عادت الألسنة تلوك ما سبق وتداولته الاوساط المحلية والعالمية من تصريحات حول مخططات الادارة الامريكية للاطاحة بنظام الرئيس فلاديمير بوتين، انطلاقا فى هذه المرة من الانهيار "المروع" للعملة الوطنية الروسية امام العملات الاجنبية، فى سابقة تشكل اكبر تحد للرئيس الروسى منذ جاء الى سدة الحكم فى مايو عام 2000. بل وثمة من قال ان الازمة الاخيرة صارت تهدد اكثر من اى وقت مضى، شعبية بوتين الذى يظل يحتفظ بها طوال فترة حكمه التى تقترب من 15 عاما . على خلفية أسوأ ازمة اقتصادية ثمة من توقع أن تُعَجٍل بسقوط النظام القائم، مَثُل الرئيس فلاديمير بوتين امام ما يزيد عن 1200 من الصحفيين المحليين والاجانب لتقديم ما هو اقرب الى كشف الحساب عن الفترة السابقة لحكمه، وتوضيح ما يمكن ان تتخذه الحكومة الروسية من خطوات لتجاوز الازمة المالية الناجمة عن انهيار العملة الوطنية. استهل بوتين حديثه بطمأنة مواطنيه مؤكدا ان روسيا ستتجاوز الازمات الراهنة فى غضون عامين، بل وقال انها قد تستطيع تحسين اوضاعها مع مطلع العام المقبل . استعرض الرئيس الروسى ما تملكه بلاده من قدرات يمكن الاعتماد عليها لمواجهة الازمة الراهنة وحتى الخروج الى بر الامان. أشار بوتين الى أن روسيا وعلى الرغم من الاوضاع المالية الصعبة قادرة على تجاوز ما تكبدته من خسائر، انطلاقا مما يملكه البنك المركزى من احتياطى النقد الاجنبى يبلغ 419 مليار دولار، الى جانب الاحتياطى الحكومى الذى يبلغ 8,4 تريليون روبل وهو ما يفى بكل احتياجات الدولة. وفيما عزا الازمة المالية الخانقة وانهيار العملة الوطنية الى عوامل خارجية وفى مقدمتها انخفاض اسعار النفط، كشف بوتين عن نمو الناتج المحلى الاجمالى خلال الاشهر العشرة الاخيرة بنسبة 1,7% ، الى جانب نمو الانتاج الصناعى بنسبة 1,7% فضلا عن تحقيق الموازنة العامة الفائض الذى يؤكد زيادة الدخل القومى عن المصرفات. واعاد بوتين ما سبق واشار اليه خلال خطابه السنوى الى الامة الذى القاه فى مطلع ديسمبر الجارى حول الامتيازات والاعفاءات الضريبية، وما تطرحه موسكو من عفو عام لاعادة رؤوس الاموال الهاربة الى الخارج، مشيرا الى ما حققه القطاع الزراعى من انجازات ومكاسب ومنها انتاج الحبوب حتى 104 ملايين طن . وكانت الازمة الاقتصادية وانهيار الروبل نتيجة المضاربات وتحت تاثير العقوبات وانخفاض اسعار النفط، اثارت رعب وفزع المواطنين الروس الذين اندفعوا الى متاجر السلع المعمرة ومعارض بيع السيارات، لشراء كل ما "يلزمهم ولا يلزمهم"، فى محاولة لانقاذ مدخراتهم، وتحسبا للمزيد من انخفاض العملة الوطنية. وقال ميدفيديف إن "الحكومة والبنك المركزى اتفقا على برنامج لتحقيق استقرار سوق الصرف". مؤكدا وجود الاحتياطى الكافى من العملات الأجنبية، والذى قدره البنك المركزى الروسى بما يقرب من 419 مليار دولار، الى جانب السيولة النقدية التى قدرتها وزارة المالية الروسية بمقدار 7 مليارات دولار. وعلى الرغم من استعادة الروبل لبعض مواقعه لترتفع قيمته امام الدولار حتى دون الستين روبل ، بعد ان كان سعر الدولار تجاوز عتبة 80 روبلا، واليورو عتبة المائة روبل!. واحتدم الجدل داخل اروقة مجلس الدوما حيث انقسم الاعضاء بين مطالبين باقالة الحكومة وحاكم البنك المركزى، وبين مؤيد لعدم الاندفاع نحو قرارات غير محسوبة والتفرغ لايجاد السبل المناسبة لاعادة السوق الروسية الى ما كانت عليه من خلال ضبط الاسعار والتصدى للمضاربين والكشف عن البنوك الكبيرة التى شاركت فى اندلاع الازمة الاخيرة. وفيما اتهمت الفيرا نبيولينا حاكمة البنك المركزى "عناصر خارجية" بالوقوف وراء انهيار العملة الوطنية، قالت بان البنك المركزى الروسى لا يزال يملك الاليات التى يستطيع من خلالها اعادة العملة الوطنية الى سابق مستواها وكان دميترى ميدفيديف رئيس الحكومة الروسية عقد اجتماعا عاجلا مع قيادات عدد من المؤسسات والشركات الحكومية منها "غازبروم" و"روس نفط"، اعلن فيه عن دعوتهم إلى التحلى بالمسئولية والاضطلاع بواجباتهم تجاه الدولة ، فى اشارة مباشرة الى ضرورة عدم الاحتفاظ بكل ارباحها من العملات الاجنبية وتحويل حصة الدولة لدعم الاستقرار المالي. ولم يمض من الزمن الكثير حتى سجل البنك المركزى زيادة ملحوظة فى سعر الروبل امام العملات وسط تعاملات متقلبة مدعوما بخطط البنك المركزى ما ساهم فى تبديد القلق الذى كان يساور الكثيرين بشأن سداد الديون الخارجية للشركات الروسية وتحقيق الاستقرار للروبل، فيما جنحت السوق الروسية نحو التهدئة فى اعقاب اعلان الرئيس بوتين عما سوف تتخذه الحكومة الروسية من اجراءات لتامين احتياجات مواطنيه.