أحلام الصبى تداعبهم.. رجال ونساء يبحثون عن المتبقى من أمسهم المفقود.. الحب شقاؤهم.. فعادة تكون حياتهم فارغة من العاطفة ما بعد سن الأربعين، ربما بسبب فتور العلاقة ما بين الزوجين أو ربما لم تكن هناك حرارة مشاعر - من الأساس- بينهما!.. تعددت الأسباب التى تدفع البعض فى خريف العمر إلى الدخول فى مرحلة مراهقة جديدة، إمّا إحساسا.. أو حلما.. أو ممارسة. فلنواجه واقع المشكلة حتى لا تصرعنا الخيبة، ونكون عرضة لسخرية المجتمع.. مرضى بالعواطف حذار إن بردت القلوب فى أصابع النسيان.. فالأنثى بطبيعتها مرهفة المشاعر والأحاسيس. فى الغالب تتجه المرأة السويّة إلى عقد صداقات عديدة فى سن الأربعين كى لا تعانى من الوحدة وتظل دائما تشعر بقيمتها وأنها محور إهتمام من الجميع. إلّا أن هناك نساء لا تستطعن العيش بدون الحب والعاطفة الجياشة، وهم من يقعن فريسة للمراهقة فى منتصف العمر. يرجع دكتور عادل مرقص اخصائى الطب النفسى هذه الظاهرة إلى إنقطاع الطمس وحاجتها الملّحة إلى العلاقة الحميمة .. هنا تكمن المشكلة! فهى تريد أن تشعر بأنها لازالت مرغوبة ومطلوبة من الرجال، وهو ما يجعلها تبالغ فى تصرفاتها وسلوكها الشخصى لتبدو فى أبهى صورها، وإن كان الجمال هدف دائم عند المرأة، لكن المراهقة ما بعد الأربعين تجعلها تقدم على تصرفات لا تتناسب مع عمرها، تتجلى فى إرتدائها ملابس شبابية، وتصفيف شعرها بأشكال وألوان عجيبة، وترددها على أماكن لا تتماشى مع عمرها الحقيقى مثل صالات الديسكو وغيرها من الأماكن. يشدد دكتور مرقص على أن المراهقة فى الكبر يصاحبها إنحرافات أخلاقية -بشكل كبير- عن المراهقة فى الصغر.. ونتائجها أسوأ وأكثر ضرراً لأنها تمس كافة أفراد الأسرة. غير أن النواحى الدينية والأخلاقية الراسخة فى مجتمعاتنا الشرقية تحجب بشكل كبير تفشى ظاهرة المراهقة عند النساء. مؤكدا على أنها إذا كانت تراهق للفت انتباه زوجها إليها، فهو أمر لا يضر أحد، وليس من حق المجتمع أن يحاسبها عليه. ربما ترغب فى أن تعيش لحظات سعيدة معه لم تعشها طوال عمرها. وهنا أنصحها بأن ترضى نفسها أولا، ولا تهتم برأى أحد سوى زوجها. كما أنصح الرجل أن يدرك حاجة المرأة لسماع كلمات الحب دائما، فهى كائن «مريض بالعاطفة». لذلك ينبغى عليه أن يظللها برعايته حتى لا يدفعها إلى أن المراهقة. المراهق الكبير تكبر نافذة الحلم، ولم يكبر الولد اللاهى فى الطرقات!.. أصابه الشيب، ولازال يحلم بمطاردة الجميلات!. تركض عقارب الساعة على ميناء عمره، لكنه لا يبالى بعلامات الزمن، متحدّيا عادات وأعراف المجتمع.. إمّا بملابسه، وكلامه، وسلوكه العام.. أو قد يبحث عن الحلال بزوجة ثانية أصغر منه سناً تشعره بأنه مرغوب، ويشعر معها بأنه يبهرها بخبراته الحياتية. يرى دكتور الناصر المغربى استشارى الطب النفسى والأمراض العصبية أن مراهقة الرجل فى سن متقدم لها أسباب نفسية ومجتمعية: قد ترجع لإضطراب الشخصية نفسها، وهنا يعانى صاحبها من عدم النضج الكافى وافتقار البصيرة، فيبدو له أن تصرفاته مقبولة، لكنها بالطبع مرفوضة من المجتمع. قد يكون عاش فى طفولته رجولة مبكرة، ترتب على أثرها كبت لعواطفه فى مرحلة مراهقته، بسبب نشأته فى بيئة محافظة أكتر من اللازم، أو مدارس عسكرية صارمة، أو ربما كان يعول أسرته فى سن صغيرة.. أيّاً ما كانت الأسباب، فالنتيجة واحدة: وهى أن الشاب لم يمارس مراهقته كما كان يجب أن يمارسها. وبالتالى ربما تظهر عليه أعراضها فى سن متأخر. كما أن الفتور فى العلاقة الزوجية والمشاكل الأسرية هى أحد أهم أسباب مراهقة الرجل فى سن كبير. فالحرمان العاطفى (عامل دفع للمراهقة) وظهور طرف ثانى فى حياته، خاصة لو كانت فتاة أصغر منه فى العمر (عامل جذب للمراهقة).. جميعها أمور تجعله غير مكترث برأى المجتمع فيه، وتحثه على الإنسياق وراء رغباته المكبوتة. يضيف دكتور المغربى قائلا: فى ظل مشاكل العنوسة والفقر تبحث البنات عن رجل يحقق لها أحلامها. وعادة ما تكون فريستها هى الرجل المتيسر ماديا البالغ الأربعون عاما وأكثر، حيث يكون فى هذا العمر مدير عام أو رئيس مجلس إدارة. أمّا إذا كان موظف بسيط، يركب الأتوبيس معلقا على بابه، فهو لن يكون – بالطبع- مطمعاً لأى فتاة صغيرة.. لذا، نلحظ تفشى ظاهرة مراهقة الرجل فى المجتمعات الميسورة. وأخيرا يؤكد: لا شك أن فرصة الرجل تكون أكبر من المرأة فى خوض مرحلة مراهقة ثانية، لأن بإمكانه الزواج بأكثر من واحدة. والتصدى لهذه الظاهرة يفضل أن يكون بالنصيحة الكلامية من شخص جليل محترم قريب منه أو أكبر منه سنّاً.. لأن «المراهق الكبير» يصعب توجيهه فى هذا العمر.