تعرضت الجولة الجديدة للمفاوضات بين القوى السياسية اليمنية، التى انطلقت أمس فى صنعاء برعاية الأممالمتحدة، لضربة قوية عقب إعلان عبد الله نعمان أمين عام "التنظيم الوحدوى الشعبى الناصرى" انسحابه منها، وذلك بعد تهديدات تلقاها من ممثل جماعة الحوثيين فى الاجتماع، حسب قوله ودون أن يوضح طبيعتها. وكان التنظيم الناصرى أحد مكونات تكتل اللقاء المشترك لأحزاب المعارضة، قد انسحب يوم الأحد قبل الماضى من المفاوضات، بسبب عدم التزام الحوثيين بالانسحاب من العاصمة صنعاء. ومن ناحية أخرى، دعا شباب الثورة السلمية جميع القوى السياسية إلى إنهاء ما وصفوه باحتلال ميليشيات الحوثيين للمنشآت والمناطق فى صنعاء والمدن اليمنية قبل أى تفاوض، لأن ذلك يشرعن الاحتلال - حسب تعبيرهم. وطالب النشطاء وشباب الثورة فى اليمن بالاستمرار فى المظاهرات والفاعليات المناهضة لممارسات الحوثيين، حتى سقوط ما وصفوه بالانقلاب. وفى القاهرة، رفض الدكتور نبيل العربى الأمين العام لجامعة الدول العربية توجيه كلمة للحوثيين، مؤكدا أن الجامعة لا تعترف إلا بشرعية الرئيس هادى منصور وحكومة خالد بحاح، وأعرب عن أمله أن يؤدى الحوار بين الاطراف اليمنية للخروج بنتائج ملموسة وجيدة تؤدى إلى ان تعود الامور إلى وضعها الطبيعى، مضيفا ان هناك اتصالات نجريها على مدار الساعة مع الحكومة اليمنية ومجلس التعاون الخليجى فى هذا الاطار. وفى الوقت نفسه، أكد الرئيس اليمنى المستقيل عبدربه منصور هادى إصراره الكامل على الاستقالة من منصبه. ونقلت وكالة الأنباء اليمنية "سبأ"، تأكيد هادى خلال لقاءاته فى منزله، أن "الاستقالة التى قدمها لمجلس النواب كانت نهائية ولا مجال للتراجع عنها، لأن الظروف السياسية الصعبة لم يعد بالإمكان العمل معها بصورة طبيعية . ويتوقع مراقبون أن تنتهى المفاوضات إلى عدم التوصل إلى حل فى ظل تباين مواقف القوى، والذى زاد تطرفا من قبل جماعة الحوثيين بإعلان دستورى ينظم المرحلة الانتقالية، ويضع حكم البلاد تحت تصرف اللجنة الثورية العليا برئاسة محمد على الحوثى أحد أقارب عبد الملك بدر الدين الحوثى زعيم أنصار الله، وبدأت اللجنة فى اتخاذ إجراءات على الأرض لإنشاء مؤسسات للحكم والدعوة إلى تشكيل المجلس الوطنى، الذى سيكون بمثابة برلمان يعين مجلسا رئاسيا وحكومة تسير البلاد فى المرحلة الانتقالية التى تستمرعامين غير عابئين بالقوى السياسية . وأوضح جمال بن عمر فى تصريحات له بصنعاء، وهو يعلن موافقة القوى على استئناف المفاوضات، أنه تواصل مع عبد الملك الحوثى والأطراف السياسية واتفق على استئناف المفاوضات، لكنه لم يذكر على أى أساس ستستأنف هذه المفاوضات، والتى كانت قد وصلت إلى طريق مسدود مساء الخميس الماضى . وحسب مراقبين فإن جماعة الحوثيين لن تتنازل عن أى مكاسب قد حققتها من خلال فرض الأمر الواقع بالقوة،كما لن تتنازل عن الإعلان الدستورى وستصر على استمراره وتعديله فى أحسن الأحوال، فيما ترى الأحزاب الأخرى وعلى رأسها التجمع اليمنى للاصلاح "الاخوان" وأحزاب اللقاء المشترك المتحالفة معه، أن تبدأ المفاوضات من حيث انتهت، وهو ما يشكل موضعا للاختلاف الذى قد يؤدى إلى فشل المفاوضات قبل أن تبدأ. ويبدو أن جماعة الحوثيين قد وافقت على استئناف المفاوضات تحت وطأة الضغوط الإقليمية والدولية، التى رفضت الإعلان واعتبرته انقلابا على العملية السياسية، كما أنها قامت بزيارات لعدد من سفارات الدول لطمأنتهم، ولكن رد الفعل جاء مخيبا لهم فرأوا أن يناوروا بالموافقة لتخفيف هذه الضغوط، بالاضافة إلى الرفض الداخلى القوى لما قاموا، به خاصة من المحافظات الجنوبية التى تهدد بالانفصال عن صنعاء وعدم التعامل معها. وعلى الرغم من موافقة الحوثيين على استئناف المفاوضات، يبدو أنهم ماضون فى الترتيبات للمرحلة الانتقالية بتعيينات فى المناصب القيادية بالمؤسسات المهمة، وأعلنوا فتح الباب أمام أعضاء مجلس النواب للانضمام إلى المجلس الوطنى القادم، لأن الإعلان الدستورى ينص على إمكانية انضمام أعضاء مجلس النواب إلى المجلس الوطنى، وجاء الرد حاسما من جانب حزب المؤتمر الشعبى العام - برئاسة الرئيس اليمنى السابق على عبد الله صالح - الذى يتمتع بالأغلبية فى النواب أنهم لن ينضموا إلى هذا المجلس، كما أن القائم بأعمال وزير الداخلية أصدر منشورا للأمن، أكد فيه عدم السماح بأى مظاهرات إلا بتصريح مسبق نظرا لخطورة الأوضاع الحالية فى البلاد.