بعد نجاحها فى عبور أزمات عنيفة ضربت دول المنطقة والعالم خلال السنوات القليلة الماضية، فإن المملكة العربية السعودية فى ظل عهدها الجديد تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ستعمل على مواصلة دورها الريادي ، والعمل على حل العديد من القضايا والملفات الداخلية والخارجية. وفى مقدمة هذه القضايا الإرهاب، الذي يزلزل الدول العربية جميعا من الخليج إلي المحيط، إضافة إلى مخاطر التجزئة والتقسيم فى العراق وسوريا ولبنان وليبيا وسائر الدول العربية، فضلا عن الوضع الخطير فى اليمن وضرورة ترتيب البيت الخليجى ، والسير قدما بالأوضاع داخل المملكة. تعد المملكة العربية السعودية من أوائل الدول التي أكدت رفضها الشديد وإدانتها للإرهاب بجميع أشكاله وصوره. ووقفت المملكة بقيادة الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز موقفاً حازماً وصارماً ضد الإرهاب بكل أشكاله وصوره على الصعيدين المحلي والدولى. وقد عانت المملكة من أعمال العنف والإرهاب ولا مكان وكان اخر تلك الاعمال ما تعرضت له الدورية الأمنية على الحدود الشمالية فى منطقة عرعر وسقط ضحيتها رجلا أمن واصيب آخر وهو الحادث الذى أدانته مصر وكافة الدول الرافضة للإرهاب . فى هذا الاطار وضعت المملكة خطة استراتيجية للتعامل مع تحدى ظاهرة الإرهاب لأصحاب الفكر المتطرف سواء من خلال النصيح والارشاد أو التشريع والقضاء، فعلى مستوى القضاء , تم إنشاء محكمة خاصة للنظر في قضايا الإرهاب تحت مسمى المحكمة الجزائية المتخصصة , كذلك استحداث دائرة مختصة بهيئة التحقيق والإدعاء العام تحت مسمى" دائرة قضايا أمن الدولة " لتتولى التعامل مع مثل هذه القضايا وتوفير جميع الضمانات التي توفر للمتهمين في قضايا الإرهاب وتمويله محاكمة عادلة. وفي الاتجاه الوقائي, تعددت جهود المملكة في مكافحة الإرهاب , بدءا من برامج توعية طلاب المدارس والجامعات بخطورة الأعمال الإرهابية وحرمتها في الإسلام, كما ركزت على تعزيز الأمن الفكري وخصصت يوماً دراسياً كاملاً خلال العام الدراسي لإقامة معرض في كل مدرسة للبنين والبنات عن الإرهاب والأعمال الإجرامية التي ارتكبها أرباب الفكر التكفيري وما نتج عنها من قتل للأبرياء وتدمير للممتلكات ومقدرات الوطن , نظراً لأن ظاهرة الإرهاب جاءت نتيجة لأفكار منحرفة اعتمدت المملكة في جهودها لمكافحة هذه الظاهرة مبدأ مواجهة تلك الأفكار بضدها من خلال الحوار والمناقشة فكان إنشاء ( مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية ) بهدف كشف الشبهات وتوضيح المنزلقات الفكرية التي يتبناها أصحاب الفكر المنحرف الذي يقود إلى الإرهاب من أجل إعادة الموقوفين إلى رشدهم وتصحيح مفاهيمهم من خلال الاستعانة بعلماء الشريعة والمختصين في العلوم الاجتماعية والنفسية والمثقفين ورجال الأعمال وإتاحة الفرصة لهم لمقابلة هذه الفئة ومناقشتهم بكل حرية والرد على شبهاتهم وانتهاج أسلوب الحوار والإقناع مع بعض إتباع هذا الفكر , وتغيير الكثير من القناعات السابقة لديهم وعرض هذه التراجعات عبر وسائل الإعلام . بالإضافة إلى إنشاء الكراسي العلمية التي تعنى بالأبحاث المتعلقة بالإرهاب في عدد من الجامعات السعودية وفي مقدمتها كرسي الأمير نايف لدراسات الأمن الفكري وتشجيع الجهات المختصة على طباعة الكتب والنشرات وإصدار الأشرطة التي تدحض الأفكار المنحرفة وتكثيف أنشطة رعاية الشباب والاهتمام بهم وتحصينهم من الاختراقات الفكرية ونوازع الغلو . وأصدرت المملكة جملة من الأنظمة والتعليمات واللوائح لاستخدام شبكة الانترنت والاشتراك فيها بهدف مواجهة الاعتداءات الالكترونية والإرهاب الالكتروني. كما عملت الدولة عبر أجهزتها الرسمية على تجفيف منابع الإرهاب واجتثاث جذوره من خلال إعادة تنظيم جمع التبرعات للأعمال الخيرية التي قد تستغل لغير الأعمال المشروعة وقامت بإنشاء هيئة أهلية كبرى تتولى الإشراف والتنظيم على جميع الأعمال الإغاثية والخيرية بهدف تنظيم عمل تلك الهيئات وعدم السماح لذوي النوايا والأهداف الشريرة باستخدام الهيئات الإنسانية لأعمال غير مشروعة . وقد كان لهذه العناصر انعكاسات ايجابية على أرض الواقع بتحقيق رجال الأمن نجاحات كبيرة ضد هذه الفئة الضالة وإفشال أكثر من 95% من المخططات الإرهابية قبل تنفيذها , والوصول إلى عدد من الخلايا النائمة وتلك التي توارت تحت ضربات رجال الأمن للفئة الضالة . وعلى المستوى المحلي, اعتمدت المملكة إستراتيجية شاملة لمحاربة الإرهاب, وحرصت على أن تشارك جميع مؤسسات المجتمع في تنفيذ هذه الإستراتيجية , كل في مجال اختصاصه , ونجح علماء المملكة في إيضاح منافاة الإرهاب لتعاليم الإسلام. ويبقى أن المملكة فى عهدها الجديد بقيادة خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز سوف تسير على نفس نهج الراحل الملك عبدالله فى الحرب على الارهاب والقضاء على الفكر المتطرف .