المصري الديمقراطي يدفع ب30 مرشحًا فرديًا ويشارك في «القائمة الوطنية»    وزير الخارجية: نشأت فى أسرة شديدة البساطة.. وأسيوط زرعت الوطنية فى داخلى    الصليب الأحمر في طريقه لتسلم جثماني محتجزين اثنين جنوب غزة    أحمد موسى عن استقبال الجاليات المصرية للرئيس السيسي فى بروكسل: مشهد مهيب غير مسبوق    محافظ الإسماعيلية يفتتح أعمال رفع كفاءة وتطوير مصاعد الثلاثينى وكوبرى المشاة    نائبة: القمة المصرية الأوروبية تدعم مسيرة التنمية المستدامة    زكريا أبوحرام يكتب: شفافية الرئيس    مسؤول أمريكي: لا خطط لقمة بين ترامب وبوتين في المستقبل القريب    نائب وزير الخارجية يستقبل وفدًا من البرلمان الدنماركي    آرسنال يمطر شباك أتلتيكو مدريد برباعية في دوري الأبطال    ياسين منصور يبدأ تنفيذ خطة أحلامه في الأهلي    ناقد رياضي: تصريحات أسامة نبيه أسوأ من نتائج المنتخب في مونديال الشباب    بناء علي طلب توروب .. الأهلي يرصد 3 مليون يورو للتعاقد مع مهاجم سوبر في الميركاتو الشتوي    كمين محكم يسقط 3 متهمين بحوزتهم 231 طن أسمدة ومخصبات مجهولة المصدر    صور| انقلاب سيارة نقل محملة بالأسمنت في قنا    عصام عطية يكتب: 7 دقائق فرنسية!!    رمضان 2026| تفاصيل دور بيومي فؤاد في «علي كلاي» ل أحمد العوضي    متحدث «الوزراء»: شاشات عرض في الميادين لنقل حفل افتتاح المتحف المصري الكبير    هل يجوز تهذيب الحواجب للمرأة إذا سبّب شكلها حرجًا نفسيًا؟.. أمين الفتوى يجيب    ما حكم قطع صلة الرحم بسبب الميراث؟.. أمين الفتوى يجيب    «تعليم المنوفية»: ظهور حالات «جدري الماء» بمدرسة الباجور خفيف ولا يمثل خطورة    أستاذ حساسية يكشف سبب الكحة المتكررة في تغيير الفصول    النائب العام يزور مستشفى سرطان الأطفال 57357    الحكومة العراقية تجدد عقد إستيراد الكهرباء من الأردن    دخل السجن بسبب «أموال القذافي» وأيّد حظر النقاب.. 44 معلومة عن نيكولا ساركوزي رئيس فرنسا السابق    مجلس الشؤون الإنسانية بالإمارات يعرض فيلم «ويبقى الأمل» في مهرجان الجونة    نادية مصطفى: محمد سلطان عبقري عصره.. "ويسلملي ذوقهم" مفاجأتي في أوبرا سيد درويش    ألونسو: جولر مزيج من أوزيل وجوتي.. مستوانا يتحسن معه    السيسي يهنئ ساناي تاكاياشي لانتخابها أول رئيسة وزراء في تاريخ اليابان    إمام مسجد الحسين: المصريون يجددون العهد مع سيدنا النبي وآل البيت في ذكرى قدوم الإمام لمصر    رمضان عبد المعز: "ازرع جميلًا ولو في غير موضعه".. فالله لا يضيع إحسان المحسنين    أوقاف الفيوم تنظم ندوات علمية ضمن فعاليات برنامج "المنبر الثابت"    رفضت العودة إليه.. جيران سيدة مدرسة حي الزيتون ضحية طعن زوجها يروون لحظات الرعب    شاريسا سولي تشارك في لجنة القضايا العامة بمجلس الكنائس المصلحة العالمي    وزير الكهرباء: الجهاز التنفيذي للمحطات النووية خطوة استراتيجية لتعزيز أمن الطاقة    محمد صبحي: مجلس الإسماعيلي خيب آمالنا ووزارة الرياضة أنقذت الموقف    انتصار تصطحب ابنها في عرض السادة الأفاضل وتلتقط صورا مع شخصية الفيلم الكرتونية    اكتشاف مقبرة جماعية لقتلى عراة فى منطقة تل الصوان شرقى دوما السورية    ماكرون: نسعى لاستصدار قرار من مجلس الأمن بشأن إدارة غزة    رئيس جامعة الأزهر يفتتح معرض الكتاب خدمة للطلاب والباحثين بتخفيضات كبيرة    أستاذ علاقات دولية: مصر أصبحت محط أنظار المستثمرين بالعالم خاصة أوروبا    عاجل- مصر تتصدر الدول العربية في استقطاب مشروعات الطاقة المتجددة باستثمارات تتجاوز 161 مليار دولار    برلمانى: القمة المصرية الأوروبية خطوة جديدة لتعزيز الحضور المصري الدولي    النائب محمد عبد الله زين: أين الحد الأدنى للأجور؟.. وعضو المجلس القومي: لا تحملوا القطاع الخاص فوق طاقته    تعليم وصحة الفيوم يتابعان التطعيمات اللازمة لطلاب المدارس للوقاية من الأمراض    صبحى يهنئ يد الأهلى بعد التتويج بلقب إفريقيا    الصين: القيود الأمريكية على التأشيرات لن تعيق علاقاتنا مع دول أمريكا الوسطى    "أهمية الحفاظ على المرافق العامة".. ندوة بمجمع إعلام سوهاج    طقس السعودية اليوم.. أمطار رعدية ورياح مثيرة للغبار على هذه المناطق    «بيتشتتوا بسرعة».. 5 أبراج لا تجيد العمل تحت الضغط    بعد فتح الباب للجمعيات الأهلية.. هؤلاء لن يسمح لهم التقدم لأداء مناسك الحج 2026 (تفاصيل)    مقتل 3 عناصر إجرامية فى تبادل إطلاق النار مع الأمن بالغربية    وزير المالية: نتطلع إلى وضع رؤية مشتركة لقيادة التحول الاقتصادي نحو تنمية أكثر عدالة وشمولًا واستدامة    «تعليم البحيرة» تعلن جداول إمتحانات شهر أكتوبر لصفوف النقل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-10-2025 في محافظة الأقصر    وزير الصحة: إدخال تقنيات المستشفيات الذكية والجراحة الروبوتية ضمن المنظومة    تامر أمين عن سرقة مجوهرات نابليون من اللوفر: اللي يشوف بلاوي غيره يحمد ربنا على نعمة مصر    بالصور.. بدء التسجيل في الجمعية العمومية لنادي الزمالك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن تاريخ مصر والمصريين
نشر في الأهرام اليومي يوم 09 - 11 - 2014

مجددا، أزعم أن المصرى إن عرف قدر مصر لود أن يكون جديرا بها، بأن لا يقبل لها بأقل من موقع الريادة العالمية؛ يحفزه انتماؤه لوطن وأمة أعطيا وعلما أكثر مما أخذا وتعلما، منذ انفردا بكونهما فجر الحضارة والضمير للإنسانية جمعاء! ولنتذكر ما سجله توينبى: إن المصريين، بفعل خَلّاقٍ وفريد، قد واجهوا تحدى عصر الجفاف بقهر النيل وخلق مصرهم، وما سجله بريستد: إن المصريين، الذين لم يرثوا حضارة عن غيرهم، قد بادروا بصنعها وأبدعوا عجائب التقدم وروائع الخلق، وقت أن كانت أوروبا تعيش همجية ما قبل التاريخ!
ومنذ أسسوا أول حضارة وأمة ودولة فى التاريخ جعل المصريون وطنهم مقبرة للغزاة، كما لم تفعل أمة من الأمم. وهكذا، بعد حملات الردع الظافرة ضد الأقواس التسعة أعداء الدولة القديمة، كان طرد الهكسوس الرعاة غزاة الدولة الوسطى، ودحرت غزوات شعوب البحر فى الدولة الحديثة! ثم أطاحت مصر بحكم الأسرة الليبية المتمصرة حين غفل حكام مصر فاعتمدوا على المرتزقة وسرحوا الجيش الوطنى خوفا على سلطتهم! وحكم الأسرة الكوشية حين أغواها كهنة آمون بفتح مصر انتصارا لما اعتبروه عقيدتهم القويمة!! ثم كانت صحوة مصر المتأخرة ونضالها لدحر الآشوريين ثم الفرس!!
وقد بدت مصر وكأنها لن تقوم لها قائمة، بعد تفجر أول ثورة اجتماعية فى التاريخ حين أهدر الفراعنة العدل؛ فكان أن تقوضت وتمزقت الدولة القديمة، وكانت النكبة التاريخية الأولى. لكن كفاح المصريين استمر ولم يهدأ بالهم وحكماؤهم وقادتهم حتى أشرقت العدالة الاجتماعية والوحدة الوطنية مجددا فى الدولة الوسطى! ثم بدت مصر ثانية وكأنه لن تقوم لها قائمة، حين تعرضت لأول مرة فى تاريخها للاحتلال، فخاض المصريون ضد الهكسوس أول حركة تحرر وطنى ظافرة فى التاريخ، وأسسوا الدولة الحديثة. واستنادا لقدرة اقتصادية وتقنية وطنية ولجيش وأسطول وطنيين لا عهد للعالم بهما، أسست مصر أول إمبراطورية فى التاريخ بسيفها وذهبها ونشرت نور الضمير فى محيطها!
وقد يقول قائل مالنا وهذا التاريخ البعيد، إذ تحولت مصر من بعده الى مستعمرة أو خضعت لحكام أجانب؟! فأذَكِرُ بأن أمة فى العالم لم تتمتع بالاستقلال كما تمتعت به مصر نحو ثلاثة أرباع تاريخها الألفى! وهو ما سجله حسين فوزى وجمال حمدان وغيرهم. ولنتذكر أن الإسكندر قد فتح مصر بجيشه متعدد الجنسيات ضمن امبراطوريته من الهند حتى اليونان، فى زمن دانت فيه الشعوب لمثل هؤلاء المحاربين فى كل مكان، كما بين صبحى وحيدة. لكنه فى مصر فقط كان عليه أن يعلن نفسه ابنا لآمون بمباركة كهنة معبده فى سيوة، وكان على خلفائه البطالمة إعلان مشاركة شعبها المتدين ذات المعتقدات ليستقر حكمهم! وقد صارت الاسكندرية عاصمة المتوسط ومنارته الحضارية دون منازع ووراءها مصر المزدهرة خلال العصر الهيلينى، ثم غدت مصر بكنيستها القبطية الرائدة عاصمة المسيحية المبكرة ودرع عقيدتها النقية ومركز رهبنتها التليدة وقاعدة مناهضة الاستعمار الرومانى!
وبعد الفتح العربى ذابت الهوية الوطنية المصرية فى هوية عالمية، فقبل المصريون بحكامهم الأجانب أو المتمصرين لمجرد كونهم مسلمين؛ ولاة خلافة أو حكام استقلوا بها، فتعاقب الحكم الأموى والعباسى ثم الطولونى والإخشيدى والفاطمى والأيوبى والمملوكى والعثمانى! وفى هذا السياق لم يجد المصريون وزعماء ثورتهم ضد الولاة العثمانيين غضاضة فى تنصيب محمد على واليا على مصر! حتى عاد الوعى مجددا بهويتهم الوطنية وتجلى مع الثورة العرابية! ولكن لنتذكر أيضا أن مصر صارت منارة الإسلام بجامعها الأزهر، واستنادا الى قدراتها كان فتح الأندلس ثم دحر الصليبيين والتتار، وكانت مركزا لامبراطوريات، غدت رائدة التقدم الصناعى فى المتوسط فى العصر الفاطمى، ومحور تجارة الشرق فى العصر المملوكى المبكر!
وبدءا من الانتفاضة ضد وطأة الخراج والجزية فى خلافة المأمون وحتى الهبات ضد الولاة العثمانيين وحلفائهم المماليك لم يستكن المصريون للمظالم ولم تنقطع هباتهم! لكن حال مصر تدنى الى درك أسفل لم تعرفه قط تحت الاحتلال العثمانى! وسجل الجبرتى خراب مصر حيث: طغت الصحراء والبرارى على الوادى والدلتا بسبب إهمال العناية بأعمال الرى، وتداعت الصناعات والحرف عقب تحول تجارة الشرق، وتقلص المصريون بسبب الجوع والظلم الى ربع عددهم! وبينما لا يتخيل أحد أن تقوم لمصر قائمة إذا بها تنهض جبارة فى عهد محمد على؛ بثورة الرى الدائم واستصلاح البرارى ومضاعفة الأرض المزروعة وعدد السكان، وتدخل عصر التصنيع الحديث قبل معظم أوروبا وجميع آسيا! وتكاد- لولا التدخل الاستعمارى- تؤسس دولة عربية موحدة بجيش فلاحيها المظفر!
ولا يتصور أحد أن تقوم لمصر قائمة بعد وأد تصنيعها وتحجيم جيشها باملاءات أوروبا! فإذا بها فى عهد الخديو اسماعيل تنهض مجددا، فجرى اصطياده بفخ الديون وإجباره على ترك الحكم لابنه توفيق، الذى تواطأ مع الانجليز لمصر لسحق الثورة العرابية. ومجددا حين لم يعد أحد يتصور أن ستقوم لمصر قائمة بعد الاحتلال البريطانى، فاذا بها تفجر ثورة 1919 فتنتزع استقلالها ودستورها وتصنيعها رغم النواقص! ثم تصفى الاقطاع وتنهى الاحتلال وتسترد القناة وتبنى السد وتعمق التصنيع وتقود التحرر فى عهد ثورة يوليو. ولم يكن ليتصور أحد أن تقوم لمصر قائمة بعد عدوان 1967، فاذا بالمصريين يحررون سيناء بقواتهم المسلحة قبل أى شىء!
وقد فصلت ما لخصته أعلاه فى مقالات سابقة، رأيت فى إيجازها مجددا إفادة لشباب لا يعرف تاريخ- ومن ثم قَدْر- مصر؛ ليتذكر أن بناء مصر التى يحلم بها رهن بأن يثبت جدارته بها بعمل دؤوب لا يعرف اليأس! وحينها لن يلقى سوى الخيبة من يتوهم وأد ثورتى المصريين الفريدتين- فى 25 يناير لإسقاط حكم مبارك حُلمًا بالعيش والحرية والعدالة والكرامة، وفى 30 يونيو لإسقاط حكم الإخوان انقاذًا لمصر وطنا وأمة ودولة وهوية.
لمزيد من مقالات د. طه عبد العليم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.