لأننى أعلم جيدا معنى و قيمة الأزهر فى تاريخ مصر و مكانته فى الدعوة الإسلامية، فإننى كنت دائما اشعر بالقلق الشديد على الأزهر من التسلل الإخوانى اليه، والذى لاحظه الرأى العام بالذات بين طلاب كليات العلوم"المدنية" غير الدينية بجامعة الأزهر. وفى الواقع كان الأزهر دائما هو الحصن المنيع ضد محاولات الإخوان اختطاف الدعوة الدينية منه، و تطويعها لخدمة مآربهم السياسية. وشهدت العقود الأخيرة قبل الثورة مزاحمة العناصر الاخوانية للدعاة الأزهريين على منابر المساجد المنتشرة فى ربوع مصر. أما الخطرأو التحدى الثانى فهو ظهور التنظيمات الإسلامية المتطرفة والتى كان أخطرها بلا شك تنظيم داعش، أو "الدولة الإسلامية فى العراق و الشام" الذى قدم للعالم كله صورة مشوهة للإسلام فى شكل عنف دموى غير مسبوق، استدعى تحالفا دوليا لمواجهته. وكان هذا كله دافعا لى طوال الشهور الماضية للكتابة عن الأزهر مطالبا بإحياء و دعم دوره التاريخى ضد الإرهاب الإخوانى والعنف الداعشى! فى هذا السياق كان خطاب الرئيس السيسى فى احتفال الخميس الماضى بالمولد النبوى الشريف له دلالته شديدة الخصوصية والتى تدعونى لأن أتوقف بالذات عند الكلمات التى قالها السيسى ارتجالا و خروجا على النص المكتوب. فالروح التى تحدث بها السيسى فى هذا الخطاب هى روح ابن حى الجمالية و الحسين و الأزهر، التى تستوعب جوهر الاسلام المصرى السمح المعتدل ، و تعكس احساسه بعمق مشكلة الخطاب الدينى ، فجعلته يخاطب أبناء الأزهر.."والله لأحاججكم يوم القيامة أمام الله سبحانه و تعالى على ما اتكلم فيه.....إحنا محتاجين ثورة دينية يا فضيلة الإمام. أنتم مسئولون أمام الله، الدنيا كلها منتظرة منكم ، منتظرة كلمتكم لأن هذه الأمة تمزق و تدمرو تضيع، وضياعها بأيدينا نحن". إن هذه اللهجة القوية و المسئولة من الرئيس فى حديثه إلى الازهر و الأزهريين، لا تعكس فقط ادراكا للمخاطر التى تكتنف الفكر الإسلامى والصورة النمطية للإسلام و المسلمين فى العالم، وإنما تعكس أيضا إيمانا حقيقيا بالأزهر و مكانته و الدور الذى ينبغى أن يقوم به امتدادا لدوره التاريخى العريق. وإنا لمنتظرون. لمزيد من مقالات د.أسامة الغزالى حرب