مدينة «رفح الجديدة»، هى مستقبل جديد، أمر الرئيس عبدالفتاح السيسى بالعمل على سرعة الوصول إليه، عبر ضرورة الانتهاء من الدراسات اللازمة لآليات إنشائها، استجابة منه لتوصيات مشايخ سيناء خلال اجتماعاتهم مع اللجنة الرئاسية المشكلة لبحث مطالب أهالى المنطقة، بمشاركة وفود من أبناء وقبائل مدينة رفح، الذين وضعوا تصورا لإنشاء المدينة الجديدة، بعيدا عن الحدود، بما يضمن استقرار الأمن القومى المصرى والمحافظة عليه. وما أن صدرت موافقة الرئيس حتى تبادر إلى الأذهان الكثير من التساؤلات.. أين ستقام المدينة الجديدة؟ وهل ستضمن بالفعل الاستقرار الأمنى المنشود فى هذة المنطقة؟ وماهو تصور الجهاز التنفيذى لإقامتها؟ وما هى رؤية مشايخ وعواقل سيناء الذين طالبوا بإنشاء هذة المدينة لتصبح سكنا بديلا عن منازلهم التى تم اخلاؤها؟ وهل ستقام المدينة على نفقة الدولة، أم المواطنين المتضررين، خاصة أنهم تقاضوا مبالغ تعويض كبيرة من الدولة؟ وماهو نمط البناء بها؟ ومن المستفيد من هذه المبانى؟ كل هذه الأسئلة وغيرها أصبحت تتردد وبقوة بمحافظة شمال سيناء بصفة عامة، ومدينة رفح بصفة خاصة، سعت «الأهرام» فى هذا التحقيق للإجابة عنها، من خلال لقاء الجهاز التنفيذى ومشايخ سيناء واقتراحاتهم ومطالبتهم. الواقع حتى الآن هو أنه لم يتم اختيار المكان أو الموقع المناسب لإقامة هذه المدينة، بل إن حالة من السجال بدأت بين مشايخ القبائل والأجهزة التنفيذية بالمحافظة، ربما تحسمها اللجنة التى شكلها عبد الفتاح حرحور محافظ شمال سيناء، واللقاءات العديدة مع مجلس الوزراء لتحديد المكان المناسب التى ستقام عليه المدينة الجديدة، التى تضمن الأمن القومى المصرى، وتحقق الأبعاد الاجتماعية للمواطنين. ووفقا للمعلومات التى حصلت عليها «الأهرام»، فإن المساحة المحددة لإقامة المدينة تبلغ 15 ألف فدان وتستوعب 40 ألف مواطن، إلا أن الأمر المهم الذى لايزال قيد الدراسة هو تحديد المكان نفسه. فى البداية كان اللقاء مع سمير فارس أحد أبناء سيناء الذين كانوا فى مقابلة الوفد الرئاسى وأحد المتقدمين بهذا الطلب، ليضعنا أمام تصور شامل حول هذة المدينة الجديدة، حيث قال إن هناك منطقة شاسعة وممتدة برفح تسمى منطقة الأحراش وعلى مسافة عدة كيلومترات من الحدود، وإن كانت فيما سبق تسمى منطقة محمية طبيعية إلا أننا نضع تصورا لإقامة 1000 منزل متكامل المرافق، على غرار القرى الرائدة التى أقيمت بمنطقة وسط سيناء فى نخل، وأن تكون المبانى بالتوسع الأفقى وليس الرأسى، خاصة أن هذه المنطقة شاسعة وليس بها تكدس ولا زحام، مثل مدينة القاهرة، وعليه فإن التوسع الأفقى فى هذه المنازل يكون أعم وأفضل، خاصة أن معظم أبناء مدينة رفح لديهم مزارعهم الخاصة، وأن ابتعادهم عن رفح شىء بالغ الصعوبة، وأضاف أننا نتصور فى مدينة رفح أن تكون على غرار القرية النموذجية، التى أقيمت بوسط سيناء، وهى تضم 142 منزلا بدويا من أجل حياة كريمة لشباب أبناء البادية، و هذه المنازل، التى تسمى مشروع القرية النموذجية، تشمل جميع الأعمال الحرفية كالنجارة والحدادة ومشاغل خياطة للسيدات، فيما يقابل هذا المكان المقترح برفض شديد من قبل أجهزة البيئة، خاصة أن منطقة الأحراش تعتبر محمية طبيعية، حسبما يقول المهندس عبد الله الحجاوى رئيس جمعية الحفاظ على البيئة بسيناء، وأضاف أن منطقة الأحراش من المناطق التى تعتبر من المحميات الطبيعية لهذا المكان، ومن الصعب أن تقام عليها هذه المدينة، فيما يدحض أيضا إنشاء هذه المدينة القرار رقم 1957 لسنة 2014 والذى يمنع البناء على مسافة 5 كيلومترات من الحدود برفح للحفاظ على الأمن القومى بسيناء، وأن منطقة الأحراش بالكامل تقع ضمن هذا الإطار، وبالتالى فإن عملية إقامة مدينة رفح الجديدة بهذه المنطقة أصبح مستحيلا لحين اتخاذ اللجنة المشكلة من المحافظة، ومن مجلس الوزراء بتحديد مكان آخر، وتقول الناشطة السيناوية برفح منى برهوم إن المقترحات والتصورات عديدة، فمنطقة الأحراش برفح صالحة لهذا الغرض، إذا ماتم إلغاء قرار مجلس الوزراء، بخلاف ذلك فإن المقترح البديل هو إقامة المدينة بمزرعة التعمير، وهى تصلح لتحقيق هذا الغرض ومساحتها تسمح بذلك وتحقق الغرض فى هذا الاتجاه، والمقترح الآخر والمرحب به جيدا والمتصور انه قد يكون بديلا لإقامة مدينة رفح الجديدة هى قرية ياميت وهى القرية التى دمرها الإسرائيليون قبل الانسحاب من سيناء، وهذة المنطقة تحقق كل الابعاد الأمنية والاجتماعية للمواطنين، فمن حيث المساحة كافية تماما لإقامة هذه المدينة، وتتوافق مع القرار الوزارى، فهى تبتعد عن مدينة رفح مسافة 10 كيلومترات، وهى من الحلول المناسبة والمرحب بها، خاصة أنها ستحقق بعدا كبيرا من الأبعاد الاجتماعية، وتسمح بالتوسع الرأسى، وتضمن أن جميع سكان المنطقة من أهالى رفح سيمارسون أعمالهم الزراعية بنفس مدينتهم، وأضافت منى أن الاقتراح الرابع هو منطقة الميدان التى كانت مخصصة لسباق الهجين بالعريش، ولكن هذا التصور، وإن كان سيحقق أبعادا أمنية فانه من الصعب أن يحقق الأبعاد الاجتماعية للمواطنين. أما عاطف مطر وكيل وزارة الزراعة بشمال سيناء فيقول إن جميع المزارع التى كانت على الحدود تم تعويض أصحابها بمبلغ 600 جنيه فى المتوسط على شجرة الزيتون و 50 ألف جنيه للفدان، وأضاف أننا نتصور أنه أيا ما كان موقع المدينة الجديدة فيجب أن يتم تعويض المواطنين باراض زراعية، إما على مسار ترعة السلام، أو داخل حدود مدينة العريش لضمان استمرارية إنتاج النوع من الفاكهة والزيتون، وعدم تدمير الرقعة الزراعية... وفى النهاية، وعلى الرغم من السجال القائم وعدم تحديد المكان التى ستقام علية المدينة حتى الآن، فإن المشهد الحالى يقول إن هناك واقعا جديدا سيقام بالفعل بقرار من رئيس الجمهورية، تراعى فيه الأبعاد الاجتماعية للمواطنين أولا، ويحقق لمصر بعدها الأمنى القومى الذى عانت منة سيناء لسنوات طويلة من استنزاف مواردها، عبر تجارة غير مشروعة من حفر الأنفاق على الحدود ودخول الإرهابيين إلى سيناء.