يبدو أن عام 2015، قد أبى إلا أن يبدأ ، بموجة برد قارس، يكاد الناس يحتملونها بالكاد، مستعينين بالملابس الثقيلة، ووسائل التدفئة المختلفة، للتغلب على آثارها السلبية، التى لا تقتصر على الإنسان فقط فتصيبه بنزلات البرد، أو الالتهابات الرئوية، ولكنها تمتد إلى بعض النباتات والمحاصيل الزراعية، والتى قد لا تتحمل هذه الموجات الباردة. وفى غضون أيام قليلة، كادت الحياة تتوقف، بسبب موجة الصقيع ، فبعض المحلات أغلقت أبوابها، ولولا موسم الامتحانات، لعزفت الأسر عن إرسال أبنائها إلى المدارس، ناهيك عن أزمات المرور على الطرق السريعة بسبب الشبورة، فيما غرقت بعض الشوارع فى مياه الأمطار، بينما ارتفعت اسعار الخضر والفاكهة نسبيا، بسبب نقص المعروض منها بالأسواق، نتيجة توقف سيارات النقل عن العمل، أما حركة الملاحة فقد تأثرت فى البحر الأحمر، والبحر الأبيض المتوسط، بسبب الطقس السييء، كما أصيبت حركة الصيد بالشلل !! وبشكل عام، فإنه اعتبارا من اليوم ، وحتى بعد غد الخميس، من المتوقع تعرض البلاد لحالة من حالات عدم الاستقرار فى الأحول الجوية، تبلغ ذروتها غدا وبعد غد، ، ومن المنتظر كما يقول الدكتور أحمد عبد العال رئيس هيئة الأرصاد الجوية- حدوث انخفاض ملحوظ فى درجات الحرارة ، لتصبح أقل من معدلاتها الطبيعية، بقيم تتراوح بين 6 و7 درجات مئوية، ليسود بذلك طقس شديد البرودة على مدار ال 24 ساعه، مما يزيد من الإحساس بشدة برودة الطقس، إضافة إلى توقعات بنشاط الرياح، والذى يصل إلى حد العاصفة، ما يؤدى إلى انخفاض معدلات الرؤية على الطرق، واضطراب الحركة الملاحية فى البحر الأحمر، والأبيض المتوسط، وتكاثر السحب المنخفضة والمتوسطة والرعدية أحيانا على السواحل الشمالية، وشمال ووسط سيناء، والوجه البحري، يصاحبها سقوط أمطار غزيرة، قد تصل إلى حد السيول على شمال ووسط سيناء. أما السبب فى هذه الموجة الباردة فيرجع فى رأى الدكتور وحيد سعودى مدير عام التحاليل الجوية والمتحدث الرسمى باسم هيئة الأرصاد الجوية إلى تأثر البلاد بوجود منخفض جوى متعمق شرق حوض البحر المتوسط، يجلب رياحا معظمها شمالية غربية قادمة من وسط أوروبا، تؤدى إلى انخفاض ملحوظ فى درجات الحرارة، ونشاط الرياح، والذى يصل إلى حد العاصفة، ونظرا لوجود منخفض جوى آخر، فى طبقات الجو العليا، على ارتفاع يصل إلى 6 كيلو مترات تقريبا من سطح الأرض، مصحوبا بتيار نفاث من الهواء شديد البرودة، قادم من المناطق القطبية، ما يؤدى إلى تكاثر السحب الرعدية أحيانا، وسقوط الأمطار الغزيرة، وهذه الظاهرة تتكرر سنويا، وليست بجديدة على المناخ فى مصر، ولا داعى للقلق منها، وإنما يجب اتباع أساليب الحيطة والحذر من الموجات الباردة التى تضرب البلاد فى مثل هذا التوقيت من العام، من خلال التدفئة الجيدة، وعدم التعرض لهذه التيارات، ومن المتوقع أن تعادود حالة الطقس استقرارها اعتبارا من يوم الجمعة المقبل. مخاطر السيول قائمة وبالرغم من أن موسم الخريف هو الأكثر تعرضاً لحدوث السيول، خاصة فى مناطق جنوبسيناء وسلاسل جبال البحر الأحمر، فإنه من المحتمل حدوث سيول فى المناطق ذاتها ، ما يستلزم استعداد الدولة لمواجهة مثل هذه الظاهرة الكارثية. احذروا نزلات البرد وبشكل عام يحذر الدكتور محمد عوض تاج الدين وزير الصحة الأسبق وأستاذ الأمراض الصدرية بكلية طب عين شمس، من تأثير الموجات الباردة على صحة الإنسان، خاصة الأنفلونزا الشرسة المنتشرة هذه الأيام، كما أن مضاعفات هذه الموجات شديدة على الجهاز التنفسي، ولذلك فإننى أحذر الناس بشكل عام، ومرضى القلب، والحساسية الصدرية، ونقص المناعة من هذه التقلبات الجوية، حيث تصيب الجهاز التنفسى العلوي، وقد تسبب التهابا فى الشعب الهوائية (نزلات شعبية)، أو ما يسمى بالالتهاب الرئوي، وهؤلاء أسرع للعدوى من الأصحاء، كما أن هذه العدوى تنتقل بسرعة بين الأشخاص، ولذلك يجب على كل من يصاب بالانفلونزا أن يأخذ قسطا من الراحة يمكن أن يتراوح ما بين 3 أو 4 أيام، حتى لا يتعرض لمضاعفات، وكذلك حتى لا ينشر العدوي، لاسميا أن قدرة فيروس الانفلونزا على العدوى شديدة، كما أنه على المريض استعمال المناديل الورقية فى أثناء العطس والسعال، وغسيل اليدين بالماء والصابون، كإجراء وقائي، لمنع انتشار العدوي. ينصح د. تاج الدين المرضى فى حالات الإصابة بالانفلونزا ، ومشكلات التنفس بضرورة مراجعة الطبيب ، للحصول على العلاج المناسب، حتى لا تتدهور حالتهم الصحية.
النبات وتقلبات المناخ ولا تقتصر مخاطر موجات الصقيع على الإنسان فقط، لكنها تؤثر أيضا على الزراعات والنباتات، وهنا يقول الدكتور كامل كمال ثابت أستاذ النبات بكلية الزراعة بجامعة القاهرة إن بعض النباتات تتأثر بمثل هذه الموجات، وقد تنتهى بموت النبات، ولكن عند التنبؤ بالصقيع، يمكن اتباع إجراءات احترازية لأشجار الفاكهة- مثلا- ، مثل رى الأرض قبلها بيوم واحد، وبهذه الطريقةيمكن أن تتحمل الأشجار موجة الصقيع، وبالنسبة للمحاصيل، فإنه لا يوجد إجراء محدد، ولكن بشكل عام، يمكن زراعة الأصناف المناسبة للمناطق التى تشهد حالة من الصقيع. وبشكل عام، فإن عامل المناخ ، يعد من أكثر العوامل الطبيعية التى تؤثر فى تحديد أنواع المحاصيل ، كما أن مناخ عامل رئيسى فى تكوين التربة واختلاف أنواعها ودرجة خصوبتها ، ويتأثرالإنتاج الزراعى بالعديد من العوامل المناخية، مثل درجة الحرارة، وكمية الأمطاروالرياح، والرطوبة، وسقوط الثلج، والصقيع. وقد تحمل الرياح آثارا طيبة ، وأخرى سيئة على الزرعة والإنتاج الزراعى ، فمن آثارها الطيبة حمل حبوب اللقاح ، ومراوح توليد الطاقة الكهربائية التى تمد طلمبات سحب المياه الجوفية بالطاقة اللازمة للتشغيل ، كما أنها أيضاً تساعد على نضج بعض المحاصيل ، ومن الآثار الضارة للرياح سرعتها الشديدة التى تتسبب فى كسر سيقان بعض النباتات الضعيفة ، إلى جانب دورها فى تعرية التربة وخاصة فى المناطق الجافة ، وعلى كل حال يظهر أثر الرياح على الزراعة فى معدل البخر والنتح من النباتات ، وتلعب دورا كبيرا فى عملية التلقيح ، كما تفيد فى تشغيل المراوح الهوائية لرفع المياه من الآبار كما هو الحال فى هولندا وكما هو الحال على الساحل الشمالى الغربى لمصر . ومن المعروف، كما يقول أستاذ النبات أن التقلبات الجوية، سواء كانت موجات من الصقيع أوموجات الحرارة الشديدة، تتطلب احتياطات خاصة للحد من الضرر الواقع على تلك المحاصيل، وتتفاوت درجات تأثير الصقيع على المحاصيل الزراعية وفقا لعوامل كثيرة تتعلق بالمحصول ذاته، ودرجة مقاومته للبرودة، وفى العادة، تحدث موجات الصقيع الشتوي، بسبب التيارات الهوائية الباردة ، ويعتبر الصقيع من أخطر العوامل المناخية على النباتات، ويحدث الصقيع نتيجة تحول بخار الماء من الحالة الغازية الى الصلبة مباشرة، دون المرور بالسيولة ، وتزداد خطورة الصقيع إذا حدثت موجاته خلال فصل الخريف ، أى فى المراحل الأولى لنمو النبات ، وقبل أن يكون فى حالة تمكنه من مقاومة شدة البرودة. ويؤثر الصقيع على النباتات الشتوية، بسبب تغير الصورة المثلى لامتصاص الغذاء ، ووصوله للثمار ، والأوراق، فتتحول بلورات الماء داخل الجذور ، والسيقان، والأوراق، إلى بلورات ثلجية، فتتجمد العصارة المائية، ما يؤدى إلى تهتك الأنسجة، والتأثير سلبيا على النبات، حيث تضعف أوراقه، ويصيبها اللون الأصفر. فيما تحقق موجات الصقيع، فوائد إيجابية للفاكهة متساقطة الأوراق مثل العنب ، والتفاح ، والخوخ ، والمشمش، والكمثري، وهناك حدود حرارية لمحاصيل أخرى ، وتتمثل فى درجات حرارة عليا ودنيا وقصوي، ويتضرر النبات عند أى تغيير فى درجات الحرارة عن الحدود المناسبة له. ويمكن مقاومة الصقيع، من خلال إجراءات عديدة، منها التحكم فى مواعيد الزراعة ، وكذلك التحكم فى نوع المحصول، من خلال اختيار الأنواع ، والأصناف، التى تزهر متأخراً، وتكون مقاومة للحرارة المنخفضة، واختيارالأصناف المقاومة للصقيع، ورى النباتات والأشجار بكمية كبيرة من الماء ، أو الرى بالرذاذ، وكذلك تجنب التسميد الزائد. الأسواق والطقس وقد أدت موجة الصقيع إلى حدوث تأثيرات سلبية على الأسواق، حيث ارتفعت أسعار الخضر والفاكهة كما يقول الدكتور عبدالنبى عبدالمطلب مدير عام التحليل الاقتصادى بوزارة التجارة الخارجية بسبب انخفاض المعروض فى أسواق الجملة والقطاعي، حيث فضل أصحاب سيارات النقل الانتظار بالمحافظات عدة ايام لحين تحسن الأحوال الجوية، الأمر الذى أدى إلى ارتفاع أسعار الطماطم، والبطاطس، والفاصوليا، والباذنجان البلدى والرومي، والبرتقال، كما تعرضت بعض المحاصيل الزراعية للتلف فى أثناء نقلها على الطرق السريعة، نتيجة الحوادث التى تعرضت لها سيارات نقل المحاصيل القادمة من المحافظات إلى القاهرة. فيما شهدت مبيعات الدفايات رواجاً نسبياً بسبب موجة الصقيع التى ضربت البلاد قبل أيام، وزاد الإقبال على الدفايات الصينية، لانخفاض أسعارها عن مثيلتها من باقى الماركات الشهيرة، كما انتعشت مبيعات الملابس الشتوية، للتغلب على موجات البرد والصقيع.