مشاهدتي لك هذا الأسبوع كانت في مكان آخر ولكنه مرتبط بالفن المسرحي، كانت مشاهدتي في قاعة أفق بمتحف محمد محمود خليل، حيث معرض لوحات فاروق حسني الذي غاب عن هذه الساحة.. ساحة الفن التشكيلي لمدة 4 سنوات. عاد مرة أخري لفنه الذي درسه، وأيضا شغف به وأحبه، وهو الفن التشكيلي. ربما هي المرة الأولي التي أجد في فنه (أي في لوحاته) اتجاها آخر غير ما تعودنا عليه، وهو الاتجاه التشخيصي، إلي جانب (بالطبع) التجريدي. أعمال فاروق حسني تتسم باستمرار بالجرأة والموهبة في الألوان، ومزج هذه الألوان ليقرأها كل متلق بالصورة التي يريدها.. هي قطع فنية في النهاية لكن لكل منا رؤية خاصة في مدلول العمل. في الواقع لم أستطع أن أشاهد بجدية معظم الأعمال التي ملأت قاعة أفق، وذلك بسبب الزحام الشديد الذي ملأ القاعة.. أعداد كبيرة بالفعل لعل أهم ما شعرت به هو أنه لم يكن أي من الحاضرين ينتظر شيئا من الفنان، وذلك أن فاروق حسني ترك وزارة الثقافة منذ 3 سنوات، وهنا أجده الوحيد مع د. مفيد شهاب الذي لم تمسسه أي من الأسباب التي بسببها سجن الكثيرون ممن كانوا في المراكز العليا وقت حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك. إنه إذن الوقار الذي لم يفقده الشعب المصري فيمن لم تتلوث يداه، ولم يخن شعبه، ولم يحصل علي مكاسب من منصبه الذي كان يتحكم بموجبه في مليارات الجنيهات في وزارة الثقافة. ويحق له ولي أن أعتذر عما كتبته منذ سنوات توليه وزارة الثقافة عندما قلت «الوزير الفنان لماذا؟!»، وذلك لأنه كان لدينا من قبل الوزير الروائي، والوزير القاص، لكن يبدو أن الوزير عندما يكون فنانا يحمل خيال الفنانين.. من خلال هذا الفن يبدع خارج لوحاته.. يبدع الكثير والكثير لمصر، ولا أعتقد أنني أمتلك المساحة التي توفيه حقه من كثرة الأعمال التي قدمها لمصر من أسوان وحتي الإسكندرية مرورا بالقاهرة، التي أحيا فيها تراثها الأثري الإسلامي الذي أصبح الآن من أهم مزارات السياحة في القاهرة العاصمة، إلي جانب متحف الآثار، أما الهرم وأبو الهول فهما في الجيزة وليسا في القاهرة. إذن هو الفن الذي جعله يستشف ما لم يره الآخرون ليقدم لنا إبداعات كثيرة تعيش معنا الآن. أما عن معرضه فأجد الألوان الغريبة، بل بالغة الغرابة، التي يتمكن باستمرار من جذب عين المتلقي من خلالها، أيضا مزج هذه الألوان مع بعضها بعضا. وأنتهي بما قاله الفنان فاروق حسني من أنه يشعر بكل السعادة عندما يعرض أعماله في مصر في قاعة مصرية، أكثر من أي بلد آخر من البلاد التي عرض فيها. تحية لوزير ذهب وفنان عاش.