لم تك المظاهرات الحاشدة التى شهدتها ألمانيا يوم الاثنين الفائت هى الظاهرة الوحيدة من نوعها فى ذلك البلد تعبيرا عن استشراء كراهية الأجانب (زينوفوبيا) والرغبة فى مواجهة ما يسمى خطر أسلمة المجتمعات الأوروبية، بالترافق مع صعود قوى متعصبة عاتية تقف على يمين اليمين فى الساحة السياسية الأوروبية. والواقع أن لتلك الانجرافة ذات الطابع العنصرى أسبابها، إذ قام الإخوان الإرهابيون وبعض التفرعات المرتبطة بهم بتأسيس 500 مؤسسة فى ثمانية وعشرين بلدا فى أوروبا وذلك عن طريق ما يسمى اتحاد المنظمات الإسلامية فى بروكسل، ومنهم الجماعة الإسلامية فى ألمانيا (CID)التى أسسها عام 1958 الاخوانى المصرى الهارب سعيد رمضان ويرأسها حاليا المصرى الإخوانى إبراهيم الزيات، وقد أدى ذلك الوجود التنظيمى إلى اشاعة مجموعة الظواهر المرتبطة بالاسلاميين، الأمر الذى وصل إلى مطالبة بعض الجماعات مؤخرا بإنشاء شرطة اسلامية تجبر تلك المجتمعات على تطبيق الشريعة، كما تضاعفت خطورة الأزمات التى استولدها ذلك الوضع وتوالت تقارير رفعها جيرهارد شيندلر رئيس جهاز المخابرات الألمانية ليؤكد خطورة زيادة أعداد الألمان فى داعش وما سوف تسببه عودتهم إلى ألمانيا من مخاطر أمنية، وفى هذا السياق حظرت وزارة الداخلية الألمانية جماعة سلفية اسمها (ملة إبراهيم) لتورطها فى العنف وتجنيد الشباب للإرهاب. كل ذلك أدى إلى رد فعل اجتماعى وثقافى تمثل فى ظهور جماعة (ببجيدا) وجماعة (حزب المبادرة من أجل المانيا) اللتين تقودان الاحتجاجات اليمينية وتطالبان بإبعاد الأجانب من ألمانيا ومواجهة خطورة الأسلمة. وخطورة ذلك الوضع أن أى محاولة لاحتوائه تواجه باتهام باليسارية، وهكذا حدث مع المستشارة أنجيلا ميركل حين طالبت بعدم العداء مع المسلمين الذين يتطلبهم مجتمع رجال الأعمال والنقابات فى السوق الاقتصادى الألماني، وهنا اتهمتها أجنحة يمينية حتى فى حزبها (الديمقراطى المسيحي) بأنها تنحو تجاه الاشتراكية. أوروبا كلها تتوجه نحو اليمين بسبب عنف وإرهاب الإسلاميين وهكذا تفعل ماريان مارى لوبان رئيسة حزب الجبهة الوطنية فى فرنسا ونايجل فاراج رئيس حزب الاستقلال فى بريطانيا. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع