أكدت مصادر روسية رسمية للأهرام أن الرئيس فلاديمير بوتين سوف يقوم بزيارة القاهرة فى مطلع العام المقبل، وهو ما يعنى ضمنا أن الجانب الروسى تخلى عن سابق تحفظاته وما قيل حول أنه سوف يفعل ذلك بعد الانتهاء من تنفيذ جميع مراحل خريطة الطريق فى مصر أى بعد إقرار الدستور وانتخاب الرئيس والبرلمان . وفى إطار التمهيد لهذه الزيارة، قالت المصادر إن سيرجى شويجو وزير الدفاع الروسى سيقوم بزيارة قريبة لمصر يبحث خلالها مستجدات الوضع الدولى والإقليمى ومجمل قضايا التعاون العسكرى بين البلدين. وتأتى زيارة شويجو لمصر عقب زيارته للصين والتى اتفق خلالها مع نظيره الصينى على مناورات مشتركة فى 2015 رالتعاون والتنسيق فى مجال مكافحة الثورات الملونة. هكذا وبعد انتظار طال لما يقرب من أربع سنوات يصل بوتين إلى القاهرة فى زيارة هى الثانية له، بعد الأولى التى قام بها فى عام 2005 ، فيما كانت آخر زيارة قام بها رئيس روسى لمصر فى عام 2009، وهى الزيارة التى قام بها الرئيس السابق دميترى ميدفيديف ووقع خلالها مع نظيره المصرى حسنى مبارك اتفاقية الشراكة الاستراتيجية التى كانت أقرت آلية « 2+2 « حول اللقاءات الدورية لوزيرى الخارجية والدفاع فى البلدين. ومن اللافت أن تعمد تسريب خبر القيام بهذه الزيارة وهو ما يبدو على خلاف التقاليد الدبلوماسية الروسية، التى طالما فرضت ستارا من السرية والكتمان الشديدين حول مواعيد الزيارات الخارجية لرئيس الدولة، واعتبرت ذلك من صميم صلاحيات الكرملين جاء فى توقيت يشهد احتدام التوتر فى علاقات روسيا مع العالم الغربى، وتعثر سياسات واشنطن فى الشرق الأوسط ،ومنها ما يتعلق بمكافحة ما أسفرت عنه سياساتها من «تغول» الإرهاب وظهور «داعش»، مثلما سبق وحدث مع ظهور «طالبان» و»القاعدة» فى أفغانستان. ومن اللافت أن ذلك يجئ أيضا فى وقت مواكب لتكثيف اتصالات روسيا مع حلفائها التقليديين فى إطار مجموعتى «بريكس» التى تضم الصين والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا، و»شنغهاى» التى تضم الصين وبلدان آسيا الوسطى، إلى جانب تنشيط علاقات موسكو مع بلدان العالم العربى ما تمثل فى زيارة الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودية موسكو، إلى جانب زيارة وليد المعلم نائب رئيس الحكومة وزير الخارجية السورية خلال الأسبوع الحالى، وغيرها من الاتصالات مع العديد من بلدان شمال إفريقيا. وتقول «الشواهد» إن الزيارة المرتقبة للرئيس بوتين تستهدف الارتقاء بمستوى العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية «الحقيقية»، بعيدا عن الشعارات والإغراق فى الحديث عن «التاريخ»، على حساب الحاضر ومشكلاته. فى الوقت نفسه كشف سيرجى لافروف وزير الخارجية الروسية فى لقائه مع أعضاء مجلس السياسة الخارجية والدفاع فى موسكو عن أن العالم فى حاجة إلى تضافر جهود كل القوى العالمية من أجل مواجهة المشكلات والتحديات القائمة. وقال إنه «لا يظن أن مشكلات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يمكن أن تنتهى وحدها. وتناول الوزير الروسى قضايا الإرهاب الدولى وظهور «داعش»، وهو ما ألقى بمسئوليته على الولاياتالمتحدة. وانتقد لافروف المنهج الانتقائى للولايات المتحدة، واستطرد ليكشف عما تحيكه واشنطن من دسائس ، مشيرا إلى ما قاله نظيره الأمريكى جون كيرى ردا على سؤاله، حول أسباب عدم التزام الولاياتالمتحدة بالشرعية، وبحث مشروعها لمواجهة الإرهاب ضد «الدولة الإسلامية - داعش» فى مجلس الأمن. قال إن كيرى اعترف بأن ذلك كان يمكن أن يؤكد وضعية نظام الرئيس السورى بشار الأسد !، رغم أن هذا النظام كان عنصرا رئيسيا شرعيا فى مباحثات تصفية الأسلحة الكيماوية. وأشار إلى ضرورة ألا ننسى أن الولاياتالمتحدة سبق وخاضت مباحثات مع طالبان الأفغانية. وفى معرض ذلك اللقاء السنوى لمجلس السياسة الخارجية والدفاع كشف لافروف عن الأهداف الحقيقية للحملة الغربية ضد بلاده، وقال إنها تستهدف « تغيير النظام»، إن الغرب لا يخفى ذلك، مؤكدا أن لا أحد يستطيع فرض العزلة حول روسيا، وهو قول مماثل لما سبق وقاله الرئيس فلاديمير بوتين حول «أن بلاده طالما تعرضت للضغوط على مر التاريخ، ولم يستطع أحد فرض ارادته عليها، ولن يستطيع» فى ذلك اللقاء أيضا استأنف وزير الخارجية الروسية «حملة التنوير» التى كان بدأها الرئيس بوتين فى سوتشى فى ختام انعقاد الدورة الماضية لمنتدى فالداى، وهو ما أوجزناه فى حينه على صفحات «الأهرام». قال لافروف إن الأزمة الأوكرانية «صناعة أمريكية»، مشيرا إلى أن ذلك حدث عقب لحظات فارقة تقول إن الجانبين الروسى والغربى كانا على أعتاب تحديد مؤشرات «بوصلة توجهات» علاقات الطرفين، إما نحو التعاون الحقيقى والشراكة الاستراتيجية وتطوير الأفعال بعيدا عن التوقف عند الأقوال، وإما المواجهة . واذا كانت روسيا أعلنت عن موقفها الثابت والمؤكد عن تمسكها بالخيار الأول، فإن الجانب الآخر كشف عن تبنيه الخيار الثانى. ولم يكن الإعلان عن ضرورة توقيع الشراكة الاستراتيجية بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبى ، يستهدف تحقيق التعاون بين الجانبين ، بقدر ما كان يستهدف فى حقيقة الأمر الابتعاد بأوكرانيا عن التقارب مع بلدان الاتحاد الجمركى والتعاون الأوروآسيوى. ولم يتوقفوا عند هذا الحد ، وتعمدوا استثارة روسيا محاولين النيل من كرامتها وهيبتها من خلال تعمد إهانة وإذلال الناطقين بالروسية فى جنوب شرق أوكرانيا وانتهاك حقوقهم القومية التاريخية. وكان لافروف سبق وحذر من مغبة تجاهل الأخطار المشتركة وفى مقدمتها الإرهاب . وقال إن حملة الناتو ضد لبييا كانت من أهم أسباب انهيار الدولة ووقوع الكثير من أسلحة الجيش الليبى فى أيدى الفصائل الإرهابية ، وانتقال جزء كبير من هذه الأسلحة إلى شبه جزيرة سيناء، فيما طلب نقل هذا الملف إلى مجلس الأمن وهو ما لا تستجيب له الولاياتالمتحدة.