كان اللواء الليبى خليفة حفتر جزءا من الكوادر الشابة لضباط الجيش الذين استولوا على السلطة من الملك إدريس، ملك ليبيا، عام 1969. قام القذافى بتعيينه قائدا عاما للقوات التى تخوض معارك مع تشاد تقديرا لولائه، ووقاد ما كان يسمى الجيش الوطنى الليبى فى الحرب ضد تشاد، وحقق بعض الانتصارات هناك حتى تم التدخل الفرنسي، فاستطاعت القوات التشادية أسره و300 من جنوده عام 1987. وتنكر القذافى لحفتر، ونفى وجود قوات ليبية فى تشاد، الأمر الذى دفع الأخير طوال العقدين التاليين إلى تكريس الجهود للإطاحة بالزعيم الليبي. وأقنع حفتر قادة الجيش والميليشيات بدعم حملته، ونظرا لخلفيته العسكرية، سرعان ما أصبح واحدا من القادة الرئيسيين لقوات المعارضة الليبية فى الشرق. لكن العديد من المعارضين أبدوا شكوكا واضحة تجاه مشاركته، بسبب تاريخه فى تشاد واتصالاته مع الأمريكيين. وبعد سقوط القذافى بدأ نجم حفتر يخبو مثل العديد من الشخصيات التى خدمت فى نظام الحكم السابق وانضمت للثورة. واستمر ذلك الوضع حتى فبراير 2014 عندما عرضت قنوات تلفزيونية تسجيلا مصورا له وهو يرسم خطته لانقاذ البلاد ويدعو الليبيين إلى الثورة على المؤتمر الوطنى العام. ومنذ ذلك الحين حظى حفتر بتأييد قوى لحملته من الجماعات الليبية المسلحة المتنوعة، بما يسمح له بدعم خطاباته بقوة فعلية على الأرض. ففى بنغازى استخدم حفتر طائرات حربية وقوات برية لينفذ ما أطلق عليه اسم " عملية الكرامة" ضد قواعد ميليشيات مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين وجماعات إسلامية أخرى متشددة ، أبرزها جماعة "أنصار الشريعة" ووصف حفتر عمليته العسكرية بأنها انتفاضة ضد من سماها "الحكومة التى يسيطر عليها الإسلاميون". و تلاقى انتقاد حفتر للمؤتمر الوطنى (البرلمان) المنتهية ولايته مع رأى العديد من الليبيين، الذين أحبطوا بسبب بطء مسار المرحلة الانتقالية السياسية وكثرة تغيير رؤساء الحكومة،وسياسة العزل التى اقرها البرلمان لإقصاء غير الإسلاميين. و وفقا لقرار صدر من مجلس النواب الشرعى مؤخرا أصبح اللواء حفتر يقود العمليات العسكرية ضمن إدارة الجيش الليبى وتحت إمرة رئيس الأركان . وهو يملك تاريخا عسكريا حافلا، فقد حصل على العديد من الدورات العسكرية، منها "قيادة الفرق" فى روسيا بامتياز، وشارك حفتر فى عبور قناة السويس مع القوات المصرية يوم 7 أكتوبر 1973 فى مواجهة إسرائيل، وحاز نجمة عسكرية. وولد خليفة بلقاسم حفتر فى 1 يناير 1949 فى بنغازي، وانضم عام 1988 للجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا التى تعود نشأتها إلى عام 1981، وكانت تضم مسئولين سابقين فى نظام القذافى ودبرت هذه الجبهة محاولة اغتيال فاشلة للقذافى سنة 1984، كانت بمثابة انتكاسة لها ولعناصرها فى الداخل الليبي. وفى عام 2015 يشعر حفتر أنه يسير فى الطريق الصحيح ،بسبب الدعم المعنوى الكبير الذى تمنحه له قطاعات شعبية واسعة والبرلمان المنتخب والحكومة المنبثقة عنه ، وبعد أن تم ضم " عملية الكرامة" التى قادها إلى الجيش الوطنى الليبى ، وهو لديه أمل كبير فى أن ينجح فى تخليص ليبيا من الجماعات الاسلامية المسلحة والإرهابيين خلال العام المقبل . لكن لاشك أن معركة حفتر الجنرال العنيد الذى يصر على الذهاب حتى آخر المدى لتحقيق أهدافه ليست سهلة على الإطلاق، فليبيا البلد البترولى الغنى بموارده الطبيعية هو الآن محل تقاطع مصالح وتدخلات إقليمية ودولية ، وهناك جهات عديدة تدعم بشدة القوى المناوئة لحفتر وللجيش الوطنى الليبى ، وماتزال جيوب الإرهابيين تقاوم فى الشرق ، والمعركة القادمة فى طرابلس ومصراتة هى الأخطر.