عودة صور الانفلات الأمني حاليا التي تجلت أبرز عناوينها في حادث الاعتداء الأخير علي عبدالمنعم أبوالفتوح مرشح الرئاسة تؤشر في جوهرها علي دلالات سياسية وأمنية غاية في الأهمية والخطورة تبعث برسائل وإشارات تحمل في طياتها جرس إنذار لوزارة الداخلية وأجهزة الأمن القومي حاليا وقبلهما المجلس العسكري القابض علي جمرات نار الانفلات. هذا الحادث يدق ناقوس الخطر ويداهمهم ويطالبهم بضرورة الاستعداد والنظر إلي ساعاتهم من الآن انتظارا لاقتراب أيام جديدة من العنف والمواجهة. الجميع يخشي ويترقب موعد تدشين الموجة الثانية من الفوضي القاتلة وانطلاق زمن الاغتيالات السياسية المرتقبة. واقع الحال في مصر يصب في خانة هذه الاحتمالات, رسائل جيوش الفوضي والبلطجية والشبيحة وكتائب الانفلات الجوال تعلم الجميع في مصر أن مناوشات انفلات الأمن والشارع طيلة العام الماضي في ساحات التحرير وماسبيرو وقصر العيني ومجلس الوزراء وختامها مجزرة بورسعيد كانت بروفة لا تضاهي ولا تعادل موجه تسونامي الاغتيالات في زمن الانتخابات الرئاسية تلك التي يخطط لها البعض حاليا أو عندما يصدر حكم بالاعدام أو السجن علي الأب الروحي للفساد والفوضي المخلوع وابنائه وزبانيته. ولم لا؟.. فبلدنا ليس استثناء أو محصنا فقد حدث ذلك في لبنان بعد موجة الانفلات الأولي فانقلبت وتطورت أسرع من الصوت إلي الموجة الثانية من القتل والاغتيال في زمن قياسي فحصدت 15 ألف رئيس وسياسي, وكان للجزائر أيضا النصيب الأكبر 21 ألفا فقط من الرؤساء والنخب والسياسيين, وأما عن العراق فحدث ولا حرج الحصيلة 18 ألفا من بعد سقوط الطاغية صدام. والآن في مصر هذا التوقيت هو الأصلح لدوران عجلة الاغتيال المبرمج.. هكذا يخططون, فالأسلحة في مستودعاتهم تتكدس وبين أيديهم تغطي مسرح العمليات والمال السياسي العابر إلي مصر من دول الجوار والاقليم ومنظمات الفتنة والتخريب يهبط بسلام آمن, تعلمت في حياتي ألا أخوض في الفرضيات, لكن واقع الحال يؤشر بالخطر, بواعث القلق عديدة ومتراكمة, تفجيرات الأزمة بادية في عمقها أكثر من ظاهرها علي السطح هؤلاء المخططون وفرق الفلول وأتباع رجال الأعمال الذين خسروا مصالح ومشروعات بالمليارات من خير المخلوع سيقومون بمهمة الاغتيال السياسي بالاصالة عن أنفسهم, وليس بالوكالة هذه المرة. أخشي أن يتكرر مشهد الاعتداء علي أبوالفتوح مع غيره بوتيرة سريعة فيتحول بسرعة النار في الهشيم إلي اغتيال وخطف وعندها سيكون لكل مرشح درع وسيف.. ولكل فريق ميليشيات, عندها أبشركم بأن البلاد ستقف علي باب الانتحار السياسي لا محالة, سنفتح باب جهنم علي أنفسنا, ستتحول المنافسات والمناظرات الرئاسية إلي مواجهة محسوبة تنتصر فيها العقلية الثأرية الكيدية لأنصار المرشحين, بعضهم سيسعي لشطب منافسيهم بالاغتيال والقتل, فالأدوات والفرق جاهزة. لكن هل يمكن تجنب هذا السيناريو الأسوأ في مصر؟ نعم يمكن ولكن عبر بعث الروح وعودة الوعي لأجهزة الأمن الكبري عبر خطط استباقية وضربات وقائية, لكل عناصر الإجرام وحملات جمع السلاح المنفلت ومنع وصول المال السياسي الوافد ورفع الصوت والغطاء عن التواطؤ المفضوح بين جهات أمنية وميليشيات الفلول لضرب سباق الرئاسيات ويومها بدلا من أن ننتخب وننتظر وصول الرئيس القادم سنصلي عليه. لا بديل عن توفير بوليصة تأمين لمرشحي الرئاسيات وقبلهم الوطن أولا, فالمؤامرة تسكن التاريخ.. فهل استعد مجلس المشير والداخلية وأجهزة الأمن القومي لهذا السيناريو البشع الذي يحاك ويدبر بليل حاليا لهذا الوطن؟.. أشك. المزيد من أعمدة أشرف العشري