يعتبر الكثيرون أن البرلمان القادم هو الأخطر والاهم فى مصر، فهو الذى سوف يقود الوطن الى " الدولة المدنية الحديثة " وذلك لن يتأتى الا بثورة تشريعية تواكب أحلام وطموحات المصريين فى غد أفضل ، ولذلك يسمى البعض البرلمان القادم برلمان التشريعات " ولكن لابد من الانتباه الى أن هناك بوادر أزمة دستورية ستواجه مجلس النواب فى أول 15 يومًا لانعقاده، وعلى الجميع أن يدرك أهمية ذلك لدراسة هذه المعضلة ومحاولة " التحسب " لها بوضع الحلول المناسبة من الآن. المستشار أحمد عاشور رمضان بهيئة قضايا الدولة بقنا يوضح أبعاد هذه الأزمة بقوله " إن المادة 156- - من الدستورالحالى نصت على، أنه إذا حدث فى غير دور انعقاد مجلس النواب ما يوجب الإسراع فى اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، يدعو رئيس الجمهورية المجلس الى انعقاد طارىء لعرض الأمر عليه، وإذا كان مجلس النواب غير قائم ، يجوز لرئيس الجمهورية إصدار قرارات بقوانين، على أن يتم عرضها ومناقشتها والموافقة عليها خلال خمسة عشر يومًا من انعقاد المجلس الجديد، فإذا لم تعرض وتناقش أو إذا عرضت ولم يقرّها المجلس زال بأثر رجعى ما كان لها من قوة القانون، دون حاجة إلى إصدار قرار بذلك، إلا إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها فى الفترة السابقة أو تسوية ما ترتّب عليها من آثار. ولعل لجنة الخمسين التى كتبت الدستور، صاغت هذه المادة على أساس أنه من الطبيعى أن تكون المدة التى تقضيها البلاد، بعد حل أى برلمان لأى سبب من الأسباب الواردة فى الدستور، لا تزيد على ستين يومًا، يدعو خلالها الرئيس إلى إجراء انتخابات جديدة وفقًا لنصوص الدستور. ولكن الدولة المصرية أسقطت دستور 1971، ثم دستور الاخوان 2012، وتم حل برلمان 2010 ، وبعدها برلمان 2011، لذلك أصبحت البلاد بدون برلمان فترة طويلة للغاية، وبالتالى فإن عدد القوانين والقرارات بقوانين التى صدرت خلال هذه الفترات الانتقالية كبير جدًّا وتصل إلى 240 قرارًا وقانونًا تقريبا. ولعل المشرع الدستورى حينما وضع الماده -156- كان يبتغى منها وجود الضمانة الدستورية، كى لا ينفرد رئيس الجمهورية بالتشريع ويصدر تشريعات فى غيبة نواب الشعب المنتخبين، إلا أنها فى الحالة الحالية ستؤدّى بنصّها الحالى إلى إلغاء معظم ال240 قرارًا وقانونًا، لأنه بالتأكيد سيفشل البرلمان فى مناقشتها جميعًا خلال مدة ال15 يومًا المنصوص عليها فى المادة، خصوصًا أن المجلس يجب أن يصدر لائحة داخلية جديدة فور انتخابه، لأن اللائحة القديمة تخالف الدستور الجديد وتم وضعها للدستور القديم. للخروج من الأزمة ولعل الحل الأمثل ومن وجهة نظرى هكذا يقول المستشار عاشور، هو تقسيم تلك الحزمة من القرارات والقوانين التى صدرت الى فئتين، وهى القرارات والقوانين التى ترى الاغلبية البرلمانية أن تبقى كما هى، والتى شرعت وقتها على عجل تلبية لمتطلبات المرحلة الانتقالية، كقانون تقسيم الدوائر وقانون مجلس النواب على سبيل المثال. وكذلك القانون الذى تمت على أساسه الانتخابات الرئاسية الاخيرة، والذى لا يعنى رفض المجلس له أو بطلانه، بطلان النتائج التى تربت عليه، بالإضافة لقانون مباشرة الحقوق السياسية أو قانون الانتخابات النيابية، والذى من غير المنطقى يبطله المجلس وإلا يبطل نفسه، وبالتالى سيوافق المجلس عليها مباشرة ولن تأخذ وقتًا، والفئة الثانية هى القرارات والقوانين التى يرى المجلس أنها بحاجة إلى تعديل، وهذه القوانين ايضا يوافق عليها البرلمان من حيث المبدأ، ثم يدرجها فى أجندة مجلس النواب التشريعية، ويدخلها أدوار الانعقاد الاولى ليتم تعديلها وفحصها وتمحيصها، وحسب الاولوية التشريعية فى لجان الشئون التشريعية والدستورية بالمجلس، بعد الموافقه الشكلية عليها لضمان عدم وجود خلل دستورى فيها، وتجنب اعتبارها فى حكم العدم بمرور الخمسة عشر يوما التى قررها الدستور وهل ستكون لدى أعضاء مجلس النواب القادم، الخبرة البرلمانية لذلك ومعظمهم سيكونون حديثى العهد بالعمل البرلمانى، وليست لديهم الممارسة البرلمانية ودراسة التشريعات وابداء الآراء، وحتى لو كانت لديهم الخبرة وحتى لو استعنا بأكثر البرلمانيين خبرة هل يسعفنا الوقت...؟.