أزمة فنية أثيرت بعد إعلان الفائزين في صالون الشباب الدورة 25 الأخيرة، وجعلتنا نتساءل ما هو الفرق بين السرقات الفنية والتأثير الفني ؟ أثارت الأزمة الفنانة أحلام فكرى وشككت في عمل الفنانة شيماء صبحى الفائزة بجائزة قومسير الصالون، وزعمت أن لوحتها نقلت من عمل للفنانة الهولندية "تمارا مولر".. ولكن قرار لجنة الفرز واختيار الأعمال الخاصة كان له رأي آخر، أن الفنانة ربما تأثرت بأعمال بعض الفنانين، ولكن لا توجد شبهة نقل مباشر وهناك اختلافات واضحة فيما يتعلق بالتقنية، ولا يوجد تطابق من حيث تكوين وبناء العمل، و احتفظ القوميسير بحقه فى الإبقاء على منح الجائزة للفنانة.. بحثنا مع المسئولين والفنانين عن الخطوط الفاصلة بين تأثر المبدعين بمدارس فنية أو فنانين رواد وبين نقل عمل فنان أخر او حتى اجزاء منه؟ ومتى يعتبر العمل سرقة فنية؟. في البداية يعلق الدكتور أحمد عبدالغنى رئيس قطاع الفنون التشكيلية علي هذه القضية بقوله: "هناك فرق واضح بين تأثر فنان بأسلوب وتقنيات فنان أخر، وبين عملية نسخ الأعمال الفنية .. ولا يعني ذلك أن يظهر التأثير في الأعمال بنسبة مرتفعة تتعدي نسبة 80% فهذا يعنى ناقوس الخطر في مسيرة الفنان واستمرار إنتاجه وتميزه .. لأن الفنان الحقيقى يتعلم ويرى كل الأساليب والتقنيات وبعدها يصنع لنفسه أسلوب خاص.. ويعد صالون الشباب المحرك الاساسى للفنانين الشباب، ومن خلاله نفرز المواهب الحقيقية، والحكم متروك للمشاهدين فهم سيحكمون على العمل إذا كان منقول أو لا بعد مشاهدته ومقارنته مع أعمال الفنانة الهولندية. ويشير الدكتور شوقى معروف - استاذ الخزف بكلية الفنون التطبيقية - الذى يشارك فى لجان التحكيم بعدد من الفعاليات الفنية، إلي وجود العديد من المعايير والمقاييس التي تتيح للجان التحكيم الفرز والحكم بأن العمل الفني المقدم مقلد أم لا، من بين تلك المعايير ما يطلق عليه تطابق الحبكة الدرامية، إضافة لاستخدام نفس الألوان، وتطابق الشكل، أما إذا استخدم الفنان الطابع المميز لمدرسة فنية محددة ، ولكن بفلسفته الخاصة فهذا شئ عادى يتبعه معظم الفنانين وكثير من الفنانين تأثروا ممن سبقوهم. ويقول الفنان محمد الطراوى - قومسيير المعرض العام فى عام -2013: "العملية الإبداعية عبارة عن حلقات متصلة ومترابطة ، وفكرة التأثر بعمل فنى شئ عادى ومنتشر ولكن بمعايير لا يجب تجاوزها، فمثلا قبل إنشاء كلية الفنون الجميلة كان تعليم الفنون عن طريق بعض الاستوديوهات الخاصة وبالتالى يخرج كل من تعلموا متأثرين بأسلوب الفنان الذى تعلموا على يديه، فالفن يقوم على التأثر بالبعد التقنى والفكرى ولكن بدون تطابق، وبالنسبة للفنانين الشباب يجب التعامل معهم بآلية مختلفة وبنظرة أكثر عمقا وتوعيتهم بهذه المفاهيم بدلا من الهجوم عليهم، فالفنان الشاب بعد تخرجه من الكلية لا يكون عنده الخبرة الكافية فى التفرقة بين تأثره بأعمال فنان بعينه أو النقل منها، وعموما خطاب المثقفين لابد ان يكون بشكل مختلف، ويكون فى إطار الحوار الهادف المتزن". وكتبت الدكتورة أمل نصر الأستاذة بكلية الفنون الجميلة بالإسكندرية على صفحتها على الفيسبوك: "الحقل الفنى التشكيلى المصرى المعاصر منغمس فى قضايا الاقتباس والتأثر والانتماء منذ إنشائه حيث بدأ فى الأصل مقتبساً للنموذج الغربى الأكاديمى الذى كرسته مناهج كليات الفنون الجميلة بها فشهدنا إنتاجا كبيراً من الأعمال غربية الأداء والمفهوم ومصرية الموضوعات وكأنما عندما يصور الفنان الريف المصرى والأحياء الشعبية بأسلوب تأثيرى فهو فى ذلك يقدم عملاً فنى مصرى أصيل، وكأنما عندما يفك الفنان حروف الخط العربى ويخرق قانون بنائها ويحولها لمجرد إيقاعات شكلية مجردة يكون قد حافظ على هويته العربية، وهو فى الواقع لا يفعل أبعد مما فعله بول كلى وفنانين آخرين أوربيين بها. وتتعدد الأمثلة وصولاً إلى عصر المعلوماتية حيث أصبحت مسألة الاقتباس مفتوحة والنقل أسهل ومتاح ويترك اكتشاف المصدر للصدفة التى قد تأتى وقد لا تأتى مما جعلنا نكتشف أن أعمال فازت بجوائز كبرى هى فى الأصل منقولة حرفياً".