في جولة عبر عرباته ذهبت بذاكرتي إلي المرحلة الإبتدائية أنا وأخي حينما أصطحبنا والدي في رحلة غُزلت بنسيج ماضينا الكثير من معاني المرئية والأكثر منها معنوية حيث العمل الجاد والبناء لصالح وطننا في تأكيد من والدي علي كل الإيجابيات مع شرح تفصلي منه لكل الفنون والرسوم وجدرايات الموزايك والحفر التي زينت حوائط كل محطة من مترو الأنفاق بعد إفتتاحة بأيدي مجموعة عمل متنوعة من الفنانيين التشكيلين في ترسيخ لكل القيم ورموز الحضارات العميقة لنري في كل لحظة إنتظار فيض من عناصر الماضي والتاريخ بتنفيذ متقن ليخاطب الحاضر والمستقبل، وكأنها رسائل مضيئة لأنفاق الأرض بالعديد من خطوط الإبداع مصري الصنع. ثم مرت الأعوام وتليها مزيداً من السنوات ليتحول المترو من مزار سياحي إلي جزء حيوي ووظيفي بحياة ملايين المواطنين محتفظاً بمكوناته الجمالية وزخارفه المنمقة لتجتذب المارة بين الحين والأخر فتذكرهم بمحطات تاريخهم المشرق وبهويتهم الأصيلة... كل هذه الأفكار والمشاهد السابقة دارت داخل عقلي وأنا أشاهد منذ أيام بعض المحاولات لترويع أمان الناس في محطات المترو بين إلقاء عبوة ناسفة هنا أوهناك، والتي نحمد الله علي فشلهم الدائم ، وقد تسرب نحوي القلق فرغم أني لست من مرتاديه، إلا بالمصادفة حيث توجهت لأركب عربات المترو في إطمئنان لأذهب لمكان أجهل الوصول إليه وذلك قبل يوم واحد من محاولة إرهاب الجمهور بمحطة حلمية الزيتون هذا عن حالي . ولكن ماذا عن حال ملايين الكادحين من شعبنا فمترو الأنفاق بالنسبة لهم ليس مجرد وسيلة مواصلات، بل أصبح الملاذ الأمن الوحيد من الزحام المتكدس فوق الأرض ليزيل عن كاهلهم مرارة الإنتظار دون أمل الإنفراج أو الوصول للهدف المطلوب كل هذا في شكل يومي وسط شوارع المحروسة، ليتزايد التعلق والإحتماء به بعيداّ عن الأزمات المرورية وهرباً من شمس الصيف وأمطار الشتاء . ورغم كل تلك الصور سواء إتجهنا نحو سرعة السلحفاة علي السطح أو الأرنب تحتها يبقي أن يأمن كل المصريين بالكثير من وسائل البحث والمراقبة والأمان ..حتي لا تحاصرنا جميع الأعباء دفعه واحدة. لمزيد من مقالات منار سليمة