جدول امتحانات الصف الأول الثانوي الترم الثاني 2025 بالمنيا.. تعرف على المواعيد الرسمية لجميع المواد    «العمل» تنظم احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للسلامة والصحة المهنية    وزارة العمل تحذر المواطنين من عمليات النصب باسمها فى الداخل أو الخارج    سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم الاثنين 19 مايو 2025    أسعار الذهب في مصر اليوم الاثنين 19 مايو 2025    مسح سوق العمل يكشف: مندوب المبيعات أكثر وظائف مطلوبة بالقطاعين العام والخاص    التموين: صرف 80% من السلع التموينية لأصحاب البطاقات خلال شهر مايو 2025    تشخيص إصابة جو بايدن بسرطان البروستاتا المنتشر في العظام.. "المرض عدواني لكنه قابل للعلاج"    إعلام فلسطينى: 5 شهداء ومصابون جراء غارة استهدفت نازحين بمخيم جباليا شمال غزة    يلتقي السيسي وأبو الغيط والطيب وتواضروس، أجندة زيارة الرئيس اللبناني للقاهرة    بولندا تتجه إلى جولة إعادة للانتخابات الرئاسية    اليوم.. السيسي يستقبل نظيره اللبناني جوزاف عون لبحث تعزيز العلاقات الثنائية والاستقرار الإقليمي    نقل شهداء وجرحى الغارات الإسرائيلية فى خان يونس على سيارة نقل (فيديو)    موعد مباراة ليفربول وبرايتون في الدوري الإنجليزي والقناة الناقلة    حالة الطقس اليوم في الكويت    اليوم.. الحكم على متهم بدهس مهندس فى التجمع    اليوم.. نظر محاكمة 3 متهمين فى قضية خلية الجبهة    الأهلي يحدد موعد إعلان تنصيب ريفيرو مديراً فنياً للفريق    نمو مبيعات التجزئة في الصين بنسبة 5.1% خلال الشهر الماضي    تحويلات مرورية بعد انقلاب سيارة بحدائق الزيتون    الكنائس الأرثوذكسية الشرقية تجدد التزامها بوحدة الإيمان والسلام في الشرق الأوسط من القاهرة    الجرافات الإسرائيلية تهدم سور المستشفى الإندونيسي في قطاع غزة    منافس الأهلي.. إنتر ميامي يتلقى خسارة مذلة أمام أورلاندو سيتي    قبل أيام من مواجهة الأهلي.. ميسي يثير الجدل حول رحيله عن إنتر ميامي بتصرف مفاجئ    هبوط استثنائي تجاوز 1400 جنيه.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 19-5-2025    عمرو دياب وحماقي والعسيلي.. نجوم الغناء من العرض الخاص ل المشروع x    هل هناك فرق بين سجود وصلاة الشكر .. دار الإفتاء توضح    بتهمة فعل فاضح، حجز حمادة عزو مشجع مالية كفر الزيات    خلل فني.. ما سبب تأخر فتح بوابات مفيض سد النهضة؟    نجل عبد الرحمن أبو زهرة يشكر للرئيس السيسي بعد اتصاله للاطمئنان على حالة والده الصحية    من بين 138 دولة.. العراق تحتل المرتبة ال3 عالميًا في مكافحة المخدرات    طريقة عمل صوابع زينب، تحلية مميزة وبأقل التكاليف    على فخر: لا مانع شرعًا من أن تؤدي المرأة فريضة الحج دون محرم    تعرف على موعد طرح كراسات شروط حجز 15 ألف وحدة سكنية بمشروع "سكن لكل المصريين"    ترامب يعرب عن حزنه بعد الإعلان عن إصابة بايدن بسرطان البروستاتا    الانَ.. جدول امتحانات الترم الثاني 2025 بمحافظة المنيا ل الصف الثالث الابتدائي    محمد رمضان يعلق على زيارة فريق «big time fund» لفيلم «أسد».. ماذا قال؟    بعد إصابة بايدن.. ماذا تعرف عن سرطان البروستاتا؟    شيكابالا يتقدم ببلاغ رسمي ضد مرتضى منصور: اتهامات بالسب والقذف عبر الإنترنت (تفاصيل)    هل يجوز أداء المرأة الحج بمال موهوب؟.. عضوة الأزهر للفتوى توضح    أحكام الحج والعمرة (2).. علي جمعة يوضح أركان العمرة الخمسة    نجل عبد الرحمن أبو زهرة لليوم السابع: مكالمة الرئيس السيسي لوالدي ليست الأولى وشكلت فارقا كبيرا في حالته النفسية.. ويؤكد: لفتة إنسانية جعلت والدي يشعر بالامتنان.. والرئيس وصفه بالأيقونة    مصرع شابين غرقا أثناء الاستحمام داخل ترعة بقنا صور    البابا لاوون الرابع عشر: العقيدة ليست عائقًا أمام الحوار بل أساس له    قرار تعيين أكاديمية «منتقبة» يثير جدلا.. من هي الدكتورة نصرة أيوب؟    في أول زيارة رسمية لمصر.. كبير مستشاري الرئيس الأمريكي يزور المتحف المصري الكبير    مجمع السويس الطبي.. أول منشأة صحية معتمدة دوليًا بالمحافظة    حزب "مستقبل وطن" بسوهاج ينظم قافلة طبية مجانية بالبلابيش شملت الكشف والعلاج ل1630 مواطناً    وزير الرياضة يشهد تتويج جنوب أفريقيا بكأس الأمم الإفريقية للشباب    بتول عرفة تدعم كارول سماحة بعد وفاة زوجها: «علمتيني يعنى ايه إنسان مسؤول»    أحمد العوضي يثير الجدل بصورة «شبيهه»: «اتخطفت سيكا.. شبيه جامد ده!»    أكرم القصاص: نتنياهو لم ينجح فى تحويل غزة لمكان غير صالح للحياة    ننشر مواصفات امتحان مادة الرياضيات للصف الخامس الابتدائي الترم الثاني 2025    دراما في بارما.. نابولي يصطدم بالقائم والفار ويؤجل الحسم للجولة الأخيرة    بحضور رئيس الجامعة، الباحث «أحمد بركات أحمد موسى» يحصل على رسالة الدكتوراه من إعلام الأزهر    الأهلي ضد الزمالك.. مباراة فاصلة أم التأهل لنهائي دوري السلة    مشروب طبيعي دافئ سهل التحضير يساعد أبناءك على المذاكرة    ما لا يجوز في الأضحية: 18 عيبًا احذر منها قبل الشراء في عيد الأضحى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى أصول الفخر بتاريخ مصر المسيحية
نشر في الأهرام اليومي يوم 04 - 01 - 2015

لعل بلداً من بلاد الأرض لا تصدق على حضارته صفة الاستمرار كما تصدق على مصر، وفى العصر المسيحى قادت مصر حضارة البحر المتوسط، واحتلت مكانها بين بناة عمرانه ثم كانت الحضارة الإسلامية، وأسهمنا فيها بالنصيب الذي هيأته لنا ملكاتنا وتجاربنا في الحضارات، كما سجل حسين مؤنس فى مصر ورسالتها. لكن تاريخ مصر- فى طريقة كتابته- فصول لا تكاد تجمعها صلة، وحقيقة هذا التاريخ، وليس يعرف تاريخ غيره بهذا الامتداد والاتساع، أنه قصة واحدة طويلة بطلها واحد هو الشعب المصرى، ولم تستطع كل الأرزاء والإحن، وخاصة فى الحقبة المسيحية، أن تقضى على القومية المصرية، كما سجل حسين فوزى فى سندباد مصرى.
وليس المصريون الحاليون مؤلفين من شعوب مختلطة، وإنما هم شعب واحد، وقد وجد الطابع الجنسى العام للمصريين قبل أن يكون هناك أقباط أو مسلمون، واستطاعوا رغم الاختلاط أن يبقوا على الدوام أمة واحدة، . وحين دخلت المسيحية مصر أو دخلت مصر المسيحية، لم يكن ذلك إلا استجابة واستمراراً للتدين العميق الذى تأصل فى طبيعتها. وقد لعبت مصر القبطية دوراً حاسماً، حتى قيل إن تاريخ المسيحية فى القرون الخمسة الأولى ليس إلا تاريخ الكنيسة القبطية، وإنه ما من بلد أثر فى انتشار المسيحية بأعمق مما فعلت مصر، كما سجل جمال حمدان فى شخصية مصر.
وبعد هذا الإيجاز، وفى حدود ما يتسع له المقال، أُفصَّل بعض ما أبرزت من مؤلفات مصريين مسلمين، درسوا تاريخ مصر فى وحدة عضوية لم تغفل فصلا رائعا منه وهو تاريخ مصر المسيحية. وأورد أولا، ما سجله حسين مؤنس، يقول: إن المسيحية وجدت التربة الصالحة فى وادى النيل، وعلى بلدنا وفدت السيدة العذراء مريم مع ابنها المسيح هاربة من ظلم هيرود، ثم أقبل بعض الحواريين إلى بلادنا فوجدوا القلوب ممهدة لتلقى تلك الرسالة السماوية، فكثر المسيحيون في مصر. وأقبل الحوارى مرقص، فأنشأ الكنيسة المرقصية في الإسكندرية، وهى التى انتقلت إليها زعامة المسيحية كلها، وكتب أبلغ الأناجيل أسلوباً وأوفرها حكمة. وقد نهضت كنيسة الإسكندرية فى القرنين الرابع والخامس الميلاديين تنافح عن العقيدة القويمة، وظهر فيها أحبار أجلاء بهروا الدنيا بعلمهم وصلابتهم فى الحق، وكان لهم فى بناء الحضارة العالمية نصيب كبير، وأطلعت رجالات يعدهم الغرب من بناة حضارته، وأنجبت مفكرين يذكرهم الفكر الأوروبى بالإجلال. وعلى طول تاريخ مصر، لم يتغير فيها الدين إلا مرتين، ولم تتغير اللغة إلا مرتين أيضا، بينما أسبانيا، التى يرجع تاريخها إلى 2500 سنة، تغير الدين خلالها ثمانى مرات واللغة ست مرات، ولم يتغير جنس المصريين إلا تغيرات طفيفة.
وأشير ثانيا، لما أبرزه حسين فوزى، يقول: إن المصرى المسلم يعتبر العصور السابقة على الإسلام كأنها تاريخ شعب آخر انتهى أمره؛ ويبدأ تاريخ مصر بالفتح الإسلامى، بينما يبدأ المصرى المسيحى تاريخ مصر بكرازة مرقص الرسول. وقد ظلت الحقبة المسيحية تعيش فى شبه ظلام تاريخى، وهى حقبة رهيبة ورائعة فى آن واحد، قدمت أروع صور المقاومة الوطنية للمصريين. والذى لا يعرفه إلا قلة من المصريين- وما أقل المصريين معرفة بتاريخهم- أن أجدادهم القبط تعذبوا واضطهدوا على يد حكام بيزنطة المسيحيين بأشد مما عرفوا أيام الأباطرة الوثنيين، فلم يكن الأمر مجرد خلاف فى العقيدة، بل كانت روح مقاومة وطنية، أملت ترجمة الأناجيل للغة القبطية، فحافظت على اللغة المصرية القديمة مكتوبة بحروف يونانية، واتخذت مظهراً إيجابياً فى ثورات أغرقها المحتل فى دماء مذابح وحشية.
وأختم، رابعا، بما وثقه سليمان حزين، يقول: إن زعم أن الأقباط أصدق تمثيلاً لسكان مصر الأصليين من المسلمين، الذين تأثروا بالعنصر العربى، يحتاج لأن يُصحح، لأن الطابع الجنسى العام للمصريين قد وجد واتخذ صورته المميزة قبل أن يكون هناك أقباط أو مسلمون، فى عصر ما قبل الأسرات الفرعونية. ولم تكن الغالبية الساحقة من المسلمين فى مصر غزاة، وإنما هم فى الأصل أقباط تحولوا إلى الإسلام بالتدريج، حيث احتفظت الكنيسة القبطية بقوتها وأتباعها الكثيرين إلى أن لحقها الركود ونخرتها الخلافات الفردية والطائفية، فضعفت فى القرن الثالث عشر ضعفاً ظاهراً كان من نتيجته تحول أفواج كثيرة من الأقباط للإسلام. وقد أفاد المصريون من الاختلاط، لكنهم استطاعوا على الدوام أن يبقوا أمة واحدة، واستطاعت مصر دائماً أن تدمج الوافدين فيها، بما فى ذلك العرب النازحون.
وأوجز، ثالثا، ما سجله جمال حمدان فى شخصية مصر، يقول: حين دخلت المسيحية مصر أو دخلت مصر المسيحية، كانت القبطية هى النسخة المصرية من المسيحية، ومن مصر أتت أهم فنون العمارة المسيحية المبكرة؛ وبالمثل فن الأيقونات والزخارف والنقوش.. الخ. وحين تعرضت مصر للاضطهاد الرومانى الوثنى، خرج الأب باخوم والأب أنطوان إلى الصحراء يلجأون إليها من الاضطهاد الدينى ويحافظون فيها على عقيدتهم؛ فكانت الرهبنة والأديرة هدية مصر القبطية إلى المسيحية الغربية والعالمية. ولعبت الكنيسة القبطية والرهبنة دوراً مهما فى الكفاح ضد الاستعمار الرومانى البيزنطى، أصبحت فيه المسيحية والقبطية رمزاً وتعبيراً عن القومية والمصرية، بل كانت الرهبنة نوعاً من المقاومة الوطنية السلبية. وقد جب تعدد الأديان التعصب الدينى فى مصر، حيث تعاقبت وانتهت للتعايش، وصار التسامح ضرورة حياة.
وتبقى حقيقة أن معظم المسلمين المصريين اليوم إنما هم معظم القبط المصريين الذين أسلموا بالأمس، وأن معظم مسيحيى اليوم هم بقية قبط الأمس الذين استمروا على عقيدتهم السابقة؛ وقبل أخوة الدين والعقيدة، وعوضاً عنها، هناك أخوة الوطن والعرق، فالكل مصريون قبل الأديان وبعدها فالنيل أبوهم ومصر أمهم.
لمزيد من مقالات د. طه عبد العليم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.