنّ ثمّة مفكّرين وفلاسفة وعلماء اجتماع وسياسة غربيّين عملوا في نصوصهم على تعرية خطاب الهيمنة الغربيّة، في حين أنّ ثمّة نظرة مغايرة استشراقيّة واستعلائيّة، مكرَّسة في نصوص كبار المحلّلين الاستراتيجيّين في الدوائر الغربية الرسميّة ومراكز بحوثها تلتقي بخطابات الشخصيّات اليهوديّة النافذة في الدول الغربيّة، الأكثر تأييداً وخدمةً للكيان الصهيوني من الإسرائيليّين أنفسهم.