بسيمة الحقاوى وزيرة التضامن والأسرة المغربية التقيناها فى زيارة سريعة إلى مصر، لحضور اجتماع المجلس التنفيذى لمنظمة المرأة العربية.. فتحت لنا صدرها بكل ترحاب، لأسئلة تهم الشارع والمرأة العربية.. تعرفنا منها عن كثب على أوضاع المرأة فى المغرب، كما حدثتنا عن المكتسبات التى حصلت عليها من خلال الترسانة القانونية التى أنصفتها فى الكثير من المواضيع... حول هذه القضايا، كان لنا هذا اللقاء . بداية نرحب بك فى مصر، و نتمنى أن تكون قضايا المرأة العربية تسير فى الطريق الذى نتمناه جميعا؟ أشكر جريدة «الأهرام» على هذه الفرصة للتواصل مع الجماهير العريضة سواء فى مصر أو خارجها، خاصة أن جريدة الأهرام جريدة دولية تكاد تصل إلى كل الدول العربية والأجنبية. { المرأة المغربية مثلها مثل العربية تعانى مشاكل بالتأكيد، فما هى أهم المشكلات التى تعانيها؟ } نستطيع القول إن المشكلات التى تعانيها النساء فى العالم العربي، هى نفسها فى المغرب، بالطبع كانت مشكلة الأمية منذ عشرات السنين متفشية فى أوساط النساء أكثر من الرجال، وكذلك كلما كانت تصيب المجتمع آفة كالفقر أو الهشاشة، فالمرأة هى الأكثر تضررا. القانون المغربى أنصف المرأة { قلتم فى مؤتمر بالمانيا، نوفمبر 2014، إن المغرب طور ترسانته القانونية لترسيخ وضمان مساواة المرأة مع الرجل، فكيف كان هذا التطوير؟ } نعم، هناك طفرة فى المجال التشريعى والترسانة القانونية المغربية، تزخر بدرر من القوانين والمدونات الخاصة بالمرأة المغربية، وأذكر هنا مدونة الأسرة التى صادقنا عليها فى البرلمان منذ 2004، واليوم نحتفل بعشر سنوات من تطبيقها، هذه المدونة أنصفت المرأة على أكثر من مستوي، فمثلا: عند الطلاق، كانت المرأة تبقى معلقة، لا يطلق الرجل لأنه هو الذى يملك زمام الأمر، وبالتالي، قد يذهب الزوج إلى امرأة أخرى دون أن يطلق زوجته... { هل يعنى كلامكم أنكم حصلتم على قانون الخلع كما هو الحال فى مصر؟ } نحن كان لدينا الحق فى الخلع فى قانون الأحوال الشخصية، قبل مدونة الأسرة، ولكن كما تعلمون المساومة التى تخضع لها المرأة فى إطار الخلع، بها الكثير من المزايدات والمقايضة، فالخلع هو مقابل البدل، لذلك جئنا داخل مدونة الأسرة، بما هو أهم، أى أن المرأة يصبح لها نفس حق الرجل فى طلب الطلاق، وفى إيقاعه على يد القاضي.. وحددت المدونة مدة زمنية للنفقة، لكى تصرف للمرأة وللمحضونين، وإذا تعسر الأمر على الرجل، فإن الدولة تتكفل بذلك، عن طريق صندوق للتكافل العائلي، الذى يمكن النساء المطلقات من نفقة لصالح محضونيهم. { هل لديكم الآن فى المغرب صندوق لدفع نفقة للمرأة إذا كان الرجل متعسرا؟ - نعم، ومنذ 2012 هذا الصندوق سارى المفعول، وهذا العام نحاول أن نزيد من تفعيله، حتى تستفيد جميع النساء اللاتى تعترضهن مشكلات الاستفادة من النفقة. { من أين تحصلون على تمويل هذا الصندوق؟ } من مداخل الدولة، فإلى جانب الصناديق الأخرى التى تفيد الأسرة المغربية، كصندوق التماسك العائلي، ويصرف لفائدة التغطية الصحية للأسر الهشة، إلا أن صندوق التكافل العائلي، خاص بالنساء المطلقات وأعتقد أنها كانت مبادرة جيدة ومهمة جدا لإنصاف المرأة. { هل قانون الأحوال الشخصية منصف للمرأة المغربية أم به بعض العوار؟ } أى قانون فور وضعه نشعر ببعض النقص فيه، وعندما وضعنا «مدونة الأسرة» فى 2004، بالمناسبة، كان هناك بعض الملاحظات والتعديلات التى لم تقبلها الحكومة فى ذلك الوقت، لكنها لم تكن عيبا أو عوارا حقيقيا يمس جوهر النص القانونى من جهة، لكننى أود أن أشير إلى أن النص القانونى «لمدونة الأسرة» كان راقيا جدا وجاء بالعديد من المكتسبات وكان ثورة حقيقية فى مجال الأحوال الشخصية.. والمكاسب كثيرة جدا، منها أن الحفيدة كانت لا ترث، وبموجبها أصبحت ترث، فالواجبات والحقوق للرجل والمرأة أصبحت متساوية. ظاهرة التحرش الجنسي { المغرب مثلها مثل كثير من الدول العربية تعانى ظاهرة التحرش الجنسي، حتى إن بعض الجمعيات لديكم طرحت أفكارا غير تقليدية كمعاقبة الرجال بالإخصاء.. وأنت قلت إن ذلك ليس حلا، إذن، ما الحل من وجهة نظركم؟ } قد أكون قلت فى وقت من الأوقات إن هذا ليس حلا، لكن كذلك هذا ليس مستبعدا أو مستحيلا.. والشخص الذى يتحرش ثم يغتصب المرأة تلو الأخري، فلابد أنه مصاب بمرض وعليه أن يعالج هذا المرض.. إذا كان هو سلب شيئا من المرأة، فألا يستحق أن يسلب منه الشيء ذاته؟ وردت بابتسامة طبعا المقاربات الجنائية مختلفة، فهناك العقاب بالمثل، وهناك العقاب بالتربية، وهناك العلاج، عموما هناك عدة مستويات لمواجهة كل آفة من الآفات، لكن الأمر مطروح على أساس أن كل الحملات (التثقيفية، التنويرية، الإعلامية) لم تفلح كثيرا وكذلك القانون الجنائى المغربي، لذا نفكر فى أن نجد أدوات وآليات وبرامج أخرى من أجل تطويق هذه الظاهرة. المرأة فى البرلمان المغربي { أكدتم كثيرا أن دعم المشاركة السياسية يشكل خيارا وطنيا، فإلى أى مدى حققت المغربية المشاركة فى صناعة القرار السياسي؟ } منذ 2002، كان هناك تطور مهم على مستوى التمثيل النسائى فى المجالس المنتخبة، فقبل 2002 كان لدينا نائبتان اثنتان فقط عن الأمة، وفى 2002 أصبح عندنا 35 امرأة، ثم فى 2007 كان لدينا 34 امرأة، والتراجع درجة واحدة يرجع لعدم ترشيح الأحزاب للنساء فى الدوائر المحلية، مما يؤثر على عدد النساء المنتخبات فى الدوائر. { كم امرأة لديكم الآن فى البرلمان، ومن أصل كم عضوا؟ } اليوم عندنا 67 امرأة فى مجلس النواب من أصل 395، و يشكلن 17% وهذا التطور هو مؤشر على تقدم قضية المرأة فى المغرب. { ذكرت رقم 67 إمراة فى البرلمان المغربي، وبعض الدول العربية، إن لم يكن أغلبها، تسير بنظام الكوتة فى البرلمانات، فما هو الحال لديكم؟ } نعم، بدأنا بتبنى نظام الكوتة منذ 2002 إلى يومنا هذا، فى الوقت الذى وضعناها فيه، كنا نعتبرها آلية مؤقتة لمرحلة انتقالية حتى يتم التطبيع مع وجود النساء وكذلك حتى تمكين النساء من ارتياد المجالس المنتخبة، لكن وقفنا على حقيقة أن المجتمع وكذلك الأحزاب مازالت فى حاجة لهذه الآلية، على اعتبار أن الأحزاب لا ترشح النساء بشكل تلقائى فى الدوائر المحلية، وكذلك المجتمع لم يتطبع بعد بوجود المرأة فى مواقع القرار. الكوتة فى مجتمعاتنا آلية ضرورية، واليوم لدينا 60 امرأة فى مجلس النواب بفضل الكوتة و 7 نساء جئن عن طريق المجالس المحلية.. المجتمع أصبح على درجة من الوعى لكى يضع ثقته فى المرأة. نساء الربيع العربي { أحدثت ثورات الربيع العربى تغييرا كبيرا للنساء فى هذه الدول، فكيف ترين هذا التغيير، وهل تعتقدين أن المرأة فى هذه الدول خسرت مكاسب كانت قد حققتها قبل الثورات، أم ماذا؟ } طبعا الدول التى تقود ثوراتها بيدها وتعرف أهدافها لابد أن تقدم الثمن من استقرارها ومن أمنها وحتى من مكتسباتها.. لكن فى حالات الفوضى والنزاع وحالات اللا قانون واللا أمن واللا استقرار، فالنساء هن الخاسرات.
إستمع للحوار كاملا وحصريا على راديو الأهرام عقب نشرة الثالثة عصرا radio.ahram.org.eg