بينما تتعالى الصيحات اليوم وتتوالى الدعوات لتغيير الخطاب الدينى إلى ما يمكن أن يقرب من هوة الخلاف بيننا وبين العالم المتمدين.. أحب أن ألفت النظر إلى مفردات هذا الخطاب التى ساهمت فى توسيع هذه الشقة، ألا وهى الكلمات، فهناك إصرار غريب من الدعاة والوعاظ بل وآحاد الناس على نطق كلمات الإسلام فى اللغات الأجنبية، كنطقها فى اللغة العربية، وكأنها مصطلحات جامدة لا معنى لها، وهو ما أدى إلى اتساع شقة الخلاف بيننا وبين الغرب. فكلمة الجهاد مثلا تنطق فى الإنجليزية «Jihad»،أنه يمكن ترجمتها إلى معناها فى الإنجليزية سواء كان جهادا للنفس أو جهادا للعدو، وهو ما نتج عنه أن الغرب اعتبر هذه الكلمة قرينا لضرب من ضروب القتل والحرب، خاص بالمسلمين وحدهم، ليس بالضرورة دفاعا عن حق أو وطن، وإنما هو فى الغالب إرهاب وقتل عشوائي.. كذلك سائر كلمات الدين مثل «وضوء» و«حج» و»زكاة» و»ركوع» و«سجود» و«قيام» و«تهجد» وغيرها، تنطق كما هى فى الإنجليزية وغيرها من اللغات، فيظنها أصحاب هذه الألسنة مصطلحات لطقوس غريبة، رغم أن كل هذه الكلمات يمكن ترجمتها إلى معانيها فى هذه اللغات.. وللعلم، فإن هناك ترجمات للقرآن الكريم لجميع اللغات، تمت ترجمة كل هذه المصطلحات والمفردات فيها إلى معانيها فى هذه اللغات الأخري، وليس سردها كما تنطق فى العربية. جدير بالذكر هنا ما شاهدته يوما فى أحد برامج المعلومات العامة على إحدى الفضائيات الفرنسية، حيث كان السؤال هو: «ما اسم رب المسلمين؟»، وكانت الإجابة الصحيحة هى لفظ الجلالة منطوقا ومكتوبا كما هو «Allah»!، وهو ما يوحى أن للمسلمين ربا خاصا بهم، غير رب السموات والأرض الذى يشير إليه الغرب بكلمة «God»، والذى يدعونه فى صلواتهم ويكتبونه على أوراق نقدهم «in God we trust»، وليس هذا إلا نتيجة لغياب الوعى والحصافة من خطابنا الديني، حيث يصر الكثيرون منا حين يشيرون إلى الله فى اللغات الأجنبية، على استعمال لفظ الجلالة بدلا من «God»، وهو ما أدى إلى اعتقاد الغرب والعالم غير المسلم، بأن رب المسلمين خاص بهم، وليس بالضرورة رب السماوات والأرض.. رب الناس جميعا.. ملك الناس.. إله الناس. د. يحيى نور الدين طراف