لو مرت جريمة الاعتداء الآثم علي د.عبدالمنعم أبوالفتوح المرشح المحتمل للرئاسة دون عقاب حاسم ورادع وسريع للجناة الملثمين. فسوف يكون الاعتداء القادم من نصيب عمرو موسي أو حازم أبوإسماعيل أو حمدين صباحي.. لتخويفهم.. وإحداث حالة من البلبلة. والفوضي الشاملة في البلاد بهدف تعطيل المسيرة الديمقراطية واستكمال بناء مؤسسات الدولة العصرية وتسليم الحكم إلي سلطة مدنية منتخبة. القضية واضحة المعالم.. ورسالتها مكشوفة تماماً من حيث المغزي والهدف.. فالاعتداء مصنف في خانة الإرهاب السياسي بامتياز.. والضحية مختارة بعناية فائقة لما يتمتع به د.أبوالفتوح من سمعة طيبة. وقاعدة شعبية واسعة بين التيارات السياسية المختلفة.. والتوقيت أيضاً مقصود لذاته عقب مؤتمر انتخابي حاشد وناجح في المنوفية.. أكرر في المنوفية. الرسالة واضحة: لقد تجرأت وترشحت للرئاسة.. لا بأس.. لكنك دخلت في منطقة محظورة.. وجهاز الأمن لن ينفعك.. وأنصارك أيضاً لن ينفعوك.. وفي غيبة أمن الدولة لا أمن ولا أمان في مصر.. نحن قادرون علي الوصول إليك.. والرد في أقرب نقطة إلي بيتك.. وإذا لم تكن قادراً علي حماية نفسك وسائقك وسيارتك.. فكيف ستحمي البلد؟! والتفكير بهذا الشكل.. كما هو واضح.. ينم عن عصبية قبلية متخلفة تذكرنا بجرائم القتل التي كان يرتكبها المرشحون وأقاربهم في زمن المخلوع.. حيث كان يتصور البعض أنه يمتلك القرية أو المدينة أو الدائرة الانتخابية.. وأنه يرثها ويورثها كابراً عن كابر.. وليس من حق أحد أن يزاحمه فيها. أو يزاحم ابنه وأبناء عمومته.. ولو حدث شيء من ذلك فمن واجبه أن يفعل أي شيء تجاه المنافس إذا قرر أن يقتحم عليه عرينه.. حتي لو وصل الأمر إلي القتل. وقد انتشلتنا ثورة 25 يناير من هذا المستنقع بحمد الله.. ونجحت أول تجربة لإجراء الانتخابات البرلمانية علي أسس حزبية وسياسية متحررة من العصبية القبلية.. وأسقطت التجربة التقليد المتخلف لتوريث الدوائر. إلا قليلاً من الفلول العتيقة الذين مازالوا يفكرون بعقلية الحزب الوطني والملتزم وكبير العائلة و"إسكندرية أمانة في رقبتك يا رشاد يا عثمان" علي نحو ما كان يقول الرئيس السادات. من أجل ذلك فإن رسالة الاعتداء الآثم علي د.أبوالفتوح تحمل بصمات الإرهاب السياسي كاملة.. وليست جريمة جنائية عادية. كما يحاول البعض أن يصورها.. ولو كانت كذلك لكانت السرقة هي المقصد. والهدف.. وما ترك الجناة شيئاً مع المرشح وسائقه.. ولاكتفوا بسرقة السيارة دون الضرب وإحداث ارتجاج بالمخ. مثلما فعلوا من قبل مع د.عمرو حمزاوي. والفنانة بسمة.. ومثلما فعلوا بعد ذلك مع د.محمد البلتاجي عضو مجلس الشعب. رسالة الإرهاب السياسي مكتملة المعني والمغزي.. سواء فيما يتعلق بالدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح أو محاولة الاغتيال التي تعرض لها د.حسن البرنس وكيل لجنة الصحة بمجلس الشعب الذي تم القبض علي المتهم وأنكر نيته في القتل.. لكنه عجز عن الإجابة عن السؤال: لماذا هربت إذن من موقع الحادث بسرعة؟! والرسالة لها وجهتها.. وأصحابها يعرفون أن الدولة غير مهتمة حتي الآن بمسألة الأمن العام للمرشحين والمواطنين بصفة عامة في الوقت الذي تولي فيه أهمية فائقة لأمن الرئيس المخلوع ورموز نظامه.. علي أساس أنها اعتادت علي ذلك.. ولم يتغير شيء بعد!! لماذا لم نسمع عن حادث واحد ضد أحد من الفلول أو الحاشية أو أمن الدولة السابقين؟!.. لماذا توجه رسالة الإرهاب السياسي إلي الثوريين وأنصار الثورة والمرشحين؟!.. أليست هذه ملاحظة جديرة بالتدبر؟! إن ما حدث مع د.عبدالمنعم أبوالفتوح ود.حسن البرنس. جرس إنذار لكي ندرك أن المعركة الانتخابية الرئاسية لن تمر بسلام وهدوء مثلما مرت الانتخابات البرلمانية لمجلسي الشعب والشوري.. وأن الإرهاب السياسي قد استباح كل الوسائل والسبل.. وأصبحنا أمام محاولات اغتيال حقيقية لا يصح معها أن تظل وزارة الداخلية تقف موقف المتفرج.. أو الشاهد الذي لم ير شيئاً. لابد أن ندرك جميعاً أن هناك مؤامرات عديدة لإفساد الانتخابات الرئاسية القادمة.. ومن ثم فالموقف يحتاج إلي احتياطات جديدة وجادة حتي تعبر مصر هذه المرحلة بسلام.. وإذا كنا نرفض العودة إلي مواكب الحراسة والتشبه بمواكب الأمراء. وكذابي الزفة أيام المخلوع. فإن ضابط حراسة واحد مع كل مرشح من مرشحي الصف الأول في انتخابات الرئاسة. يضمن الحماية الشخصية لهم.. وحتي لا يضطروا إلي اللجوء لشركات حراسة خاصة. تصبح نواة لميليشيات مسلحة لسنا في حاجة إليها.. ويصعب ردعها وتفكيكها بعد ذلك. نريد أن تحتفظ مصر بأمنها وسلامها الاجتماعي.. وتقطع الطريق علي كل من يسعي لتعكير صفوها والتأثير علي اختياراتها السياسية.. نريد أن تظل ثورتنا سلمية.. وتحقق النقلة الحضارية الديمقراطية بلا دماء.. نريد أن يتأكد السفاحون والقتلة أنهم بلا مستقبل في هذا البلد.