يأتى عيد الميلاد المجيد هذا العام فى ظل ظروف صعبة تشهدها العديد من الدول العربية، حيث الحصار الإسرائيلى للفلسطينيين فى غزة، وهجرة مسيحيى العراق بسبب العنف ضدهم من قبل تنظيم "داعش". ففى فلسطين، بعث رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس برسالة خاصة إلى العالم بمناسبة أعياد الميلاد المجيدة، مفادها: أن كل ما نريده من أعياد الميلاد هو العدالة، وأضاف فى رسالته أن الحكومة الفلسطينية ملتزمة التزاما كاملا بسيادة القانون واحترام حرية العبادة، مشددا على أن المسيحيين فى فلسطين ليسوا أقلية، ولكن جزء لا يتجزأ من أمتنا والحركة الوطنية، وأوضح أنه فى الوقت الذى يتحدث فيه المجتمع الدولى عن استئناف عملية السلام تذكرنا أعياد الميلاد بوجه عام ،والوضع فى بيت لحم بشكل خاص أن كلمة السلام لا يمكن أن تبقى فارغة على الدوام، مؤكدا أن أى مبادرة لتحقيق السلام ستفشل ما لم يتم تحقيق العدالة للفلسطينيين. ودعا المجتمع الدولى للدخول فى شراكة من أجل الحفاظ على وجود مسيحى كبير وحيوى فى فلسطين، من خلال وقف جميع السياسات الإسرائيلية التى دفعت شعبنا، مسيحيين ومسلمين لترك وطنهم، وهذا يشمل الاعتراف بدولة فلسطين على حدود 1967، ودعم مبادرتنا المقدمة للأمم المتحدة لتحديد موعد نهائى لإنهاء الاحتلال الإسرائيلى. وفى بيت لحم، يترقب حجاج وزوار المدينة وصول موكب البطريرك فؤاد الطوال بطريرك اللاتين فى الأراضى المقدسة قادما من القدس إيذانا ببدء احتفالات أعياد الميلاد ليترأس قداس منتصف الليل فى كنيسة المهد، الذى سيحضره الرئيس الفلسطينى محمود عباس ،ورئيس الوزراء الدكتور رامى الحمد الله ،وعدد من قناصل الدول العربية والأجنبية ،وشخصيات دينية ووطنية فلسطينية. ونفذت الأجهزة الأمنية الفلسطينية بجميع تشكيلاتها استعراضا عسكريا فى شوارع مدينة بيت لحم استعدادا للعمل على تأمين احتفالات عيد الميلاد المجيد. وتتشح غزة بالحزن فى ظل تعنت السلطات الإسرائيلية فى منح مسيحيى القطاع تصاريح زيارة المدينة المقدسة، فالطفلة سارة مسعد 11 عاما تودع والديها قائلة: "فرحة العيد ناقصة لأنى لم أحصل على تصريح للسفر إلى بيت لحم، ويقول عبد الله جهشان الذى لم يحصل على تصريح مع خطيبته كما كان يأمل: "نريد أن نفرح فى العيد لكن دماء شهداء الحرب لم تجف و الفرحة منقوصة". وبسبب هذه الظروف ألغت بلدية غزة وضع شجرة ضخمة لعيد الميلاد فى ميدان الجندى المجهول غرب مدينة غزة، وقال مسئول فى البلدية: "الأجواء غير مناسبة لإحياء هذا التقليد السنوى الرائع الذى عبر دائما عن وحدة المسلمين والمسيحيين فى غزة . وفى العراق، حث رئيس الوزراء العراقى حيدر العبادى أمس المسيحيين على البقاء برغم تهديد مسلحى تنظيم الدولة الإسلامية، وشدد فى بيان على " ضرورة بقاء المسيحيين إخوة وشركاء حقيقيين فى بناء العراق" . وقال إن: "احتفالات هذا العام تأتى فى ظل مواجهة حاسمة مع إرهابيى داعش الذين استهدفوا جميع أبناء الشعب العراقى، مضيفا أن "المسيحيين أثبتوا فى هذه المواجهة، أنهم أبناء أوفياء وأصلاء لهذا الوطن"، متعهدا ب"بذل أقصى الجهود والإمكانيات لتحقيق هذا الهدف وتطهير جميع مدن العراق وإعادة النازحين والمهجرين الى ديارهم . من جانبه، أعلن لويس روفائيل الأول ساكو بطريرك الكلدان فى العراق والعالم أمس الأول عن إلغاء مراسيم الاحتفال بأعياد الميلاد،والاكتفاء بإقامة الصلوات من أجل إنهاء العنف وعودة السلام للعراق، تضامنا مع العائلات المسيحية النازحة وعائلات قتلى القوات الأمنية من الجيش والبيشمركة. وفى الأردن، أضيئت للمرة الأولى منذ ألفى عام أمس الأول شجرة عيد الميلاد فى موقع عماد السيد المسيح بالمغطس فى لواء الشونة الجنوبية خلال حفل أقيم تحت رعاية وزير السياحة والآثار وزير العمل الأردنى الدكتور نضال القطامين، الذى قال: إننا فى هذه اللحظة التاريخية التى يشاهدها كل العالم فى هذا الموقع الذى شهد حياة وممات العديد من الأنبياء وشهد انطلاقة الرسالة المسيحية، نؤكد رسالة الأردن وقيادته فى التعايش مع بعضنا البعض، مضيفا أن احتفالنا اليوم هو انطلاقة للاحتفالات المسيحية بأعياد الميلاد، متمنيا أن يعاد بالأمن والسلام والاستقرار على الجميع فى هذا المحيط الملتهب.