البحث الذى قدمه الدكتور ياسر عبد الفتاح الباحث فى المعهد القومى للعلوم الفلكية، والذى كشف أن المسلمين يصلون الفجر فى توقيت خطأ منذ 100 عام، اعتمادا على باحث فلك بريطاني، وأن صلاة الفجر نصليها قبل موعدها أو بعدها بأكثر من نصف ساعة. أثار العديد من التساؤلات والجدل الفقهى حول حقيقة ما جاء فى هذا البحث، وانقسم علماء الدين وخبراء الفلك بين مؤيد ومعارض لما جاء فى الدراسة. وفى محاولة منه لحسم هذا الجدل قرر المعهد القومى للعلوم الفلكية والجيوفيزيقية اقتناء جهاز يسمى الفوتومتر يقوم بقياس الضوء بصورة دقيقة، ويحدد وقت بداية الشفق لتحديد موعد صلاة الفجر بدقة، وذلك لبيان حقيقة ما إذا كان المصريون يؤدون فعلا الصلاة، خاصة الفجر والعشاء، فى غير موعدها الحقيقى أم لا. وذلك بالتعاون مع دار الإفتاء المصرية وقام بشراء جهاز »الفوتومتر« كى يستخدم فى المشروع الذى سيبدأ فى فبراير المقبل، بعد إعداد الجهاز للعمل. والجهاز الجديد يقوم بما يشبه عملية فحص ضوئى للسماء، لتحديد مواعيد الصلاة وفق تحديد بدايات الشفق ونهايات الغسق، على أن يتم الرصد من أماكن بعيدة ونائية، مثل منطقة القطامية فى القاهرة أو أبو سمبل فى أسوان حتى يخرج الرصد صحيحا. خلاف فقهي فى عهد الإمام جاد الحق على جاد الحق، شيخ الأزهر الأسبق، عقدت لجنة لبحث هذه المسألة ثم وافته المنية قبل تطبيق التوقيت وكانت وصيته قبل موته بلزوم تعديل التوقيت ولكن لم تشكل اللجنة حتى الآن. والسؤال الذى يطرح نفسه، هل فعلاً يوجد خطأ فى التقويم المصرى وبعض التقاويم فى العالم الإسلامى فى صلاة الفجر؟ وهل يتقدم التقويم عن وقت الصلاة الحقيقي؟، الدكتور محيى الدين عفيفى أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، قال إنه يجب عرض هذا الموضوع بشكل رسمى لتوصيفه ويحال لمجمع البحوث الإسلامية وهناك لجان متخصصة للبت فى هذا الرأي، لأن مثل هذه الأمور يبت فيها المتخصصون. أما الدكتور عبدالفتاح إدريس، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، فيؤكد ان الخلاف حول توقيت صلاة الفجر أثير منذ مدة طويلة، وقيل أن الفجر يؤذن له قبل موعده بربع ساعة أو ثلث ساعة، ومعنى هذا أن الذين يصلون فور الأذان يصلون الفجر قبل موعده، فصلاتهم على هذا النحو باطلة، ووفقا لهذا الكلام الذى قيل فإن الناس إذا علموا أن الفجر يؤذن له قبل موعده بثلث الساعة فإن لهم أن يأكلوا ويشربوا حتى وإن أذن المؤذن فى صلاة الفجر على اعتبار أن وقت الفجر لم يحن، وقد أثرنا هذه القضية فى المجلس الأعلى للشئون الإسلامية كمجموعة من العلماء المتخصصين فى الفقه، وطلبنا تحرير هذا الموضوع حتى لايقع الناس فى الضلال بسببه. حكم من صلى خطأ وأضاف، إنما التقصير ليس من علماء الدين، ولكن من الذين يرصدون المواقيت الزمانية لهذه الفرائض، لماذا لم يتم تدقيق هذا الميقات الزمانى للفجر لينضبط مع بقية أوقات الصلوات ولماذا كان هذا الوقت لاحقا عن وقت الآذان بخلاف بقية الفرائض، ولهذا يجب وجوبا عينيا على المهتمين بأمر المواقيت الزمانية لهذه الفرائض أن يتحروا مواقيت الصلاة بآلاتهم التى تضبط هذه المواقيت، والأمر لا يحتاج إلى علماء دين، لأن علماء الدين لم يكن فى يدهم آلات لضبط المواقيت، ولهذا فالتقصير كل التقصير إنما هو إلى المتخصصين فى أمر الفلك، وينبغى عليهم أن يقوموا بواجبهم الشرعى الذى أوجبه الله تعالى عليهم من قيامهم بهذه المهمة المنوطة بهم ولا تناط بغيرهم، آلت تحديد الوقت لهذه التقاويم الورقية الموجودة لدى الناس، وتلك هى التى يتم تحديد الأوقات من الصلاة والصيام والفطر وفقا لها، ولذلك فإذا كان هناك خلل فى هذه التقاويم فإن وزر فساد العبادات يلحق الذين يعرفون ولا ينبهون. لا خلاف ويقول الشيخ محمد ذكى أمين الدعوة بمجمع البحوث الإسلامية، إن الأزهر الشريف سبق أن حسم هذا الأمر فى فتوى رسمية جاء فيها أن الأسلوب المتبع فى حساب مواقيت الصلاة فى جمهورية مصر العربية يتفق من الناحية الشرعية والفلكية مع رأى قدامى علماء الفلك المسلمين، حسبما انتهى إليه رأى المختصين بعلوم الفلك، كما أن المواقيت الحسابية للصلاة والصوم مع مراعاة فروق التوقيت من مكان إلى مكان فى مصر صحيحة، وموافقة للمواقيت الشرعية التى نزل بها جبريل على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالعلامات الطبيعية الواردة فى الأحاديث الشريفة، وعلى الذين يقولون فى الدين بغير علم أن يتقوا اللّه حتى لا يضلوا الناس فى دينهم. ولا داعى طرح مثل هذه القضايا فى التوقيت العصيب التى تمر به البلاد، ونحن الآن فى أمس الحاجة لتحقيق وحدة الصف والتحقيق التنمية والأمن والمصالح العليا للوطن، ودعنا من الأمور التى فرغ الفقهاء المختصون منها وألا يدلى فى هذا الأمر من ليس له صلة بالفقه أو العلم، (وأسالوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون). وفى سياق متصل قال الدكتور محمد الشحات الجندي، أمين المجلس الأعلى للشئون الإسلامية سابقا وعضو مجمع البحوث الإسلامية، إن توقيت الصلوات الذى يصلى وفقه المصريون سليم وصحيح، وجاء بعد اجتهاد وعمل شاق من جانب هيئة الفلك، مضيفا أن المصريين يصلون الفجر حال طلوع الفجر الصادق فى الفترة التى ينقطع فيها الظلام ويبدأ النهار ويرفع الأذان بكلمة الله أكبر، عندما يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وأضاف: لدينا تقدير فلكى فى مواقيت الصلاة، وهذا الحساب الفلكى يخضع لمعايير حسابية وعلمية، وهذا على حسب ما قاله العلماء فى هذه المواقيت، فإن هذا جاء بعد إجراء حسابات صدرت عن لجنة مشكلة لهذا الغرض وهذه اللجنة من الثقات فى مسائل المواقيت من الناحية العلمية، بالإضافة إلى أنهم مسلمون حريصون على دينهم ويعلمون خطورة ما قد يترتب على ذلك من أنهم يحملون فى أعناقهم مسئولية صلاة المسلمين التزام المسلمين للصلاة طبقا لهذه المواقيت، ومن هذا المنطلق ينطبق عليهم قول الله تعالى : (فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) وبالتالى فإن ما صدر عنهم بالنسبة لميقات صلاة الفجر أو غيره من المواقيت بما أنه لا نص فيه، أو ليس عليه نص محدد فى القرآن والسنة، فإن قولهم يكون مقبولا ويجب العمل به، وتبرأ ذمة المسلمين عندما يلتزمون به، وتكون الصلاة مقبولة عن الله سبحانه وتعالى، ومن ثم فلا يجوز الآن التشكيك فى هذه المواقيت.