أمير المؤمنين وثامن حكام الدولة الأموية فى الأندلس التى أسسها عبد الرحمن الداخل فى الأندلس بعد سقوط الخلافة الأموية فى دمشق، وأول خلفاء قرطبة بعد أن أعلن الخلافة فى قرطبة عام 316 ه، والمعروف عند الغرب تاريخيا بعبد الرحمن الثالث خلفا لجديه عبد الرحمن بن معاوية (عبد الرحمن الداخل) وعبد الرحمن بن الحكم (عبد الرحمن الأوسط). ولد عبد الرحمن فى قرطبة (277 ه 890 م)، لأبيه محمد ابن الأمير عبد الله سابع أمراء دولة بنى أمية فى الأندلس، وأمه مسيحية أوروبية تدعى مزنة أو ماريا كما تشير الروايات الأجنبية, وعنى جده الأمير عبد الله بتربيته وتعليمه بعد وفاة ابيه، فتعلم القرآن والسنة، كما درس الشعر والتاريخ والنحو، و فنون الحرب والفروسية، فكان محل ثقة جده ، وحين اشتد بجده المرض، أوصى بان يتولى الحكم من بعده. كانت الإمارة حين تولاها عبد الرحمن الثالث مضطربة للغاية، انطلقت فيها الثورات والتمردات فى كل مكان, وكانت سلطة الدولة قد انحصرت فى عهد سابقيه فى قرطبة ونطاق ضيق حوله ,فسارع عبد الرحمن بإرسال حملات حربية الى تلك المناطق بقيادته او بقيادة قادة جيوشه حتى اخضع المناطق المتمردة فاسترد شرق ووسط وغرب وجنوب الأندلس وانتزع اغلب الحصون من ايدى المتمردين, واستولى ايضا على طليطلة، فاستعاد هيبة الدولة وبسط سلطته على جميع أنحاء دولته، كما حافظ على حدود الدولة الشمالية عن طريق تحقيق انتصارات عسكرية على الممالك المسيحية المجاورة فى الشمال، وانتصر عليهم بعد عدة معارك ضارية ثم عقد صلحا معهم بناء على رغبتهم, مما أنهى أطماع تلك الممالك فى التوسع جنوبًا. واستطاع تأمين حدوده الجنوبية عن طريق السيطرة على الموانى المقابلة للأندلس فى المغرب وتقديم الدعم المادى والعسكرى لبعض أمراء المغرب لصد هجمات الفاطميين للتوسع غربًا. أما عن إعلانه الخلافة بالأندلس فبعد أن دبَّ الضعف فى الخلافة العباسية ببغداد, وتأسيس الخلافة الفاطمية، ودعوة الفاطميين لنشر المذهب الشيعى وهو ما مثل تهديدًا عسكريًا ودينيًا للأمويين بصفة خاصة والأندلس بصفة عامة. رأى عبد الرحمن أنه الأحق والأجدر بسمة الخلافة. وفى يوم الجمعة الثانى من ذى الحجة من عام 316 ه، أمر عبد الرحمن بأن يُخاطب بصفة رسمية بلقب أمير المؤمنين عبد الرحمن الناصر لدين الله، ومنذ ذاك الحين ضربت ألقاب الخلافة على النقود. كما اهتم عبد الرحمن الناصر بالعمارة والبناء, ويعد تأسيس مدينة الزهراء وتشييد قصر الخلافة وعمارة المسجد الجامع فى قرطبة، وتجديد واجهة المسجد ومنارته، أعظم أعمال عبد الرحمن الناصر فى مجال العمارة والبناء. وبفضل الاستقرار السياسى والمغانم العسكرية، انتعشت الأندلس فى عهد الناصر اقتصاديًا وعسكريًا وعلميا،. وأصبحت الأندلس مركز العالم الإسلامى وإحدى القوى العظمى فى العالم وغدت مدينة قرطبة فى عهد الناصر واحدة من أعظم مدن العالم، فأصبحت عاصمة الخلافة الأموية فى الأندلس وقبلة لدراسى الطب والعلوم الأخرى من الدول الأوروبية المختلفة وبداية ترجمة المراجع العلمية للحضارة الإسلامية فى شتى التخصصات والتى قامت عليها بعد ذلك النهضة الأوروبية، توفى عبد الرحمن بعد أن أمضى خمسين عامًا فى حكم الأندلس، استطاع خلالها بحزمه وصرامته ودهائه وحنكته وبعد نظره أن يعيد توحيد البلاد تحت سلطته، وأصبحت دولة الخلافة الإسلامية بالأندلس فى عصره دولة كبرى مهابة الجانب يخطب ملوك أوروبا ودها وصداقتها. لمزيد من مقالات د. محمد رضا عوض