أثارت الأحداث الأخيرة التى شهدتها منطقة المطرية بالقاهرة علامات استفهام عديدة حول التركيبة الاجتماعية للمنطقة، وخاصة أن هناك تجمعات ظهرت بشكل لافت للجماعة الارهابية ، فى محاولة للدخول فى صدام مع الدولة يعكس أهدافا غير واضحة، وربما يدفعنا هذا للتساؤل ، لماذا حى المطرية تحديداً ، وهل لأنها من نقاط التمركز التقليدية للإخوان ، وهل هى الباب الخلفى لاستقبال المتطرفين من محافظات أخري. الاحداث تفرض علينا التوقف قليلاً والتدقيق بعمق أمام الصورة التى نشاهدها ونتابعها فى حى المطرية والتحليل السياسى والاجتماعى لبعض الخارجين عن القانون فى هذه المنطقة. يقول مختار نوح، نائب البرلمان السابق عن المطرية، أن هناك أسباباً دفعت متظاهرى تنظيم جماعة الإخوان للهروب إلى ميدان ومنطقة المطرية، موضحا أن تلك المنطقة تعد أحد أكبر معاقل التنظيم والتيارات السلفية والجهادية، الأمر الذى يُمكن جماعة الإخوان من حشد أنصارها من تلك التيارات فى جميع التظاهرات بكل سهولة. وأوضح القيادى الإخوانى السابق أن منطقة المطرية لها طابع عشوائى الأمر الذى يسهل لأعضاء الجماعة الإرهابية الهرب والاندساس فى تلك المناطق بكل سهولة فى أثناء ملاحقة الأمن لهم، مشيرا إلى أن جماعة الإخوان تستغل الموقع الجغرافى لمنطقة المطرية والمنافذ الموجودة بها للهروب من ملاحقات الأجهزة الأمنية خلال التظاهرات. وأضاف أن أهالى منطقة المطرية يجمعون حالياً توقيعات لتفويض وزير الداخلية فى اتخاذ الاجراءات ضد المناطق العشوائية فى المطرية والتى تضم عددا من البؤر الارهابية. وكشف بأن الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، عن أن منطقة المطرية منذ الثمانينيات والتسعينيات وهى معقل للجماعات الجهادية ومعروف أن بعض هذه الجماعات تتخفى خلف جماعة الإخوان الإرهابية وهى تعلن عن نفسها بالتوجهات الجديدة للجماعة بالتحول نحو العنف. واوضح أن الجماعة تريد خلق بؤرة جديدة كمنطقة رابعة العدوية بعد ان فشلت فى تحريك المشهد السياسى وخسارتها الدعم الدولى التى كانت تضع آمالا كبيرة عليه. وأضاف الباحث فى شئون الحركات الإسلامية أن طبيعة المكان وتوجهات الجماعة التى تسعى للتصعيد تحول جميع هياكل الجماعة للقرار الثورى بما يعنى صدور قرار إستراتيجى من قيادات الجماعة فى الخارج بالاتجاه نحو العنف ويتفق الباحث السياسى سامح عيد إن منطقة المطرية تضم نسبة كبيرة من الطبقة المتوسطة القادمة من الصعيد والتى مثلت الشريحة الاجتماعية الكبرى خلال العقود الثلاثة الماضية. وتابع عيد أن تلك الجماعات الاسلامية ملأت الفراغ الذى قصرت فيه الدولة عن طريق تقديم الخدمات والمعونات التى تحتاج إليها الأسر الفقيرة، مشيرا إلى أن قدرة المحافظات على حدود القاهرة مثل القليوبية والفيوم تعطى فرصة أكبر لإرهاق الجهاز الامنى وتمدد العناصر الإرهابية مما يجعلها بعيدة عن الملاحقات الأمنية. وأكد الدكتور سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع السياسى أن منطقة المطرية تضم نحو 600 ألف نسمة من أقباط ومسلمين وبها شجرة العذراء المقدسة وتشبه منطقة المنيرة الغربية التى ظهر فيها الشيخ جابر الطبال المنتمى لتنظيم الجهاد واحتفلوا بمقتل السادات وقامت القوات الأمنية بمحاصرتها لمدة 13 يوما ولم تستطع الدخول نظرا لطبيعة المنطقة وكثرة العشوائيات والحوارى الضيقة بها مما يصعب من سيطرة الأمن عليها، مشيرا إلى أن ما يشهده العديد من المناطق العشوائية بسبب إهمال دام لأكثر من 30 عاما، موضحا أن منطقة المطرية منفتحة على حدود محافظتى الشرقيةوالقليوبية ولديها منافذ للهروب مما يجعل سيطرة الأمن عليها مستحيلة مقارنة بالمناطق الأخري. وأضاف صادق أن المطرية قريبة من عين شمس والتى يوجد بها تنظيم الإخوان بكثرة الذين تربوا على السمع والطاعة وتنفيذ الأوامر، وعندما صدرت لهم تعليمات بالتظاهر من قياداتهم، بالخارج قاموا بالتنفيذ لتحقيق أكثر من هدف أولها ضرب المؤتمر الاقتصادى المزمع عقده فى مارس القادم والثانى إفشال الانتخابات البرلمانية، أما الثالث فمنع الانفجار الداخلى للتنظيم لمنع محاسبة كوادر الجيل الثانى والثالث للقيادات الهاربة. وأوضح أستاذ علم الاجتماع السياسى أن هناك أجهزة استخبارات عالمية ودولية تدعم تنظيم الإخوان بقوة مبالغ فيها وأن الإعلام فى تركيا وقطر هما الركيزة الأساسية لدعم الإخوان فى مصر، مؤكدا أن الإخوان مشروع استخباراتى عربى منذ نشأته ليكون حصان طروادة داخل مصر لإحداث الفتنة، مثل مشروع استيطان اسرائيل بالخارج لتقسيم الوطن العربي، وعندما هربت قيادات الجماعة خرجوا إلى الدول التى تدعمها مثل تركيا وقطر ولندن. وأشار إلى أن المشكلة الرئيسية فى مصر هى الانفجار السكانى حيث تتم إضافة 2.6 مليون نسمة سنوياً و10 ملايين كل 5 سنوات وهناك 18 مليون مواطن يعيشون فى العشوائيات فى كافة أنحاء الجمهورية ونصيب القاهرة منها 5 ملايين، مضيفا أن المقابر يعيش بها مليونا شخص وأن اعلى نسبة بطالة فى تلك العشوائيات حيث انهم يعيشون تحت خط الفقر. ويرى صادق أن الحل على المدى القصير هو تطهير المناطق العشوائية بسرعة من خلال عملية محترفة داخل المناطق العشوائية ووضع خطط خمسية لتطوير تلك المناطق التى تعانى الفقر والأمية، وأن تقوم الدولة بدورها فى تقديم خدمات صحية واجتماعية وتعليمية وثتقيفية لأهالى هذه المناطق حتى لا تترك فراغاً يستغله جماعة الاخوان الارهابية التى احترفت هذه الأعمال على مدى الأعوام الثلاثين الماضية للسيطرة على الشباب وتجنيدهم لتحقيق أهدافهم. وقال العميد خالد عكاشة الخبير الأمني: إن الجهاز الأمنى نجح فى التصدى للعديد من الأعمال الإرهابية فى أثناء إحياء الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير، مشيراً إلى أن جماعة الإخوان كانت تخطط لافتعال مذبحة فى حى المطرية مؤكدا أن مصر أثبتت أنها أقوى من الإرهاب وأن الأمن تعامل بحكمة وسيطر على الشوارع والميادين التى كان بها تجمعات لعناصر الجماعة الإرهابية. وأوضح عكاشة أن جماعة الإخوان كانت تخطط من أجل الإيقاع بين الشرطة والشعب عن طريق إسقاط عدد كبير من الضحايا سواء كانت فى صفوف الشرطة أو المواطنين خلال مظاهرات المطرية مشيرا إلى أن اختيار جماعة الاخوان الإرهابية لمنطقة «المطرية « ملاذاً لمظاهراتهم خلال الآونة الأخيرة نظرا لكونها منطقة شعبية مكتظة بالسكان، الأمر الذى يسهل عليها الهروب من مطاردات الاجهزة الأمنية.