كثيرة هى التعقيدات العراقية التى تزداد يوما بعد الآخر تشابكا وتداخلا، فى ساحة تعد من أكثر ساحات الصراعات الممتده المتداخلة التى دفع الأبرياء من أبناء العراق، ومازالوا، ثمنا لها ومما زاد من مرارة ودموية الأمر تحول بلاد الرافدين إلى ساحة لكل أنواع القتل، والتى كان آخرها استيلاء تنظيم داعش الإرهابى على ثلث الأراضى العراقية. ومع هذا هذا المشهد الصعب فإن معرفة من أين تبدأ حوارا مع مسئول عراقى شاقة، خاصة إذا كان هذا المسئول هو الدكتور فؤاد معصوم رئيس جمهورية العراق، الذى حاولنا طرح بعض ما يدور فى ذهن القارئ عليه، وحاول هو أن يقدم إجابات تكشف جزءا من الحقيقة فى زمان ومكان لا يمتلك فيه الجميع إلا خيطا منها، وكان ل «الأهرام» معه هذا الحوار: أعلنتم قبل أيام أن لديكم مشروعا للمصالحة الحقيقية بين القوى السياسية العراقية، وهناك ورقه لهذا الشأن معدة منكم للتصدى لتنظيم داهش الإرهابى، ما هى ملامح الورقة، خاصة أنكم قلتم إنكم متفاءلون؟ - مراسيم شهر محرم وإحياء ذكرى يوم عاشوراء وهى ذكرى عامة جعلتنا نؤجل اللقاءات لما بعد يوم 8 من هذا الشهر، هذه الورقة التى قدمتها إلى الرئاسات الثلاث، وأعنى بالرئاسات الثلاث، رئيس الجمهورية ونوابه الثلاثة ورئيس الوزراء ورئيس البرلمان، أتتنا بعض التعديلات الطفيفية على المشروع، وجميعهم قبلوا بالفكرة، وبعد يوم 8 من الشهر الحالى سنلتقى ونتبادل الأفكار حول المحتوى، وما يبدونه من ملاحظات، وبعد ذلك نفكر فى آلية، وليس بالضرورة أن يكون التعبير المصالحة، ربما قد يكون تعبيرا آخر مثل السلم الأهلى، وهناك مجموعه من العناوين، المهم تقارب وجهات النظر واتخاذ مواقف موحدة تجاه المخاطر التى تهدد العراق، وتجاه المشكلات التى يعانى العراقيون منها. على رأس تلك المخاطر بالطبع تنظيم داعش كيف ترى أداء الحكومة فى هذه المرحلة ؟ - أداء الحكومة كحكومة جيد، ولكن آلية التنفيذ، وعلى رأسها الجيش والمؤسسات الأمنية، لابد من إعادة النظر فى تنظيمها والتسلسل القيادى فيها ،ونحن بحاجة ملحة إلى إعادة تنظيم الجيش، وكذلك تنظيم أجهزته والأجهزة الإدارية، وفى نيويورك التقيت بفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسى، وتحدثت معه حول هذا الموضوع وإمكانية الاستعانة بالخبرات المصرية فى إعادة هيكلية الجيش العراقى وأجهزته. وماذا كان رده ؟ إيجابيا، طبعا. جيد ولكن هناك الكثير من السلبيات والتحفظات، خاصة تلك المتعلقة بتشكيل أطر وسياقات أخرى خارج المنظومات المالوفة، وما يسمى بالحشد الشعبى والميليشيات وممارسات تلك المنظومات وانتهاكاتها، التى رصدت من قبل الكثيرين، خاصة فى المناطق العربية السنية، فى الوقت الذى كان يرفض فيه تشكيل حرس وطنى من سكان المناطق التى ينشط فيها داعش؟ _عندما يكون هناك جزء كبير من البلد محتلا من قبل داعش لابد من الاستفادة من كل القوى والخبرات الموجودة ، الحشد الشعبى ليس تنظيما مثاليا، وهناك تجاوزات، ورغم ذلك نحن بحاجة إلى هذه التجمعات المسلحة التى تحارب داعش ، وبالتأكيد هناك خروقات كثيرة إضافة إلى حساسيات . فمثلا كان لدى البعض تفكير بأن داعش ربما يكون ضد مجموعه معينة، والآن داعش لم يترك مجموعة إلا وقتل فيها ، وما ما تجسد فى عشيرة البونمر السنية التى قتل داعش منها المئات ، وهذه كارثة ومذبحة، لذلك الجميع حريصون على ضرورة اتخاذ مواقف موحدة لمحاربة داعش، الذى تظاهر فى البداية بأنه ضد الشيعة ومع السنة، ولكنه قتل من الكل بدءا من الأيزيدية والمسيحيين، مرورا بالشيعة والكرد انتهاء بالسنة . البعض يطرح بأنه فى مقابل تنظيم داعش الإرهابى المتطرف، هناك تنظيمات شيعية إرهابية ومتطرفة وهى التى هيأت التربة لنمو واحتضان داعش وغيرها، فهل هناك آلية لوقف هذه الممارسات والتى أدت وتؤدى إلى احتقانات ؟ - استخدام العنف والإرهاب من أى طرف كان مرفوض، وأنا تحدثت فى هذا الأمر مع بعض القيادات السياسية، وكثير منهم ناديمون على كثير من الأمور، ولكن الآن كما سبق أن قلت نحن بحاجة إلى جمع قوات ونستفيد منها لضرب داعش، التى تغلغلت وتستخدم المدنيين والأسر كدروع، وهو ما عطل الكثيرمن الضربات الجوية للجيش وللتحالف الدولى، لذلك فهى مسألة تحتاج إلى وقت. تحتاج إلى وقت فى الموصل تحديدا أم أين ؟ فى كل الأماكن والتجمعات الكبرى فى الموصل والأنبار، ولكن فى مناطق أخرى فلا، وسوف نطردهم منها قريبا. كم من الوقت تحتاجه القوات العراقية بمختلف أنواعها لتحرير الموصل، خاصة أنها ستكون حاسمة وفاصلة ؟ -من الصعب تحديد المدة ،ولكن حسب اعتقاد الخبراء فالأمر يأخذ وقتا، لأن داعش ليس عبارة عن كتيبة أو فوج أو لواء أو فرقة متمركزة فى منطقة محددة بآلياتها، وهو خلاف ذلك منتشر بين الناس، لهذا يحتاج إلى وقت وتعبئة للشعب وتنظيم مع تتبع معلوماته وأخباره من قبل الأجهزة الأمنية، وهذا كله سيأخذ وقتا. إلى أين وصلت مسألة تسليح العشائر فى الأنبار ونينوى وديالى وهم الموجودون على الأرض لقتال داعش التى قتلت منهم المئات ؟ _ بالنسبه للحكومة العراقية فالأجهزة المختصة بهذا الموضوع تعمل وتبذل كل جهودها، ولابد من حماية ما بقى من عشيرة البونمرلأن داعش يركز عليهم، كما سيركز على عشائر أخرى، وهذه المسائل، من الصعب تحديدها، نظرا لأن هذه العناصر تغير تكتيكاتها يوميا. هل هذه الأجهزة قادرة على ذلك فى ظل ما حدث ويحدث؟ - نحن بحاجة إلى إعادة هيكلة هذه الأجهزة، كما سبق أن ذكرت، الآن هناك عمل ممن بقوا فى مواقعهم ، ولكن كأجهزة ومؤسسات يحتاج إلى وقت، لذلك نحن بحاجة إلى الخبرات من دول التحالف ومصر فى هذا المجال. هناك الكثير من التقارير التى تشير إلى تنامى دور إيران، بل وهيمنتها فى العراق، إضاقة إلى مشاركة بعض من قواتها فى القتال الدائر فى العراق حاليا؟ نحن علاقتنا جيدة مع إيران، وتركيا، وكذلك الجميع، وبيننا وبين إيران حدود طولها أكثر من ألف كيلومتر، ولنا مصالحنا الخاصة بنا، وتكون علاقاتنا مع أى طرف على أساس مصالحنا المشتركة، أما بالنسبه إلى التدخلات فإيران دولة كبيرة، وهناك دائما زيارات للمشهد الحسينى فى كربلاء والأماكن المقدسة فى النجف وغيرهما، وهم يوجدون بكثرة من خلال زياراتهم، فقسم من الناس يقولون إن هؤلاء ليسوا زوارا بل جنود وحرس ثورى ...إلخ ،وعندما بدأ هجوم داعش على سنجار فإن أول دولة فى العالم قدمت مساعدات من أسلحة ومواد غذائية كانت إيران، حساسيات نعم توجد حساسيات ولكن هناك حساسيات من طرف آخر، ونحن نريد التخلص من جميع الحساسيات ، سابقا كان هناك شيئا آخر، ولكن الآن المواقف، وأقصد بذلك الأطراف العراقية بدأت تقترب من بعضها وتكون موحدة، وبالمناسبة فإن العراقوإيران كانوا فى العهد الملكى كانوا ضمن حلف واحد (حلف بغداد) وكانت العلاقات التركية الإيرانية الباكسانية ممتازة. أقصر الطرق للقضاء على داعش وأخواتها؟ الوحدة الوطنية ثم العلاقات الجادة مع الجيران، ثم لا نكون مع جهة ضد جهة ،داخليا لابد من جهد ،وأعتقد أن داعش كان لها دور فى تقريب وجهات النظر، لأن الجميع رأى أنهم أمام تحد مؤلم ومرير، والطريق الوحيد للخلاص هو التفاهم والتوافق ونحب بعضنا البعض، وأنا فى السليمانية لمناقشة هذا الأمر، وسألتقى مع السيد مسعود البارازانى رئيس إقليم كردستان العراق فى أربيل، وهو له دوره الأساسى، وكذلك للأقليم دور الذى يعلمه الجميع، وسألتقى فى بغداد مع آخرين لتهيئة الأجواء. هناك تحفظ من قبل البعض على مشاركة دول عربية فى ضرب مواقع داعش بالعراق رغم قيام تحالف دولى بتفيذ ضربات؟ -هذه الدول كانت ضمن التحالف القديم مع الولاياتالمتحدة، وهذا التحالف مازال قائما، لأن هناك اتفاقا استراتيجيا مع الولاياتالمتحدة، وقضية الإرهاب قضية عالمية، بمعنى أن محاربة الإرهاب فى حد ذاتها شرعية، وحتى بالنسبة للدول غير المشاركة فى التحالف عندها تحفظ على لكنها ضد الإرهاب وليسوا ضد التحالف . بعض الرموز السياسية العراقية التى كانت ضمن العملية السياسية فى الفترة الماضية وخرجت منها لأسباب كثيرة من العملية ومن العراق، هل هناك صيغة لإعادة مشاركتها فى المرحلة المقبلة، خاصة أن الساحة بحاجة إليها الآن؟ -المصالحة تعنى ذلك وليس مصالحة بين السياسيين الممثلين بالبرلمان، وهذا الأمر ضرورى، ولابد أن تكون شاملة لكل من لم يتورطوا فى الإرهاب، ومن لديه مخالفات يتم التعامل معها وأعدته إلى العملية ،ونحن نعمل على إزالة الاحتقانات الفوقية بين الساسة --------------------------------------------------- الأهرام وطه حسين وبهاء الدين فى ذاكرة معصوم روى الرئيس العراقى على هامش اللقاء بعضا من ذكرياته في مصرقائلا: أنا علاقتى بمصر وجريدة الأهرام قديمة، والتقيت أكثر من مرة مع الاستاذ محمد حسنين هيكل، ومرات عدة مع الراحل الأستاذ أحمد بهاء الدين الذى كان صديقا للمام جلال الطالبانى الرئيس العراقي السابق ،وذلك خلال تواجدي واقامتي بمصر بدءا من العام1963 كمساعد لممثل الثورة الكردية المرحوم شوكت عقارى واستمرت اقامتي في القاهرة 14 عاما توليت خلالها مكتب الثورة الكردية في القاهرة ،وانا مصري الهوي،وحصلت علي الدكتواره من جامعة الازهر عام 1974 ولهذه الرسالة قصة ، فقد سجلت موضوع الرسالة عن ( إخوان الصفا صفاتهم وغاياتهم ) وذهبت إلى الراحل الدكتور طه حسين بعد توسط أحد الاصدقاء وافق على اللقاء، وعندما قابلته طرحت عليه موضوع الرسالة وطلبت نصيحته، فعندما استمع الي قال لى: من كلامك فانت لست مصريا فقلت له: أنا من العراق فقال: اترك الموضوع لانك إما شيعى متعصب لهم وإما سنى متعصب عليهم فقلت له: أنا كردى فقال: هذه أول مرة اسمع أن الاكراد طائفة وليس شعب فقلت: نعم واقصد أننا ليس عندنا تعصب. وقلت له إننى سأناقشها فى جامعة الأزهر فقال: انصحك اتركها لأنهم لن يجيزوها فقلت له: لكن الاستاذ المشرف هو أحد تلاميذك، وهو الدكتورمحمد غلاب، فقال: هو من ابنائى الجيدين اذن قدمها واعطي لى ملاحظاته وأجيزت، وكتب مقدمة طويلة لرسالة الدكتوراه بعد طبعها فى مصر.