هل عقيدة التكفير عند سيد قطب تتوقف عند حدود الكلمة فقط؟ يعلم الجميع أن عقيدة التكفير تترتب عليها أمور كما يحدث الآن عند الجماعات التكفيرية التى تستبيح دماء المسلمين، إضافة إلى ذلك فإن سيد قطب لم يكتفِ بنشر أفكاره التكفيرية، بل وضع خطة لرد الاعتداء على "العُصبة المؤمنة" التى تؤمن بأفكاره، والتى يُعد أفردها هم المسلمون فيما يُعد كل من فى العالم –غيرهم- كفاراً. هذه الخطة وضعها سيد قطب فى كتابه "لماذا أعدمونى" –وهو آخر كتاب ألَّفه حتى لا يُقال إنه تراجع عن هذا الفكر- وسميت ب"خطة رد الاعتداء على الحركة الإسلامية" وهى خطة تعتمد أساساً على شل حركة البلاد بتدمير منشآتها واغتيال قادتها، والنقل هنا من الكتاب نسخة "التوحيد الخالص" التى يقر ناشراها فى المقدمة إنها نُقلت بخط الشهيد "هكذا كتبوا" سيد قطب.. يقول عن اختيار وتدريب المجموعات المُعدة لتنفيذ الخطة: "كنا قد اتفقنا على استبعاد استخدام القوة كوسيلة لتغيير نظام الحكم أو إقامة النظام الإسلامي وفي الوقت نفسه قررنا استخدامها في حالة الاعتداء على هذا التنظيم الذي سيسير على منهج تعليم العقيدة وتربية الخلق وإنشاء قاعدة للإسلام في المجتمع. وكان معنى ذلك البحث في موضوع تدريب المجموعات التي تقوم برد الاعتداء وحماية التنظيم منه، وموضوع الأسلحة اللازمة لهذا الغرض، وموضوع المال اللازم كذلك. فأما التدريب فقد عرفت أنه موجود فعلاً من قبل أن يلتقوا بي، ولكن لم يكن ملحوظاً فيه أن لا يتدرب إلا الأخ الذي فهم عقيدته ونضج وعيه، فطلبت منهم مراعاة هذه القاعدة" (ص31-32) أما تفاصيل الخطة فهى كما خطها سيد قطب: "فلم يكن في أيدينا من وسائل رد الاعتداء التي يبيحها لنا ديننا إلا القتال والقتل، أولا لرد الاعتداء حتى لا يصبح الاعتداء على الحركة الإسلامية وأهلها سهلاً يزاوله المعتدون في كل وقت. وثانياً لمحاولة إنقاذ وإفلات أكبر عدد ممكن من الشباب المسلم النظيف المتماسك الأخلاق في جيل كله إباحية وكله انحلال وكله انحراف في التعامل والسلوك كما هو دائر على ألسنة الناس وشائع لا يحتاج إلى كلام. لهذه الأسباب مجتمعة فكرنا في خطة ووسيلة ترد الاعتداء.. والذي قلته لهم ليفكروا في الخطة والوسيلة باعتبار أنهم هم الذين سيقومون بها بما في أيديهم من إمكانيات لا أملك أنا معرفتها بالضبط ولا تحديدها.. الذي قلته لهم: إننا إذا قمنا برد الاعتداء عند وقوعه فيجب أن يكون ذلك فى ضربة رادعة توقف الاعتداء وتكفل سلامة أكبر عدد من الشباب المسلم. ووفقا لهذا جاءوا في اللقاء التالي ومع أحمد عبد المجيد قائمة باقتراحات تتناول الأعمال التي تكفي لشل الجهاز الحكومي عن متابعة الإخوان في حالة ما إذا وقع الاعتداء عليهم كما وقع في المرات السابقة لأي سبب إما بتدبير حادث كحادث المنشية الذي كنا نعلم أن الإخوان لم يدبروه أو مذبحة طرة التي كنا على يقين أنها دبرت للإخوان تدبيرا، أو لأي أسباب أخرى تجهلها الدولة أو تدس عليها وتجيء نتيجة مؤامرة أجنبية أو محلية.. وهذه الأعمال هي الرد فور وقوع اعتقالات لأعضاء التنظيم بإزالة رؤوس في مقدمتها رئيس الجمهورية، ورئيس الوزارة، ومدير مكتب المشير، ومدير المخابرات، ومدير البوليس الحربي، ثم نسف لبعض المنشآت التي تشل حركة مواصلات القاهرة لضمان عدم تتبع بقية الإخوان فيها وفي خارجها كمحطة الكهرباء والكباري -وقد استبعدت فيما بعد نسف الكباري كما سيجيء- وقلت له إن هذا إذا أمكن يكون كافيا كضربة رادعة رد على الاعتداء على الحركة وهو الاعتداء الذي تمثل في الاعتقال والتعذيب والقتل والتشريد كما حدث من قبل، ولكن ما هي الإمكانيات العملية عندكم في التنفيذ؟.. وظهر من كلامهم أنه ليس لديهم الإمكانيات اللازمة، وأن بعض الشخصيات كرئيس الجمهورية ورئيس الوزارة –فيما يذكر- وربما غير هذين عليهم حراسة قوية لا تجعل التنفيذ ممكناً، فضلاً عن أن ما لديهم من الرجال المدربين والأسلحة اللازمة غير كاف لمثل هذه العمليات.. وبناء على ذلك اتفق على الإسراع في التدريب بعدما كنت من قبل أرى تأجيله ولا أتحمس له باعتبار الخطوة الأخيرة في خطة الحركة وليست الخطوة الأولى..." (ص 35-36) وسأضطر –مراعاة لمساحة النشر- أن أكتفى بهذا القدر من خطة رد الاعتداء القطبية، والتى تُعد ميراثاً خبيثاً يسير عليه القطبيون من مختلف الجماعات، والسؤال الموجه للقارئ اللبيب هو: كم تكرر تنفيذ خطة رد الاعتداء القطبية المعتمدة على سياسة التدمير والتخريب والاغتيالات فى البلاد المختلفة خلال العقود الأخيرة؟ لمزيد من مقالات عماد عبد الراضى