الهيئة الوطنية: تقديم 1392 مرشحا بالنظام الفردى فى انتخابات مجلس النواب    أكسيوس نقلا عن روبيو: لقاءات شرم الشيخ تسير في اتجاه إيجابي    اتحاد الكرة لمحمد صلاح عقب تسجيله 20 هدفا بتصفيات كأس العالم: كينج اللعبة    برشلونة يكشف تفاصيل مواجهة فياريال في أمريكا.. وخصم لمن لا يستطيع السفر    أسماء 15 مصابا في حادث انقلاب ميكروباص بطريق الحادثة – القناطر الخيرية    محكمة الجنايات: المؤبد لمتهم بجلب 6500 كيلو جرام مخدرات فى الإسكندرية    أول ظهور لعمر زهران بعد أزمته مع زوجة خالد يوسف (فيديو)    عمر زهران يقدّم المؤتمر الصحفي لألبوم «تاريخي» للفنانة مي فاروق    مجدى بدران: حنان الأم دواء طبيعي لجهاز المناعة    نائب رئيس جامعة الإسكندرية يلتقى سفير باكستان بالقاهرة لبحث التعاون الأكاديمي والبحثي المشترك    وزير قطاع الأعمال يبحث تعزيز التعاون الاقتصادي مع النرويج    رئيس الاتحاد الدولي للهوكي يحضر بطولة الأمم الأفريقية بالإسماعيلية    علاء مبارك يهنئ منتخب مصر: «ننتظر الفرحة الكبيرة بالحصول على العلامة الثامنة»    رافينيا يواصل الغياب عن برشلونة أمام جيرونا    رسميًا.. جدول صرف مرتبات شهر أكتوبر 2025 للموظفين في مصر بعد بيان المالية    الفريق أسامة ربيع يشهد تدشين القاطرتين عزم «3» و«4» بقوة شد 90 طنًا    كان بينتقم منهم.. ضبط المتهم بالتعدي على زوجته وحماته بالغربية    «تعليم المنيا» يكرم معلمي التربية الموسيقية الفائزين بمراكز متقدمة على مستوى الجمهورية    «بحكم الأمر الواقع».. ضياء رشوان: التوقيع النهائي لأي اتفاق سيكون من نصيب الجهة التي تنفذه رسمياً    بعد إحالته للمحكمة.. محمد رمضان يطرح أغنيته «مابطلعش إلا أول» (فيديو)    شيرين عبدالوهاب.. أبرز محطات في حياة صاحبة «الوتر الحساس» بعيد ميلادها ال45    «أرواح في المدينة» تحتفل بذكرى انتصارات أكتوبر بالأوبرا    مواقيت الصلاة فى الشرقية اليوم الأربعاء 8102025    عضو «الشؤون الإسلامية»: أحمد عمر هاشم حج بيت الله لمدة 42 سنة متصلة وتوقف لهذا السبب    وزير دفاع الإكوادور: رشق متظاهرين موكب الرئيس بالحجارة عمل إرهابي    تنظيم قافلة طبية بجامعة السادات ضمن مبادرة حياة كريمة.. ومشروع تنموي جديد ب «كفر العشري»    عضو الجمعية المصرية للحساسية: الوقاية والالتزام بالتطعيم هما الدرع الأقوى لمواجهة فيروسات الشتاء    مدرسة النيل بالأقصر تحتفل بانتصارات أكتوبر.. عروض فنية وتكريم أسر الشهداء.. صور    نوح: رفضنا الفطار فى رمضان ولقنا العدو درسًا فى معركة «العبيد»    شهر رجب يتكرر للمرة الثانية فى عام واحد ب 2025    زاخاروفا: تزويد كييف بصواريخ توماهوك يهدد العلاقات الأمريكية الروسية بشدة    وزير الأمن القومي الإسرائيلي يمنع مؤتمرا للسلطة الفلسطينية في القدس الشرقية    تأجيل محاكمة 21 متهما بخلية "دعاة الفلاح" لجلسة 24 ديسمبر    رحمة أحمد تنضم ل«نصيب»بطولة ياسمين صبري    مقتل طفل وإصابة 3 أشخاص إثر تجدد خصومة بين طرفين في سوهاج    رسميًا.. الاتحاد يتعاقد مع البرتغالي كونسيساو    استقرار وانخفاض طفيف في أسعار الحديد بأسواق المنيا الأربعاء 8 أكتوبر 2025    نبيلة مكرم: التحالف الوطني نموذج فريد للحماية الاجتماعية على أرض الجيزة    دعوى أمام القضاء الإداري لوقف نشر صور متهمات وقاصرات جرائم الآداب    نهضة بركان يتعرض لضربة قوية قبل مواجهة بيراميدز في السوبر الأفريقي    فوز «العنانى» التاريخى    القبض على شخصين بسرقة متعلقات المواطنين في النزهة    أحمد عمر هاشم.. تعرف على أبرز 10 معلومات عن جهوده الدعوية    «نادية عمارة» تكشف الأسس الشرعية والاجتماعية لاختيار شريك الحياة    وزارة الاتصالات: تنفيذ برنامج عالمى لأكاديمية إتش بى للابتكار فى مدارس WE    تكاثر السحب الممطرة على هذه المناطق.. الأرصاد الجوية تكشف حالة الطقس في القاهرة والمحافظات    وزيرة التضامن تترأس اجتماع اللجنة العليا للأسر البديلة الكافلة    انطلاق برنامج مصر جميلة لاكتشاف المواهب الفنية والأدبية بالوادي الجديد    علاج 1928 مواطنا مجانا ضمن قافلة طبية بقرية في الشرقية    موقف عصام صاصا بعد اتهامه فى مشاجرة وصدور حكم بالحبس سنة مع إيقاف التنفيذ    الإحصاء: 36.8 % زيادة بقيمة المبالغ المودعة فى صندوق توفير البريد 2024 / 2025    عزاء الدكتور أحمد عمر هاشم اليوم بمسجد الشرطة بالتجمع الخامس بعد صلاة المغرب    وفد لبنانى يزور هيئة الاعتماد والرقابة للاطلاع على تجربة مصر بالإصلاح الصحى    القافلة ال46 تحمل آلاف الأطنان من المساعدات الإغاثية والإنسانية والغذائية إلى غزة    «الشكاوى الحكومية» تتلقى 13.5 ألف شكوى واستغاثة صحية    8 أكتوبر 2025.. الدولار يستقر أمام الجنيه عند أدنى مستوياته خلال 16 شهرا    يد - بعثة الأهلي إلى المغرب للمشاركة في بطولة إفريقيا    أكسيوس: ويتكوف وكوشنر يصلان شرم الشيخ للانضمام لمفاوضات إنهاء حرب غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فوضه عبد الناصر
محمود يونس رئيس جمهورية قناة السويس
نشر في الأهرام اليومي يوم 20 - 11 - 2014

لم ينل المهندس محمود يونس ما يستحق من تكريم رغم مرور58 عام علي تأميم القناة, فهو الرجل الذي أوكل إليه الرئيس جمال عبد الناصر أصعب مهمة وهي القيام بعملية التأميم وترك له اختيار جميع معاونيه في هذه العملية, وفوضه بسلطة رئيس الجمهورية حتي لاتعوقه العراقيل البيروقراطية و الإدارية.
يونس تخرج في عام1937 وفي العام الثاني مباشرة تخرج في الهندسة العسكرية بعد أن التحق بالجيش, ثم بكلية اركان الحرب وعمل بالقيادة العامة للجيش, ثم مدرسا بكلية اركان حرب لتدريس مادة الإدارة والتحركات وكان جمال عبد الناصر احد الطلاب بالكلية وتخرج ناصر في الكلية ليعود إليها مدرسا للشئون الإدارية ليتزامل مع محمود يونس وتجمعهما غرفة واحدة بالكلية بها مكتب لكل منهما, من هنا بدأت الصلة بين الاثنين وكان عبد الناصر يدرك مهارة يونس الإدارية وحسمه أيضا, اختير محمود يونس مديرا للمكتب الفني لمجلس قيادة الثورة واشترك في اللجنة الوزارية لتشكيل مجلس الإنتاج وفي المجلس الدائم لتنمية الإنتاج القومي ثم عين عضوا منتدبا لمعمل التكرير بالسويس ورئيسا للجمعية لشئون البترول والثروة المعدنية, كل هذا وكان لايزال رسميا ضابطا بالقوات المسلحة ثم ترك الجيش نهائيا عند وصوله لرتبة قائمقام عقيد فلم يكن محمود يونس رجلا مسئولا رسميا فقط بل كان له دورأيضا في العمل العام, ففي عام1954 انتخب نقيبا للمهندسين وتكرر ذلك في عامي55 و1957 ثم لاتحاد نقابات المهندسين في الدول العربية, وحين وقع اختيار عبد الناصر عليه ليقود عملية التأميم قبل موعدها بخمسة وخمسين ساعة فقط كان أمام رجل ذي خبرة وعلم وأيضا ذو حس وطني رفيع فضلا عن أنه موضع ثقة, وقاد العملية بنجاح وحسم, ويكفي أن معظم رؤساء الهيئة بعده كانوا من اكتشافه ومن الذين اختارهم إلي جواره ليلة الحسم, وفي لحظة التأميم التقي يونس في مكتب محافظ القناة بالمديرين الثلاثة الكبار بالقناة وكانوا جميعا من الفرنسيين ودار حوار معهم سجله عبد الحميد ابو بكر الذي كان حاضرا ذلك اللقاء ونشره في مذكراته, ويكشف الحوار الذهول الذي أصاب المديرين الثلاثة وعجرفتهم أيضا مقابل ثقة يونس وحزمه, فقد قال لهم يونس إن كل منهم سيمارس اختصاصه فيرد عليه مينيسييه: وإذا كنا نريد أن نتجاوز هذا الاختصاص ماذا نفعل ؟, وقال له: اتصل بباريس فيرد يونس علي الفور أعتبرني باريس من الآن, مينيسييه كان يريد أن يشكك في قدرة يونس علي هذا الدور باعتباره رجلا عسكريا في المقام الأول فسأله: هل سيادتك فني رد عليه يونس نعم و قد كنت نقيبا للمهندسيين ويرد مينيسيه و لكن مسألة اللغة الفرنسية ستكون معقدة, فيجيب محمود: لاتخف سنحاول التمرين عليها كان الحوار طويلا وفيه شد وجذب واستعلاء من قبل المسئولين الفرنسيين وتلميحات تهديدات, ولكن يونس كان يرد بذكاء و ثقة وتواضع فيسألهم يونس: هل في تصرفنا شيء يضايقكم؟ ونجحت عملية التأ ميم و قام يونس بمجهود خارق ومغامرة نبيلة دون أن يخشي أن يستقبله الأجانب بالرصاص وهو يقتحم المكاتب الرئيسية في اللحظات الحرجة, لم يكن من قبل يجرؤ اي وزير مصري لعقود طويلة أن يحادث أيا منهم في التليفون, والطريف أن عبد الناصر وهو يشكل مجلس إدارة هيئة القناة لم يعين محمود يونس رئيسا لها, كان يريد وجها مدنيا وقانونيا معروفا في مصر و خارجها لذا اختار الدكتور حلمي بهجت بدوي استاذ القانون الذي تعلم في باريس وكان اسما دوليا معروفا, وجعل محمود يونس نائبا للرئيس والعضو المنتدب, وبعد العدوان الثلاثي وإعادة تشغيل القناة في عام1957 ووفاة الدكتور حلمي اختار عبد الناصر يونس لهيئة القناة وكان مرتبه في ذلك الوقت في الترتيب رقم143 اي انه كان هناك142 موظفا و مسئولا بالهيئة يفوقونه في المرتب, و انتخب يونس اكثر من مرة بمجلس الأمة عن دائرة الإسماعيلية و في عام1965 ترك محمود يونس القناة واختير نائبا لرئيس الوزراء ووزيرا للنقل والمواصلآت وخلفه رفيقه في ليلة التأميم المهندس مشهور احمد مشهور.
وعلي الرغم من أن المرشدين الأجانب كانوا متأكدين أن القيادات المصرية غير قادرة علي إدارة القناة إلا إن الحظ لم يحالفهم ولم تتحقق آمالهم لهذا الفشل.
بدأت مؤامرة انسحاب المرشدين الأجانب عندما قام مسيو( بول ريموند) نائبا عن موظفي القناة ومرشديها الفرنسيين بمقابلة محمود يونس الذي كان يقوم بدور رئيس هيئة قناة السويس بشكل عاجل كان ذلك في ليلة13 سبتمبر1956 م:
وقال ريموند ليونس انه قرر هو وزملاؤه من المرشدين والموظفين الأجانب البالغ عددهم206 من المرشدين و154 موظفا أن يتركوا أعمالهم في القناة لعدم استطاعتهم التعاون معه بحجة عدم رضائهم عن معاملته لهم, وفي خلال اللقاء لمح ريموند إلي أن ثمة تعليمات قد وصلته من باريس بهذا التوقف وأن الشركة المنحلة بقرار عبد الناصر ضمنت لهم مرتباتهم وأعمالهم بل وأعلنت عن مكافأة مرتب عام لمن يترك العمل في القناة منهم.
وفي الليلة الثانية, مباشرة ترك المرشدون الفرنسيون أعمالهم و جلسوا في نواديهم يطلون علي مياه القناة ويحتسون الويسكي وبجوارهم كان مراسلو الصحف الأمريكية قد تجمعوا ليشهدوا المأساة المتوقعة لتوقف الملاحة في القناة.
وعندما تأكد محمود يونس من انسحاب المرشدين الأجانب في منتصف ليلة15 سبتمبر1956 م فوجئ هؤلاء برده الحاسم,( مع السلامة ونحن مستعدون لتقديم أي تسهيلات لخروجكم فورا), أما عبد الناصر فقد علق علي خروج المرشدين ببساطة قائلا: أعطيت تعليماتي بتيسير حصولهم علي تأشيرات الخروج و بأن تعزف الفرقة الموسيقية لهم عند رحيلهم نشيد( حفظ الله الملكة) آو المارسيلييز, كان من الواضح أن محمود يونس استعد لهذا اليوم جيدا وكان البديل جاهزا ففي يوم10 سبتمبر1956 م تم تعيين46 مرشدا منهم28 أجنبيا من جنسيات مختلفة أغلبهم كانوا من اليونانيين والقبارصة واليوجوسلاف وكانت تعليمات الرئيس جمال عبد الناصر( بعد التأميم مباشرة الاتصال بالدول الصديقة وطلب مساعدتها لإيفاد مرشدين للعمل في القناة وقد سارعت هذه الدول بالفعل, وفي مقدمتها اليونان وقبرص لإيفاد الأعداد المطلوبة في اقل من24 ساعة من طلبهم, ولم تتعرض الملاحة لأي تعطيل, أطلق المهندس محمود يونس علي يوم انسحاب المرشدين الأجانب من القناة يوم الامتحان, فقد انسحب في هذا اليوم(55% من موظفي الهيئة من العاملين بالوظائف الرئيسية والإدارية أو المرشدين)) وعندما جمع رئيس الهيئة مرشديه الباقين كانوا34مرشدا فقط26 عربيا و8 يونانيين كان المطلوب أن يقوموا بإرشاد40 سفينة وذلك كان متوسط عدد السفن العابرة للقناة و كان الرد الجماعي و بحماس بالموافقة.
كان الفضل في نجاح الملاحة بقناة السويس برغم انسحاب الأجانب وطنية و إيمان المرشدين المصريين وكذلك من عاونهم في ذلك الوقت من المرشدين اليونانيين الذين فضلوا البقاء في الهيئة.
وكانت غرفة عمليات القناة تتصل بمنظمة تضم ستة آلاف عامل وموظف وتتشعب فيها أعمال فنية كبيرة مما يجعل ربط الأشياء ببعضها معقدا لكن الدراسة التفصيلية و تحليلها جعلت كل شئ واضحا.
الطريف انه في عام1975 طالب المرشدون الأجانب الذين انسحبوا عام1956 م بالعودة للعمل ثانية بالقناة, حيث تلقت هيئة قناة السويس رسائل من عدد كبير منهم للعودة إلي العمل في القناة, و بعضهم كان يعمل في القناة قبل التأميم و بالفعل تم تجديد عقود المرشدين الأجانب في قناة السويس إلي جانب حوالي270 مرشدا مصريا و ذلك لاستئناف العمل في القناة عند إعادة فتحها في5 يونيو1975 م.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.