لابد أن أسجل امتعاضى من تلك الخزعبلات التى ترددت فى الأيام الأخيرة على ألسنة من يزعمون أنهم خبراء ومحللون. إن هذا الكلام السطحى الساذج لا يعبر إلا عن قائليه الذين يجهلون تاريخ العلاقات بين مصر والسعودية منذ تأسيس المملكة على يد الراحل العظيم الملك عبد العزيز قبل نحو قرن من الزمان مثلما يجهلون شخصية الملك سلمان ومدى حبه وعشقه لمصر الذى كنا نلمسه على الدوام عندما كان أميرا للرياض وتتاح لنا الفرصة للجلوس معه والحديث إليه على هامش الزيارات الرئاسية الرسمية للعاصمة السعودية. أى خبل وأى عبث وأى استهتار بالمصلحة الوطنية المصرية العليا والرقص - دون وعى - على أنغام أبواق الجماعة المحظورة التى هللت بشماتة وقحة لرحيل الملك عبدالله وتحدثت عما اسمته بداية نشوء محور إقليمى جديد يضم السعودية وقطر وتركيا مستشهدة فى ذلك بوصول أردوغان وتميم للمشاركة فى جنازة الملك عبد الله التى غاب عنها رئيس مصر ورئيس دولة الإمارات. لقد ذهب أحدهم فى التحليل العشوائى على إحدى فضائيات القاهرة إلى الزعم بأن السعودية سوف تهبط بحجم مساعداتها لمصر إلى النصف وأن ذلك التراجع سيظهر بوضوح فى المؤتمر الاقتصادى فى شرم الشيخ وأن دليله على ذلك توافر معلومات لديه بمحاولات سعودية للصلح بين الدولة المصرية والجماعة المحظورة.. بل إنه توقع أن يؤدى ذلك إلى عودة مصر للانكفاء على نفسها والاستسلام للتبعية وهو ما يعنى تقزيم مصر والقضاء على ما سماه كل مكاسب الثورة... وذلك هراء ممتزج بسذاجة سياسية تخلو من الإدراك بأن علاقات البلدين ليست مرتبطة بمساعدات يقدمها هذا الطرف لشقيقه أو العكس! ورغم أن السياسة علمتنا أنها ليست فيها ثوابت باعتبارها عنوانا للمتغيرات والتحولات فإن العلاقات القوية والراسخة بين مصر والسعودية تمثل استثناء تاريخيا وكما يقولون فى علم النحو باللغة العربية فإنها قاعدة لا يقاس عليها لا يخضع فيها المبتدأ والخبر لمعايير الرفع والنصب وإنما هى مثل بصمة الإصبع لا تتغير ولا تتبدل! خير الكلام : شعارنا المشترك والمتبادل... رب أخ لك لم تلده أمك! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله