حرصت الأدبيات النظرية فى مجال السياسة الخارجية على التأكيد على نقطة محورية مفادها أن المصالح الوطنية الرشيدة ترتبط ارتباطا وثيقا بمدركات النخبة الحاكمة لآليات تحديد الأهداف الاستراتيجية والسياسات العملية للوصول إليها، وفقا لقاعدة «الأخذ والعطاء» بين الأطراف المختلفة، وهو ما يحقق نتائج أكثر قابلية للاستمرار بعد انتهاج سياسات أكثر عقلانية، على نحو يقترب من الرؤية المصرية للتعامل مع «التنين الصيني» خلال زيارة السيد رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى لبكين فى 23 ديسمبر الجاري. إذ يفترض ألا تنشغل القاهرة بمطالبها من بكين فقط بل بما يمكن أن تقدمه القاهرةلبكين، الأمر الذى يطلق عليه فى أدبيات الصور الذهنية «ناظرا ومنظورا إليه». وهنا، يتمثل الاسلوب الأفضل فى كثير من الأحوال فى «توازن المصالح» الذى يحول العملية التعاونية إلى الشراكة الاستراتيجية، ولا تنهار عند أول مشكلة حقيقية أو لا يتم الالتزام بها عند أول فرصة ممكنة، بل يصبح هناك قاسم مشترك يمكن على أساسه إقامة أسس حقيقية قابلة للظهور فى صيغ تنفيذية، سواء أخذت شكل استراتيجيات أو سياسات أو خطط، تعلقت بالعلاقات الثنائية أو التحولات الإقليمية أو التغيرات الدولية. وفى هذا السياق، فإن الأفكار التى تطرحها صفحة مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية يغلب عليها رؤى السياسة الواقعية Real Politics، وهى الدوافع التى تدير بها الدول سلوكياتها فعليا وسياستها عمليا. ينطلق د.محمد فايز فرحات رئيس برنامج الدراسات الآسيوية بالمركز من محورية العلاقات الإقليمية فى مسار العلاقات المصرية الصينية على نحو أدى إلى تعاظم الأهمية النسبية للأدوار الإقليمية وتوسيع فرص الشراكة الاستراتيجبة خاصة بين قوى دولية بازغة (الصين) وقوى إقليمية محورية (مصر)، والتى يوجد بينها مساحة للاتفاق أكبر من مساحة الاختلاف، مما يفرض زيادة جرعة التفاهمات السياسية فيما يخص التوجهات الجنينية لميلاد النظام الدولى المتعدد الأطراف والتحولات الإقليمية المتسارعة فى الشرق الأوسط، وفى القلب منها مكافحة الإرهاب والعنف الديني. فى حين يرى د.أحمد قنديل رئيس برنامج دراسات الطاقة بالمركز أن التغيرات الجارية على الساحة الدولية أدت إلى صعود قوى اقتصادية مثل الصين مما يؤدى إلى توسيع هامش الحركة للدول النامية ومنها مصر بدلا من الرهان على الولاياتالمتحدة، وهو ما يفرض أيضا تطوير ركائز العلاقات الثنائية بين القاهرةوبكين، سواء السياسية أو الاقتصادية، والتوافق على سياسات التعامل مع «المراحل الانتقالية» فيما بعد التغيير فى الشرق الأوسط. فالتعاون يحتل قطاعا واسعا من التفاعلات بين القاهرةوبكين. المحرر