الرئيسية
السياسية
الاقتصادية
الدولية
الرياضية
الاجتماعية
الثقافية
الدينية
الصحية
بالفيديو
قائمة الصحف
25 يناير
الأخبار
الأسبوع أونلاين
الأهالي
الأهرام الاقتصادي
الأهرام العربي
الأهرام المسائي
الأهرام اليومي
الأيام المصرية
البداية الجديدة
الإسماعيلية برس
البديل
البوابة
التحرير
التغيير
التغيير الإلكترونية
الجريدة
الجمعة
الجمهورية
الدستور الأصلي
الزمان المصري
الشروق الجديد
الشروق الرياضي
الشعب
الصباح
الصعيد أون لاين
الطبيب
العالم اليوم
الفجر
القاهرة
الكورة والملاعب
المراقب
المساء
المستقبل
المسائية
المشهد
المصدر
المصري اليوم
المصريون
الموجز
النهار
الواقع
الوادي
الوطن
الوفد
اليوم السابع
أخبار الأدب
أخبار الحوادث
أخبار الرياضة
أخبار الزمالك
أخبار السيارات
أخبار النهاردة
أخبار اليوم
أخبار مصر
أكتوبر
أموال الغد
أهرام سبورت
أهل مصر
آخر ساعة
إيجي برس
بص وطل
بوابة الأهرام
بوابة الحرية والعدالة
بوابة الشباب
بوابة أخبار اليوم
جود نيوز
روزاليوسف الأسبوعية
روزاليوسف اليومية
رياضة نت
ستاد الأهلي
شباب مصر
شبكة رصد الإخبارية
شمس الحرية
شموس
شوطها
صباح الخير
صدى البلد
صوت الأمة
صوت البلد
عقيدتي
في الجول
فيتو
كلمتنا
كورابيا
محيط
مصراوي
مجموعة البورصة المصرية
مصر الآن
مصر الجديدة
منصورة نيوز
ميدان البحيرة
نقطة ضوء
نهضة مصر
وكالة الأخبار العربية
وكالة أنباء أونا
ياللاكورة
موضوع
كاتب
منطقة
Masress
دعوى عاجلة جديدة تطالب بوقف تنفيذ قرار جمهوري بشأن اتفاقية جزيرتي تيران وصنافير
سعر الذهب اليوم الأحد 4 مايو 2025 في مصر.. استقرار بعد الانخفاض
مختص بالقوانين الاقتصادية: أي قانون يلغي عقود الإيجار القديمة خلال 5 سنوات "غير دستوري"
الأرصاد تكشف طقس الساعات المقبلة: أمطار وعودة الأجواء الباردة
تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 148 مخالفة عدم غلق المحلات في مواعيدها
مينا مسعود يحضر العرض المسرحي في يوم وليلة ويشيد به
الإفتاء توضح: هذا هو التوقيت الصحيح لاحتساب منتصف الليل في مناسك الحج لضمان صحة الأعمال
عشان دعوتك تتقبل.. اعرف ساعة الاستجابة في يوم الجمعة
جيش الاحتلال الإسرائيلي يؤكد فشله في اعتراض صاروخ اليمن وسقوطه بمحيط مطار تل أبيب
شاهد عيان على جسارة شعب يصون مقدراته بالسلاح والتنمية.. قناة السويس فى حماية المصريين
مد فعاليات مبادرة كلنا واحد لمدة شهر اعتبارا 1 مايو
سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري الأحد 4-5- 2025
اللهم اجعله اختطافًا (خالدًا) وخطفة (سعد) على النقابة (2-3)
الكوابيس القديمة تعود بثياب جديدة! كيف صاغ ترامب ولايته الثانية على أنقاض الديمقراطية الأمريكية
هجوم كشمير أشعل الوضع الهند وباكستان الدولتان النوويتان صراع يتجه نحو نقطة الغليان
الوجهان اللذان يقفان وراء النظام العالمى المتغير هل ترامب هو جورباتشوف الجديد!
رئيس وزراء أستراليا المنتخب: الشعب صوت لصالح الوحدة بدلا من الانقسام
واصفًا الإمارات ب"الدويلة" الراعية للفوضى والمرتزقة"…التلفزيون الجزائري : "عيال زايد" أدوات رخيصة بيد الصهيونية العالمية يسوّقون الخراب
بغير أن تُسيل دمًا
درس هوليوودي في الإدارة الكروية
تمثال ل«صلاح» في ليفربول!!
وجه رسالة قوية لنتنياهو.. القسام تنشر فيديو لأسير إسرائيلي يكشف تعرضه للقصف مرتين
رابطة الأندية تعلن عقوبات الجولة الثالثة من مرحلة حسم الدوري
عاجل.. الزمالك يرفض عقوبات رابطة الأندية
لجنة حكماء لإنقاذ مهنة الحكيم
من لايك على «فيسبوك» ل«قرار مصيرى».. ال SNA بصمة رقمية تنتهك خصوصيتنا «المكشوفة»
إحالة الفنانة رندا البحيري للمحاكمة بتهمة السب والتشهير ب طليقها
بسبب وجبة «لبن رايب».. إصابة جدة وأحفادها ال 3 بحالة تسمم في الأقصر
والدتها سلمته للشرطة.. ضبط مُسن تحرش بفتاة 9 سنوات من ذوي الهمم داخل قطار «أشمون - رمسيس»
روز اليوسف تنشر فصولًا من «دعاة عصر مبارك» ل«وائل لطفى» يوسف البدرى وزير الحسبة ! "الحلقة 3"
بعد ختام الدورة الحادية عشرة: مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير.. وشعار «النضال من أجل الاستمرار»
سرقوا رائحة النعناع الطازج
أهرامات العالم!
عبدالناصر حين يصبح «تريند»!
في ظل فضائح وكوارث حكومة الانقلاب .. مجند يحاول الانتحار فى معبد فيله احتجاجا على طقوس عبادة الشمس
الرئيس السيسى ينتصر لعمال مصر
أول مايو يخلد ذكرى «ضحايا ساحة هيماركيت» عيد العمال احتفاء عالمى بنضال الشقيانين
أثارت الجدل.. فتاة ترفع الأذان من مسجد قلعة صلاح الدين
كلام ترامب
وزير الصحة يوقع مذكرة تفاهم مع نظريه السعودي للتعاون في عدد من المجالات الصحية الهامة لمواطني البلدين
تصاعد جديد ضد قانون المسئولية الطبية ..صيدليات الجيزة تطالب بعدم مساءلة الصيدلي في حالة صرف دواء بديل
الأهلي سيتعاقد مع جوميز ويعلن في هذا التوقيت.. نجم الزمالك السابق يكشف
إنتر ميلان يواصل مطاردة نابولي بالفوز على فيرونا بالكالتشيو
كامل الوزير: هجمة من المصانع الصينية والتركية على مصر.. وإنشاء مدينتين للنسيج في الفيوم والمنيا
حقيقة خروج المتهم في قضية ياسين من السجن بسبب حالته الصحية
الفريق كامل الوزير: فروع بلبن مفتوحة وشغالة بكل الدول العربية إحنا في مصر هنقفلها
كامل الوزير: البنية التحتية شرايين حياة الدولة.. والناس فهمت أهمية استثمار 2 تريليون جنيه
50 موسيقيًا يجتمعون في احتفالية اليوم العالمي للجاز على مسرح تياترو
كامل الوزير: 80% من مشروعات البنية التحتية انتهت.. والعالم كله ينظر لنا الآن
حزب الله يدين الاعتداء الإسرائيلي على سوريا
الشرطة الألمانية تلاحق مشاركي حفل زفاف رقصوا على الطريق السريع بتهمة تعطيل السير
الأوقاف تحذر من وهم أمان السجائر الإلكترونية: سُمّ مغلف بنكهة مانجا
" قلب سليم " ..شعر / منصور عياد
«إدمان السوشيال ميديا .. آفة العصر».. الأوقاف تصدر العدد السابع من مجلة وقاية
مصرع شخص وإصابة 6 في انقلاب سيارة على الطريق الصحراوي بأسوان
تمهيدا للرحيل.. نجم الأهلي يفاجئ الإدارة برسالة حاسمة
فحص 700 حالة ضمن قافلتين طبيتين بمركزي الدلنجات وأبو المطامير في البحيرة
الصحة: العقبة الأكبر لمنظومة التبرع بالأعضاء بعد الوفاة ضعف الوعي ونقص عدد المتبرعين
شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
موافق
أبو القاسِم الشَّابَّى كتب قصيدة النثر فى السادسة عشرة من عمره
شريف رزق
نشر في
الأهرام اليومي
يوم 02 - 11 - 2014
على الرَّغم منْ الاحتفَاءِ الكبيرِ الَّذي قوبلَتْ بِهِ تجربَةُ أبي القاسِمِ الشَّابيِّ (1909-1934) الشِّعريَّةِ ؛ الَّتي استمرَّ حُضُورُهَا الشِّعريُّ سِتَّ سَنَوَاتٍ فقطْ ، فقدْ تمَّ التَّعتِيمُ على جُزْءٍ أصٍيْلٍ منْ مُمَارسَتِهِ الشِّعريَّةِ ؛ يتمثَّلُ في تجربتِهِ في شِعْرِ النَّثرِ العَرَبيِّ ؛ وَهِيَ تجربَةٌ مُهِمَّةٌ تُشكِّلُ دِيوانًا كامِلاً ، شَرَعَ فيْهِ وَهُوَ في السَّادسَة عَشَرةَ منْ عُمْرِهِ ، وَهُو يسبقُ دِيوانَهُ الوَحِيدَ ؛ الَّذي نُشِرَ بعدَ وَفاتِهِ : أغَانِي الحَيَاة ، وَيَسْبقُ ، كَذَلكَ ، كِتابَهُ : الخَيَال الشِّعريّ عِندَ العَرَب ، وَلا تكتمِلُ مُدَوَّنتُهُ الشِّعريَّةُ بإقصَائِهِ .
ففي عِشْرينيَّاتِ القََرْنِ المَاضِي ، أنْجَزَ الشَّابِيُّ ديوانًا كامِلا ، سَاهَمَ بهِ في حَرَكةِ مَا سُمِّيَ ب الشِّعرِ المَنْثُورِ ؛ الَّتي هِيَ الانبثاقَةُ الأولى لِلْكتابَةِ الشِّعريَّةِ نثرًا ، حَيْثُ إنْجَازُ الشِّعرِ بمَعْزِلٍ عنْ آليَّاتِ إنتاجِهِ التَّاريخيَّةِ المُتَوَارَثَةِ ، وَلمْ يكُنْ الشَّابي وَحْدَهُ منْ شُعرَاءِ القَصِيدَةِ العَربيَّةِ ؛ بشكلِهَا التَّاريخِيِّ المَوْرُوثِ ، هُوَ الَّذي يُقاربُ شَكْلَ الشِّعرِ المَنثورِ ؛ فقدْ شَهَدَتْ هَذه المَرْحَلَةُ مُشَاركاتٍ في المَشْرِقِ وَالمَهْجَرِ في طَليعَتِهَا تَجاربُ خَليْل مُطران (1871- 1949)، وجُبْرَان خَليْل جُبْرَان (1883–1931)، ورَشِيد أيُّوب(1871- 1941)، وجَمِيْل صِدْقي الزَّهَاوي (1863- 1936) ، ومَعْروف الرَّصَافي (1875- 1945) ، وبِشَارة الخُوري (1885- 1968) ، وبِشْر فَارس (1906- 1963) ، وهُنَا تجدُرُ الإشارَةُ إلى افتتَانِ الشَّابِيِّ بشَاعِريَّةِ جُبْران ؛ الَّذي كانَ ينظِم الشِّعرَ وينثرُهُ ، على حَدِّ تعبيرِ جُبْرَان نفسِهِ .
كَمَا ظَهَرَتْ في هَذِهِ المَرْحَلةِ دَواويْنُ منْ شِعرِ النَّثرِ ، منْهَا :" ظُلُمَات وَأشِعَّة " لميّ زِيَادة : 1923، " عَرْش الحُبِّ والجَمَال" لمُنير الحُسَامِي : 1925، " الحُبّ والجَمَال" لمحمَّد عبد المنعم :1927، " الطَّائر الشَّريد" لراجي أبو جمرا : 1931 ، " المُرُوج وَالصَّحَارَى " لمُراد ميخائيل :1931، ولَه أيضًا : " نَسَمَات وَزَوَابِع " 1927، وَهِيَ ، في مُجْمَلِهَا ، تُشِيْرُ إلى تبنِّي المَوْقِفَ الرُّومانسِيّ ، وأدائِهِ العَاطِفِي ، الَّذي مَيَّزَ هذِهِ المَرْحَلة ، وَكَمَا بَرَزَ في الخِطَابِ الشِّعريِّ بَرَزَ في نَثْرِ المَنْفلوطِي وَالرَّافِعي وَجُبْرَان وَالرِّيحانِي وميّ زيَادة وغيرهم .
وَتُشِيرَُ تجربَةُ الشَّابيِّ في شِعْرِ النثرِ إلى اتِّسَاقِهَا مَعَ تجربتِهِ في شِعْرِ الوَزْنِ اتِّسَاقًا وَاضِحًا في إنتَاجِ الشِّعريَّةِ ، على مِحْورِ الأدَاءِ اللغويِّ ، وعلى مِحْورِ المَوْقِفِ الرُّومَانسِيِّ بتدفُّقِهِ الوجْدَانِيِّ الحُرِّ ، وعلى مِحْورِ المَوْقِفِ منْ الوجُودِ وَالوَاقِعِ ، بمَا يجعلُهَا جُزْءًا أسَاسيًّا منْ مُمَارسَتِهِ الشِّعريَّةِ ومنْ مُدوَّنتِهِ الشِّعريَّةِ .
وَقدْ ظَلَّتْ تجربَةُ الشَّابيِّ مُهَمَّشةً ، في نُصُوصٍ موجُودَةٍ في بعْضِ الدَّوريَاتِ ، وَبعْضِ الكُتبِ ، وَبعضُهَا أُدْرِجَ تحتَ تصنيفَاتٍ تُبْعِدُهَا عنْ الشِّعريَّةِ ، مِثل خَواطِر وتأمُّلات ومقالات ، وَقبْلَ الوصُولِ إلى مَشْهَدِ القَصِيدِ النَّثريِّ عندَ الشَّابيِّ ، ينبغي الإشارة إلى ثمَّة وَقْفَتَيْنِ تَاريخيَّتيْنِ، تُشِيرَانِ إلى هَذَا المَشْهَدِ وتُعلِنَانِ عنْهُ ؛ تتمثَّلُ الوَقْفَةُ الأولى في وَقْفةِ توفيق بكَّار على آثارِ الشَّابي الشِّعريَّةِ المَنْسِيَّةِ ؛ في مُناسَبةِ مرورِ ثلاثيْنَ عامًا على رَحِيْلِهِ ؛ الَّتي جاءتْ تَحْتَ عنوَانِ: " مِنْ أشْعَار أبي القَاسِم المَنْسِيَّةِ " ، ونُشِرَتْ بمجلَّة الحَوْليَّات سنة 1965، وَكانَ منْ بينِهَا نَصَّانِ منْ شِعرِ النَّثرِ؛ هُمَا : " النَّفسُ التَّائهة " و" أيُّهَا القلب " .
وَقدْ كَانَ لوقفَةِ بكَّار على تجربَةِ الشَّابيِّ في شِعْرِ النَّثرِ، وَاعتبارهَا جُزْءًا منْ تجربتِهِ الشِّعريَّةِ ؛ يجِبُ أنْ يُلْحَقَ بديوانِهِ الجَامِعِ، أثرًا وَاضِحًا في التَّنبيْهِ إلى شِعريَّةِ القَصِيدِ النَّثريِّ عندَ الشَّابيِّ ؛ حيثُ قامَ أبو زيَّان السَّعديُّ ، بعدَ ذلكَ ، بتخصِيْصِ فَصْلٍ كَامِلٍ للقَصِيدَةِ النَّثريَّةِ ، ضِمْنَ فصُولِ كِتَابِهِ " في الأدَبِ
التونسِيِّ
المُعَاصِر"، الصَّادرِ سنة 1974، مُعتبرًا أنَّ " القََصِيدَة النَّثريَّة ليسَتْ جديدَةً في حياتِنَا الأدبيَّةِ ، وليسَتْ منْ ابتِكارِ أفرَادٍ بأعينِهِمْ ؛ إنَّمَا هِيَ ظاهرَةٌ بعيدَةٌ في الحَيَاةِ الأدبيَّةِ العَرَبيةِ ، منذُ المعرِّيِّ وَالتَّوحِيديِّ ، لكنَّهَا بَرَزَتْ وَاضِحَةً مُتكامِلةً لدَى بعْضِ أدَبَاءِ المَهْجَرِ الأمْريكِيِّ ؛ الَّذين تشرَّبَتْ قرائِحُهُمْ بالآدَابِ الغربيَّةِ ، ثمَّ ينتقِلُ السَّعديُّ إلى الوقوفِ على خَصَائصِ القَصِيدِ النَّثريِّ ، فَيَرَى أنَّه يتميَّزُ عنْ (الشِّعر) بمخَالفَةِ الأوْزانِ و القَوافِي و يتميَّزُ عنْ (النَّثر) بالخَيَالِ البديعِ وهَذا الإيقاعِ المُوسِيقيِّ الخَاصِّ ، ويَسْتشهدُ بمقطَعٍ منْ قَصِيدَةِ : أغنيَّة الألَم ، للشَّابِيِّ ، وَيَرَى أنَّ قَصَائدَ الشَّابيِّ النَّثريَّةِ ، قدْ سَايَرَتْ رِكَابَ حَرَكاتِ التَّحريرِ؛ الَّتي ظَهَرَتْ في مَشْهَدِ الشِّعرِ العَرَبيِّ ، في الثُّلثِ الأوَّلِ منْ القَرْنِ العِشْريْنَ ، وقدْ امتازَتْ بإشرَاقَةِ الأسلوبِ ، ومَتَانَةِ التَّراكِيْبِ ، وَتدفُّقِهَا بأحَاسِيْسِ النَّفسِ الفيَّاضَةِ ، وَمَا تَوَشَّحَتْ بِهِ منْ أرْدِيَةِ الأحْزَانِ ، وانقبَاضِ الآمَالِ ، وَسْطَ عَالمٍ يمتلئُ شرورًا وآثامًا ، بالنَّغمَاتِ الشَّجيَّةِ نفسِهَا ، الَّتي كثيرًا مَا طَالعتْنَا في قصَائِدِهِ المَنْظُومَةِ ".
الوقفَةُ الثَّانيَةُ على شِعريَّةِ القَصِيدِ النَّثري عندَ الشَّابيِّ ، كانتْ بمُنَاسَبَةِ الاحتفَالِ بمرورِ سِتِّينَ عَامًا على رحيلِهِ ، حَيْثُ أصْدَرَتْ دَارُ المغربِ العَرَبيِّ ، في عام 1994، "موسوعَةً ضَخْمَةً حَوْلَ الشَّابيِّ ، وَقدْ ضَمَّ المُجلَّدُ الثَّاني منْهَا قِسْمًا بعنوَانِ : " نثر الشَّابيِّ وَمَوَاقِفه منْ عَصْرِهِ " ، وَهُو منْ إعدادِ و تقديْمِ أبي القاسِم محمَّد كرُّو ؛ الَّذي خَصَّصَ فيْهِ بحثًا لقَصِيدَةِ النَّثرِ عنْدَ الشَّابيِّ و جِيْلِهِ ؛ رَأى فيْهِ أنَّهَا مَوْجَاتٌ مُتعاقبَةٌ في الأدَبِ العَرَبيِّ منذُ ظَهَرَ النَّصُّ القُرآنيُّ ، وَمَنْ يقِفُ على كثيرٍ منْ الآياتِ والسّورِ، وعلى سَجْعِ الخُطَبَاءِ ، وَكتَاب الفُصُول والغَايَات للمَعرِّيِّ ، ونصوصٍ أخْرَى منْ مُختلَفِ العُهودِ ، يقِفُ على كثيْرٍ منْ الإجابَةِ النَّصِّيَّةِ ، و كثيْرٍ منْ الابتِدَاعِ وَالمَهَارَاتِ الأدبيَّةِ ؛ لاسِيَّمَا في خصوصِ الصِّياغَةِ والتَّشكِيْلِ ، وَلئِنْ اعْتَبَرَ كرُّو أنَّ الشَّابيَّ هُو أوَّلُ منْ كَتَبَ نصًّا في
تونس
ضِمْنَ القَصِيدِ النَّثريِّ ، فإنَّه استعرَضَ كَذلكَ بعْضَ الشُّعرَاءِ الآخريْنَ المُعَاصِريْنَ للشَّابيِّ ؛ وَالَّذين كانُوا مَعَه منْ المُجدِّديْنَ في الشِّعر، منْ أمثَالِ: سعيد أبي بكر، و محمَّد البشروش ، و محمَّد العريبي ، وقد أوْرَدَ للشَّابيِّ ثلاثةَ نصوصٍ تحْتَ عنوانِ: " منْ شِعْرِهِ المَنْثُور"، غيْرَ أنَّه جَعَلَ قصِيدَيْنِ آخريْنِ ؛ هُمَا : " صَفَحَات دَامِيَة منْ حَيَاةِ شَاعرٍ" و" صَفَحَات منْ كِتَابِ الوُجود / الشَّاعر" ، ضِمْنَ قِسْمٍ خَاصٍّ ، تَحْتَ عنوانِِ : " مَقَالات و خَوَاطِر أدبيَّة " .
ثمَّ جَاءَ الشَّاعر سُوف عبيد ، ليُتوِّجَ هذِهِ الجهودَ ؛ فاضطلَعَ بمُهمَّةِ تقديم الدِّيوَان النَّثريِّ لأبي القاسِم الشَّابيِّ ، بالعنوَانِ ذاتِهِ الَّذي وَضَعَه الشَّابيُّ لنصوصِهِ ؛ ليضَعَهُ في مكانِهِ التَّاريخِيِّ ، بعدَ تهمِيشٍ طَالَ ، وأرْجَعَ سُوف عَدَمَ اهتِمَامِ المُتخصِّصيْنَ في أدَبِ الشَّابيِّ وناشِرِيْهِ الاهتِمَامَ الجديرَ بتجربتِهِ في القَصِيدِ النَّثريِّ ، إلى أنَّهم " جمعُوهَا كيفَمَا تَسَنَّى لهم منْ مواقِعِهَا الأصْليَّةِ ، ثمَّ أدْرَجُوهَا مَعَ نصوصِهِ الأخْرَى ، وَ وَضَعُوهَا تَحْتَ عَناويْنَ تختلِفُ عنْهَا شَكْلاً وَمَضْمُونًا ، نَاهِيْكَ أنَّ أغلَبَ الدِّرَاسَاتِ حَوْلَ شِعْرِ الشَّابيِّ وَاستقصَاء آثارِهِ ، سَكَتَتْ عَنْ تِلكَ القَصَائدِ النَّثريَّةِ ، فإذَا مَا أشَارَتْ إليْهَا فباعتبارِهَا مُحَاولات أولَى في الكِتَابَةِ فَحَسْب ، أوْ باعْتِبَارهَا ظَاهرَةً مَحْدُودَةَ القِيْمَةِ ، لاحَتْ عِنْدَ الشَّابيِّ ، ثمَّ مَا فَتِئَتْ أنْ تَقَلَّصَتْ في مَا بَعْدَ ، وَأرْجَعَ سُوف سَبَبَ السُّكوتِ عنْ قَصَائدِ الشَّابيِّ النَّثريَّةِ أوْ إدرَاجهَا مَعَ غيرِهَا منْ أجْنَاسِ الكِتابَاتِ الأخْرَى لديْهِ ، أوْ اعْتِبَارهَا مُجَرَّدَ بدايَاتٍ لا تستحِقُّ النَّشرَ أوْ الدرسَ ، إلى عَدَمِ وُضُوحِ مقاييسِ قَصِيدِ النَّثرِ وإلى التباسِ مَعَالمِهِ المُميِّزَةِ تِلكَ الَّتي ، رَغْمَ انتِشَارِ هَذا النَّوعِ الجَديدِ منْ الشِّعرِ، وَ رَغْمَ انقِضَاءِ أكثر منْ قَرْنٍ على ظُهورِهِ في مُدوَّنَةِ الأدَبِ العَرَبيِّ المُعَاصِرِ، مَا تَزَالُ منْ دُون تحديدٍ قاطِعٍ وَمَضْبُوطٍ ، وَلَعَلَّ المَسْألةَ تتطلَّبُ التَّراكُمَ النَّوعِيَّ ، وَالتَّواتُرَ، وَالامْتِدَادَ الزَّمنِيَّ ، وَتواصُلَهُ ؛ لإنشَاءِ التَّنظِيْرِ الخَاصِّ بِهِ ، وَهُوَ الأمْرُ الَّذي يتطلَّبُ جُهودًا جَمَّةً على مَدَى أجْيَالٍ " .
وَلهَذَا شَرَعَ سُوف في تخلِيْصِ " القَصَائدِ النَّثريَّةِ لأبي القاسِم الشَّابي ، مِمَّا عَلِقَ بهَا على مَدَى السَّنواتِ الطِّوالِ منْ تصنيفَاتِ غَيْرِهَا منْ النُّصوصِ ، وإيلائِهَا المَكانَة الجَديْرَة بهَا ، بعِيدًا عَمَّا أُسْنِدَ إليْهَا منْ أحْكامٍ مُتسرِّعَةٍ أوْ عَامَّةٍ ، وَإظهارِهَا في شَكْلِهَا الخَاصِّ وَالمُسْتقِلِّ ، مُخلِّصًا إيَّاهَا منْ إجْحَافِ الطَّبعَاتِ السَّابقةِ وَشَوائِبِهَا و مُرتّبهَا ترتِيْبًا زَمَنيًّا .
هَكَذا يَصْدُرُ الدِّيوَانُ النَّثريُّ للشَّابيِّ أخِيْرًا ، في غَيْرِ حَيَاةِ صَاحِبِهِ ، كَمَا صَدَرَ دِيوَانُ الرَّائدِ الأوَّل لشِعْرِ النَّثرِ العَرَبيِّ، أمين الرِّيحاني(1876–1940) ؛الَّذي عليْهِ إجْمَاعُ الدَّراسِيْنَ ، بَعْدَ وفاتِهِ ، في عَامِ 1955، تَحْتَ عنوانِ :" هُتَاف الأوْدِيَة " ، بَعْدَ أنْ كانَ مُتناثِرًا في عِدَّةِ دَوريَّاتٍ وَكُتُبٍ .
و قدْ حَرِصَ سُوف على " إخْرَاجِ هذِهِ النُّصوصِ الشِّعريَّةِ وَنَشْرِهَا مُسْتقلَّةً ، تَحْتَ العنوانِ الَّذي وَضَعَه الشَّابيُّ نفسُهُ ؛ وَهُوَ " صَفَحَات منْ كِتَابِ الوجُود " ؛ لِتَظْهَرَ للنَّاسِ كَمَا أرَادَ لهَا الشَّابيُّ وَ تَمَنَّاه " ، وأوَّلُ هذِهِ النُّصوصِ ، نَصُّ " بقايَا الشَّفَق " ، وَقدْ كَتَبَهُ في عام 1925، وَيَعْكِسُ النَّصُّ "مَوْقِفًا تأمُّليًا في الحَيَاةِ ، منْ خِلالِ اسْتِبْطَانِ الذَّاتِ ، عِنْدَ مَشْهَدِ الشَّمسِ ، وَهِيَ تَغِيْبُ بآخِر ضِيَائِهَا ، فتنسَابُ الخَيَالاتُ وَالرُّؤى ، بيْنَ مُسَاءَلاتٍ حِينًا ، وَ بيْنَ ذِكريَاتٍ حِينًا آخَر، لكأنَّ الشَّاعرَ يُواجِهُ ذاتَهُ في لحَظَاتِ الكَشْفِ وَالحَقيقَةِ ، حَيْثُ يبدو النَّصُّ تَمَامًا كالمِرَآةِ ؛ قائمًا على مبدأ ثُنائيَّةِ التَّقابُلِ وَالتَّناظُر" وَمِنْهُ قولُهُ :
" أيْنَ أنْتِ ؟
أيَّتُهَا الأحْلامُ العَذْبَةُ الَّتي كَانَتْ تَبْسَمُ لِي
منْ خِلالِ الظَّلام
فتُفْعِمُ آفاقَ نفسِي
بأنْوَارِ الرَّجَاءِ
وَتَرِفُّ بسكونٍ حَوْلَ قلبِي هَامِسَةً
في مَسَامِعِهِ أنشودَةُ الأمَلِ
في أيِّ وَادٍ تَلاشَيْتِ ؟
وَفي أيِّ لَحْدٍ ضُمَّ صَدَاكِ ؟
أيْنَ أنْتِ ؟
أيَّتُهَا الأجنِحَةُ البيضَاءُ المُتألِّقةِ تَحْتَ أشِعَّةِ الشَّمسِ
كَعَرَائِسِ الشِّعرِ
لقدْ طلبتُكِ بَيْنَ أنْوَارِ الصَّبَاحِ
فلمْ أجِدْكِ
وَفتَّشْتُ عنْكِ بَيْنَ أهْوَالِ الظَّلامِ
فمَا رَأيتُكِ
فتَّشْتُ عنْكِ في ابتسَامَةِ الأزْهَارِ
وَفي قُطوبِ الأشْوَاكِ
وَفي كُلِّ أطْوَاءِ الحَيَاةِ
وَمَظَاهِرِهَا
فَمَا وَجَدْتُكِ ."
وَمنْ هذِهِ النّصوصِ كَذلكَ نَصُّ : الأحْزَان الثَّلاثَة ؛ الَّذي يستهِلُّهُ بقولِهِ :
" أنَا وَالليْلُ كئِيْبَانِ !
وَفي قلبيْنَا شُعْلَةٌ منْ تِلكَ الكَآبَةِ الصَّامِتَةِ
المُتغنِّيَةِ في قلْبِ الحَيَاةِ
بأحْزَانِ البَشَريَّةِ المُعَذَّبَةِ
وَعِنْدَمَا يَسْكُنُ الليْلُ
وَتَخْمَدُ أصْوَاتُ الزَّمنِ
تَتَصَاعَدُ منْ أحْشَاءِ الظَّلامِ أنَّةُ الكَآبَةِ المُوْجِعَةِ
مَعَ عَويْلِ المُنْطَرحِيْنَ
تَحْتَ سَنَابِكِ المَظَالمِ القَاسِيَّةِ
إلى حَيْثُ يُرْسِلُهَا اللهُ شُعَلاً نَاريَةً
تلتهِمُ الأشْوَاكَ
وَالهَشِيْمَ
أمَّا أنَا
فتَتَعَالَى كآبتِي شُعَلةٌ مُتَّقِدَةٌ مُتَمَايسَةٌ
في فَضَاءٍ مُظْلِمٍ
مُفْعَمٍ بمَرَارَةِ الأوْجَاعِ ."
وَمِنْ هذِهِ النُّصوصِ كَذلكَ نَصُّ: الذِّكريَات البَاكِيَة ، وَ يَرَى سُوْفَ أنَّه بمثابَةِ مُعَلَّقتِهِ ، أوْ نَشِيْدِ إنشَادِهِ ، وَمِنْهُ قولُهُ :
" بَاركِيْنِي يَا ابنَةَ النُّورِ وَالمَحَبَّةِ
فَلقَدْ تَغنيْتُ باسْمِكِ مُنذُ الأزَلِ ، وَدَعَوتُكِ منْ وَرَاءِ الوجُودِ
بَاركِينِي يَا ابنَةَ النُّورِ وَالمَحَبَّةِ
فَلَقَدْ صَلَّيْتُ لكِ في أعْمَاقِ قلبِي قبْلَ أنْ تبدَأ الأكْوَانُ
وَعَبدتُكِ بَيْنَ الكَوَاكِبِ وَأنَا شُعَاعُ طائِرٍ في الأفقِ البَعِيْدِ
بَاركِينِي يَا ابنَةَ النُّورِ وَالحُبِّ
فلقدْ تَغَنيْتُ باسْمِكِ وَأنَا خَمْرَةٌ سَكْرَى بَيْنَ اليَنَابيعِ الخَالِدَةِ
وَعبيرٌ يَتَطَايَرُ في سَمَاءِ اللهِ
وَدَعَوْتُكِ وَأنَا مَا حَلُمْتُ بأفرَاحِ العَالمِ وَأترَاحِهِ ،
وَلا تَمَثَّلتُ ضَبَابَ الفَجْرِ
وَضَيَاءَ القَمَرِ
بارِكِينِي يَا ابنَةَ النُّورِ وَالمَحَبَّةِ
فلقدْ تغنيْتُ باسْمِكِ حتَّى تَمَخَّضتْ بِيَ الأوْجَاعُ
وَوَلدتْنِي الحَيَاةُ في غُرْفَةِ الأيَّامِ
وَدَعَوْتُكِ حَتَّى قبََّلَ النُّورُ شَفَتَيَّ
وَأنَارَ الصَّبَاحُ عَيْنَيَّ
وَعَلَّمَنِي الحُبُّ الكَلامَ
بَارِكِيْنِي يَا ابنَةَ النُّورِ وَالمَحَبَّةِ
فلقدْ صَلَّيْتُ لكِ في أعْمَاقِ قلبِي
وَأنَا ذَرَّةٌ ضَائِعَةٌ بَيْنَ السُّدُمِ
وَضَبَابٌ هَائِمٌ بَيْنَ الظِّلالِ
وَ دَعَوْتُكِ قبْلَ أنْ يُلامِسَ الليْلُ قلبِي بشَفتَيْهِ
وَيُعَانِقُ الفَجْرُ رُوحِي بجنَاحَيْهِ
بَاركِيْنِي يَا ابنَةَ النُّورِ وَالمَحَبَّةِ
فلقدْ صَلَّيْتُ لكِ في أعْمَاقِ قلبِي
وَأنَا فِكْرَةٌ غَامِضَةٌ تضطرِبُ بيْنَ أعمَاقِ المَوْتِ وَأمْوَاجِ الحَيَاةِ
وَ أنشُودَةٌ خَافِتَةٌ تَرْتَعِشُ في قَلْبِ اللانِهَايَةِ
وَحَقيقََةٌ عَاريَةٌ تأتلِقُ في صَمِيْمِ الوجُودِ
لقدْ عَبَدْتُكِ في حَيَاتِي المَاضِيَةِ
وَسَأعْبُدُكِ في حَيَاتِي البَاقيَةِ
حَتَّى المَوْتِ ."
وَهِيَ نصوصٌ تكشِفُ ، كَمَا هُوَ وَاضِحٌ ، عنْ الأدَاءِ الرُّومانسِيِّ الَّذي شَاعَ في هذِهِ المَرْحَلةِ ، في المَشْرِقِ وَالمَهْجَرِ ؛ حَيْثُ العَاطِفيَّةُ المتدفِّقةُ السَّيالةُ ، وَالرُّؤى القاتِمَةُ ، وَتفاعُلُ الطَّبيعَةِ مَعَ حَرَكَةِ الشُّعورِ ، وَالشَّوقُ إلى مَحْبُوبَةٍ مَلائِكيَّةٍ بعيدَةٍ ، وَالرُّؤى المُجَرَّدَةُ الكُلِّيَّةُ المُعبِّرَةُ عنْ رَفْضِ الوَاقِعِ ، وَالمُعْجَمُ الوِجْدانِيُّ ، وَثَوَرَاتُ الشُّعورِ، وَتنبُعُ أهميَّتُهَا التَّاريخيَّةُ منْ إنْجَازهَا الشِّعرَ خَارِجِ العَرُوضِ ، وَفَصْلِ الشِّعرِ عَنْ النَّظمِ ، وَهُوَ مَا أسَّسَ مَعَالمَ مَشْهَدٍ شِعريٍّ آخَر، تَحَوَّلَ ، بتحوُّلاتِ الوَعْي ، عِدَّةَ تحوُّلاتٍ شِعريَّةٍ ، في مَسَارِهِ التَّاريخِيِّ ، عَبْرَ أكثَرِ منْ مِئَةِ عَامٍ قبْلَ الآنَ .
انقر
هنا
لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة
شريف رزق: «عصابات» تدير المشهد الثقافى فى مصر
التفعيليون: شعراء النثر لا أحد يعرف نصوصهم
لا يمكن اتهام القصيدة التفعيلية والعمودية الآن..
حقائق جديدة حول شعر "جبران خليل جبران"
عندما يبحث الشاعر عن ذاته في القصائد
الحلم بمعجزة النثر الشعري
أبلغ عن إشهار غير لائق