مع التزايد فى عدد ضحايا إنفلونزا الطيور هذا العام، ونحن فى بداية فصل الشتاء، يدعو الخبراء لزيادة الاهتمام بالمشكلة، واتخاذ الاحتياطات التى تبدأ من داخل المنازل والمزارع، مع الاستعانة بالتخصصات المعنية بالمكافحة والتوعية كالطب البيطرى وأقسام الدواجن وعلم الحيوان بالجامعات والمراكز البحثية والوحدات القروية والمحلية، مع الأخذ بنموذج «القرية الداجنة». وعن رؤيته فى الحد من إنفلونزا الطيور، يقول الدكتور عماد محمد أمين - أستاذ تربية الدواجن المساعد بمركز بحوث الصحراء -: «لقد أصبحت تربية الدواجن داخل المنازل بمعظم المناطق الريفية والأحياء الشعبية بمنزلة القنبلة الموقوتة، التى إن لم يتم التعامل معها مبكرًا فسيصعب التعامل معها مستقبلاً، ومن هنا تأتى أهمية مضاعفة الاهتمام بها فى بدايتها حتى لا تتفاقم أخطارها، ويصير ضحاياها بالآلاف، وتصبح بمنزلة حرب بيولوجية. ويوضح أن تربية الطيور فى المنازل ظاهرة فى الريف المصرى والمناطق الشعبية، وقد جرت العادة على أن الأهالي يقومون بالتربية فوق أسطح المنازل، وأن يقدموا للطيور الغذاء من بقايا طعامهم. ويشير إلى أن أبرز مصادر الخطورة هنا انتقال مرض إنفلونزا الطيور لهم من الطيور البرية التى تطير فى السماء، وتهبط فوق أسطح المنازل لتتناول الغذاء مع الطيور المنزلية، ومن ثم تقوم بنقل العدوى لها دون علم المربى، ثم تنتقل العدوى سريعا للمنازل المجاورة، وتنتقل أيضا إلى صاحب الطيور، وأبنائه، لأنه بمخالطته الطيورعندما يقدم لها الغذاء ينقل الفيروسات لنفسه أولاً ثم ينقل العدوى لأهل بيته، خاصة أنها يمكن أن تظهر على الأشخاص الأقل مناعة، ولا تظهر على المربى نفسه بسرعة. ويضيف أن العدوى يمكن أن تحدث فى أى وقت بحسب الظروف دون سابق إنذار، وأنها لو حدثت فى منطقة أو قرية بكاملها، فلنا أن نتخيل حجم المخاطر التى من الصعب السيطرة عليها. طرق السيطرة وعن كيفية سيطرة الدولة على تلك الحالة قبل تفاقمها قال أستاذ الدواجن بمركز بحوث الصحراء: «إذا كانت الدولة والجهات الأمنية تستطيع أن تسيطر على المزارع وكبار المربين الذين هم بدورهم من أحرص الناس على عدم دخول العدوى إلى مزارعهم عن طريق اتباع طرق الوقاية المختلفة، إلا أن المربى الصغير فى المنازل لا يستطيع فعل ذلك. ويؤكد أنه على الرغم من أن الأجهزة المعنية تطالب بعدم التربية المنزلية فإن ذلك أمر غير منطقى ولا يمكن تطبيقه على أرض الواقع، لأن التربية المنزلية للطيور أساسية فى الريف المصرى، والمناطق الشعبية، ومرتبطة بسلوك اجتماعى وحالة اقتصادية تمس قطاعا عريضا من الشعب، كما أنها ضرورة من ضرورات المعيشة، ويعتمد عليها الكثيرون فى غذائهم. ويشدد على أنه على الدولة حينما تصدر قرارا بمنع تربية الطيور فى المنازل أن تجد البديل لهؤلاء، وتدارك الأخطاء التى ستحدث. وعن مقترحاته لتخفيف حدة المشكلة يؤكد الدكتور عماد أنه يجب تشجيع المشروعات التنموية الصغيرة فى مجال تربية الدواجن، وتوفير أماكن صحراوية أو حديثة الاستصلاح، وبعيدة عن الكتلة السكنية لهذه المشروعات، مما يشجع الكثيرين على الاستثمار هناك، مع الحد من التربية المنزلية بإنشاء عنابر نموذجية صغيرة للمشروعات التنموية توزع على الخريجين والمنتفعين، وبذلك يتم تدبير فرص عمل، على أن تكون تحت سيطرة الجهات الرقابية صحيا، أى إنشاء ما يُسمى «القرية الداجنة»، وهى عبارة عن مجموعة من عنابر الدواجن، ولكل مجموعة مسئول بيطرى ومصنع أعلاف ومجزر لذبح وحفظ الطيور. ويؤكد أن مثل هذا المشروع يمكن أن يغطى تكاليفه خلال فترة وجيزة، خاصة أن مشروعات الدواجن تتميز بسرعة دورة رأس المال، كما تتميز بكثرة أرباحها إذا توافرت الخبرة الجيدة، كما ينفذ الخريج أو المربى برامج تربية غذائية وصحية، وتكون طريقة التسويق منظمة تحت إشراف خبراء فى مجال إدارة وتربية ورعاية الدواجن، على أن تقوم الدولة بتعيينهم، ويكون المشروع تحت رقابتها بالكامل. واجب الدولة * ولكن ما الذى يجب أن تقوم به الدولة فى الوقت الراهن؟ يجيب الدكتور عماد: عليها أن تكلف مكاتب الطب البيطرى بتسجيل أسماء المربين، وأن يقوم شباب الأطباء البيطريين والزراعيين بعمل زيارات دورية لهم، وكذلك تكليف الشباب بتحصين الطيور المنزلية فى الحدود المعقولة، وأيضا يقوم البيطريون بحملات توعية لتعريف المربين بأعراض المرض، وكيفية الوقاية منه، وما يجب عليهم فعله فى حالة اكتشافه، مع تشجيع الاستثمار فى إنشاء عيادات بيطرية خاصة تتابع التربية المنزلية، والإشراف عليها، وتحصينها. ويوضح أنه - على سبيل المثال - يمكن عدم الترخيص لعيادة بيطرية أو محل بيع مستلزمات تربية الدواجن للمهندسين الزراعيين إلا بحضوره بكشف يحتوى على 50 مربيا صغيرا بالمنزل، على أن يقوم هو بالإشراف على طيورهم نظير مقابل مادى تحدده الوزارة المختصة. وللتشجيع تُمنح أيضا علاوة تشجيعية للعيادات البيطرية الخاصة التى لا يظهر فى نطاق عملها حالات مرضية كل عام. وعن دور المربى نفسه يقول الدكتور عماد: «يجب ألا تتم تربية الطيور المنزلية فى أماكن مفتوحة بل فى أماكن مغلقة جيدة التهوية لا تسمح للطيور البرية بمخالطة المنزلية، مع الحرص على الاتصال بمكتب الحجر البيطرى بالمنطقة لتحصين الطيور ضد الأمراض. كما يُفضل تربية الأنواع المحلية من الطيور لأنها تكون أكثر مقاومة للأمراض، ولا يُعتمد فقط فى غذاء الطيور على بقايا الطعام بل استخدام علائق متزنة غذائياً، مما يقلل من انتشار الأمراض. وأخيرا، يجب عدم مخالطة الأطفال وكبار السن للطيور المنزلية، وتخصيص ملابس يتم ارتداؤها عند التعامل مع الطيور، وكذلك عدم النزول بها إلى غرف المعيشة، والحرص على غسيل الأيدى والأقدام والرأس بعد الخروج من مكان تربية الطيور، ووضع مطهر فى قماشة أو جوال أمام غرفة تربية الطيور. أما فى حالات ظهور نفوق فجائى للطيور، أو أعراض تورم فى الوجه أو احمرار فى السيقان والوجه، فعلى المربى الاتصال فوراً بمكتب الحجر البيطرى القريب منه، مع عدم مخالطة تلك الطيور.