بعيدا عن التصريحات الدبلوماسية المغلفة والمبطنة للمسئولين الألمان أكدت الحكومة الألمانية الآن عمليا أنها تدعم مصر فى حربها ضد الإرهاب. حيث أكدت أن مصر بحكم موقعها بين بؤرتين مشتعلتين فى ليبيا وقطاع غزة، ونظرا لحدودها المباشرة مع إسرائيل، تعتبر نقطة جاذبة للإسلاميين المتطرفين والمجموعات الإرهابية التى لا تتردد فى مهاجمة، ليس فقط قوات الأمن المصرية، بل أيضا السائحين الأجانب، وذلك يستدعى تحسين التعاون مع مصر فى مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. كما أن هناك اتفاقية يجرى التفاوض حولها مع مصر للتعاون الأمنى. فى السياق نفسه صرح رولف توبهوفن خبير الإرهاب الألمانى المعروف ورئيس معهد الوقاية من الأزمات فى إيسن، بأن ما تشهده مصر هو جزء من المشهد الدولى، حيث تتصاعد المواجهة مع إرهاب الإسلاميين المتطرفين من اليمن وحتى نيجيريا، ولذلك فإن الغرب يدعم مصر الآن حتى لا تتحول سيناء إلى منطقة ساخنه تهدد أمنه هو أيضا. وجاء تأكيد الحكومة الألمانية على تعاونها مع مصر فى المجال الأمنى ومكافحة الإرهاب فى ردها على سؤال برلمانى لحزب اليسار المعارض طرحه السياسى أندرى هونكو حول التعاون الأمنى الألمانى مع مصر وتونس. وقد تضمن رد الحكومة الألمانية تبريرا وافيا لأسباب هذا التعاون مع مصر، ومن ذلك الإشارة إلى فوضى السلاح فى ليبيا وعدم وجود رقابة على الحدود الليبية ما يؤدى إلى تهريب واسع للأسلحة إلى سيناء لتستخدم من هناك ضد قوات الأمن المصرية وضد إسرائيل أيضا. وأشار رد الحكومة إلى اعتداء طابا الإرهابى فى فبراير من هذا العام، الذى يوضح كيف أن الإرهابيين لا يترددون فى مهاجمة السائحين فى سيناء، كما أشار إلى أن داعش أصبحت نموذجا يحتذى للجماعات الإرهابية فى مصر، كما تكشف الفيديوهات التى نشرت أخيرا ويتم فيها ذبح أشخاص. أيضا أشار الرد إلى الاعتداء الدموى الأخير على قوات الجيش المصرى فى شمال سيناء فى أكتوبر الماضى، الذى يكشف مدى استعداد الجماعات الإرهابية فى سيناء للعنف وإمكاناتها لتحقيق ذلك. كذلك بررت الحكومة الألمانية ضرورة تحسين التعاون مع مصر فى مجال مكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب بحاجة مصر للمعدات والأجهزة اللازمة للتغلب على تحديات الحرب ضد الإرهاب بنجاح. وأوضحت برلين أن الأجهزة الأمنية المصرية فى مرحلة تكيف حاليا مع حجم التهديد الجديد وتتعلم كيفية مواجهته، وهو ما يتضح من العدد الكبير من الاعتداءات على نقاط الشرطة والجيش، فى سيناء وخارجها، كما حدث فى الفرافرة فى 19 يوليو، حيث لقى أكثر من عشرين جنديا مصرعهم، وكذلك الاعتداء الدموى على الجنود المصريين فى شمال سيناء. ومن خلال التعاون مع مصر كما تقول برلين يمكن تحسين التدريب والتجهيز واكتساب الخبرة، ومعرفة كيفية التعامل مع التهديدات، مع مراعاة القوانين السائدة فى الوقت نفسه. رد الحكومة أشار أيضا إلى تعاون أوسع للاتحاد الأوروبى، حيث يعتزم الاتحاد اعتبارا من 2016 إطلاق مشروع لمكافحة الإرهاب فى منطقة المغرب وشمال إفريقيا فى إطار الآلية الأوروبية للمساهمة فى الاستقرار والسلام « أى. سى. إس بى». الحكومة الألمانية أكدت أن المفاوضات مع الجانب المصرى لإبرام اتفاقية أمنية لا تزال مستمرة، ورفضت لذلك تقديم معلومات عن مضمونها، مكتفية بالإشارة إلى أن مصر قدمت مقترحاتها هى أيضا، كما طلبت توضيح بعض المصطلحات فى الاتفاقية. ولتهدئة حزب اليسار المعارض الذى ينتقد مبدئيا الأوضاع فى مصر منذ 30 يونيو أشارت الحكومة الألمانية إلى أنها ستوقف التعاون الأمنى مع مصر إذا توافرت لديها « أدلة « على أن السلطات المصرية تسئ استخدام ما اكتسبته من خبرة وفائدة من هذا التعاون، ولذلك فهى على اتصال مستمر بالحكومة المصرية. طبعا لم تفصح الحكومة الألمانية عن تفاصيل التعاون الأمنى مع مصر فى المجالات المختلفة ولكنها أشارت مثلا إلى أن الشرطة الاتحادية تعتزم إجراء دورات تدريبية مع الأجهزة المصرية فى مجال مكافحة تزوير المستندات والشهادات الرسمية مع توفير المعدات والأجهزة اللازمة لذلك. كما أن وفدا من المكتب الاتحادى لمكافحة الجريمة قد زار مصر فى العام الماضى. وحتى الهيئة الاتحادية لحماية الدستور فى ألمانيا يوجد تعاون بينها وبين السلطات المصرية فى إطار القانون. أما التعاون الاستخباراتى مع مصر فلا يمكن الكشف عنه حتى لا يضر ذلك بمصلحة البلدين والعلاقات بينهما. فى السياق نفسه حذر رولف توبهوفن خبير الإرهاب الألمانى المعروف ورئيس معهد الوقاية، من الأزمات من تحول سيناء إلى منطقة ساخنة تشكل خطرا ليس فقط على مصر وإسرائيل وإنما اوروبا أيضا، مذكرا بأن ما تشهده مصر من عنف الإرهاب فى سيناء هو جزء من المشهد الدولى الجديد لمجابهة إرهاب الجهاديين الإسلاميين المنتشر بالفعل - باختلاف تسمياته- من اليمن إلى نيجيريا. وصرح توبهوفن ل»الأهرام» بأن ما تشهده مصر الآن من حرب ضد الإرهاب يعود إلى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى، الذى فتح الطريق للجهاديين إلى سيناء، وتعاون مع حركة حماس فى قطاع غزة. والجماعات الناشطة فى سيناء الآن هى مزيج من عصابات إجرامية وإرهابيين أتوا إليها من ليبيا والسودان متعاطفين مع داعش، إضافة إلى عناصر أنصار بيت المقدس التى تتعاون مع حماس، مؤكدا أن هؤلاء يشكلون الخطر الأكبر على الجيش، فهم منظمون بشكل جيد ويمتلكون صواريخ أرض جو أسقطوا بها بالفعل مروحية عسكرية. ولكن الجيش المصرى أنهى ذلك التعاون وأغلق الأنفاق، موضحا فى الوقت نفسه أن ذلك لا يمكن أن يتم دون التنسيق مع إسرائيل، كما أن الغرب يدعم مصر الآن فى هذه الحرب، خاصة الولاياتالمتحدة بتقديمها طائرات الأباشتى وإف 16، حيث تريد واشنطن كسب مصر للتحالف الدولى ضد داعش. وأكد توبهوفن أن بدو سيناء ليسوا كما يصورهم البعض أعداء للدولة المصرية، فهناك قبائل بدوية موجودة فى سيناء قبل الاحتلال الإسرائيلى لها، وستبقى هناك دائما. غير أن بعض هؤلاء البدو يسعون لتحقيق الربح وإعلاء مصالحهم الشخصية، فأقاموا شبكات لتهريب كل شئ بما فى ذلك المتفجرات، ولذلك يمكن تأكيد أن هناك بالفعل «مجموعات مصالح» فى سيناء تريد بقاء الوضع كما هو عليه . وحذر توبهوفن من أن الإرهاب مرن وربما تمتد العمليات إلى عمق سيناء بعد إقامة المنطقة العازلة، لذلك فمن المهم للغاية أن أن يكسب الجيش ثقة السكان . وطالب الخبير الألمانى بعد الانتهاء من موجة تصفية الإرهابيين فى بؤرة شمال سيناء بتشكيل ما وصفه « بتحالف عسكرى- مدني»، بحيث تتعاون قبائل البدو مع الجيش من أجل عودة الهدوء والاستقرار.