دنيا الثقافة تنعي أستاذ الفلسفة, المفكر الكبير رائد مدرسة ابن رشد الفلسفية في التحليل العقلي الدكتور عاطف العراقي الذي أثري الصفحة بآرائه ورؤيته الموضوعية من خلال مشاركاته المستمرة واشتباكاته مع قضايا المجتمع الثقافية والفكرية. فهو الذي وهب حياته في محراب فكر وفلسفة فيلسوف العرب ابن رشد, الذي كاد أن يفقد حياته الفكرية بسببه حين تعرض للمحاكمة عام1955 بسبب بعض آرائه التنويرية عنه. كان يري أن للفلسفة العديد من الوظائف التي تعد بالغة الأهمية في عصرنا الحالي علي وجه الخصوص ولا نتصور حياة بدون فلسفة ولا نتصور مجتمعا يخلو من الفلسفة والتفلسف, ولأن الفلسفة طوال تاريخها كانت مرتبطة ارتباطا وثيقا بالعلم, فكان دفاعها عنه وعن المنهج العلمي, إذ يمثل التفكير العلمي مكانة كبيرة في تاريخ الفكر البشري قديمه وحديثه. وقد أسهم العرب في كتابة التاريخ العلمي العالمي. وما يقال عن وظيفة الفلسفة في مجال العلم يقال عن أهميتها في مجال الفكر النقدي الذي نري أن الحركات الفكرية والعلمية لم يقدر لها النجاح والتأثير إلا بفضل الالتزام بالمنهج النقدي, علي أثر محاكمته قال.. إن المشكلة الكبري أن هذا يبين لي أنه لا يوجد نوع من الترابط بين المثقفين, فحزنت جدا لأنه لم يقف بجواري أي مثقف. فمن أسباب نكبة الثقافة في مصر والعالم العربي أنه لا توجد رابطة تجمع المثقفين وبالتالي لا توجد أيديولوجية عربية مشتركة. والمثقف الآن تدفعه المصالح والتربيطات ويري د. العراقي أن هذا التحول يرجع إلي ظاهرة البتروفكر أي صاحب الفكر النفطي. شارك في العديد من الندوات داخليا وخارجيا منها ندوة حضرها بدعوة من وزير الشئون الدينية بتونس عن( التسامح الديني وتنشيط الحوار المتواصل بين الثقافات والأخذ بأسلوب التقدم والنمو). ومثل مصر في مؤتمر عن ابن رشد بالجزائر تحت عنوان ابن رشد عقلانية في الاجتهاد وعالمية في الرؤية, له العديد من المؤلفات منها مذاهب فلاسفة الشرق وتجديد والكلامية وثورة العقل في الفلسفة المصرية وثورة العقل في الفلسفة العربية والمنهج النقدي في فلسفة ابن رشد ودراسة وتحقيق كتاب الاسلام دين العلم والمدنية للشيخ محمد عبده, نال العديد من الجوائز منها جائزة الدولة التشجيعية في العلوم الاجتماعية عام1981, وجائزة الدولة للتفوق عام2000, ووسام العلوم والفنون والآداب من الدرجة الأولي عام1981 وغيرها. د. عاطف العراقي( نوفمبر1953 فبراير2012 هو محطة مهمة ومحور ارتكاز في تكويننا الثقافي والفكري, وهو أحد مشاعل الفكر الفلسفي في العصر الحديث, الذي عكف وحيدا في صومعته الفكرية, وراهبا في حراب العلوم الفلسفية علي ما يزيد علي نصف قرن. يرحمه الله مع الراحلين من كوكبة أهل الفكر والثقافة المصرية.