جاء الاقتراع لعضوية مجلس الأمن غير الدائمة منذ ساعات ليضع تركيا فى مأزق وسط محيطها العربى والأوروبى والدولى نتيجة سياساتها وبعد ثلاثة أيام من التصويت بالبطاقات السرية، حازت إسبانيا ضعف أصوات تركيا (132 مقابل 60) لتنتزع المقعد الخامس غير الدائم، حيث كانت تركيا تعول على أصوات العديد من الدول المسلمة. حيث اعتبر البعض أن موقفها المتردد من المشاركة فى التحالف الدولى ضد تنظيم «داعش» أحد أهم الأسباب فى خسارتها المقعد، بالإضافة لسياستها التى تتخير المشاكل مع العديد من دول الجوار . « الأهرام « استطلع رأى العديد من الدبلوماسيين المصريين فى محاولة للتعرف على أبعاد الموقف التركى والنتيجة التى حصدتها تركيا واستبعادها وخسارتها للمقعد غير الدائم فى مجلس الأمن . الدكتور السيد أمين اسكندر المدير التنفيذى للمجلس المصرى للشئون الخارجية يؤكد أن الاقتراع الأخير فى مجلس الأمن يعكس التراجع التركى فى المنطقة خاصة بعد مواقفها المترددة والملتبسة فى الاشتراك فى التحالف الدولى ضد داعش. ويوضح حقيقة يتداولها المحللون والباحثون فى قضايا الشرق الأوسط، وبشكل خاص فى ضوء دور تركيا فى أحداث المنطقة والملاحظ والواضح، أن السياسية الخارجية التركية منذ تولى وزير الخارجية السابق أحمد داود أغلو منصبة كانت التأكيد الدائم من جانبه على أن تركيا فى حاجة إلى دعم علاقاتها مع الشرق الأوسط، حيث اعتبر أغلو أن الشرق الأوسط بالمفهوم الاستراتيجى يمثل العمق لتركيا، فى مقابل الرفض الأوروبى لعضويتها بالاتحاد. ويشير إلى أن سياسية أغلو كانت تعتمد على سياسة «صفر مشاكل» وكان يعنى إقامة علاقات لتركيا تتسم بالتعاون وتطبيع العلاقات وهو ما حدث مع سوريا قبل الثورة ومع مصر ودول أسيا الوسطي، ولكن جاء التحول مع نهاية عهد الإخوان فى مصر والموقف العدائى الذى اتخذته تركيا من النظام المصرى الجديد و30 يونيو، كاشفا أنه منذ من هذا التاريخ اهتزت السياسة الخارجية وتحول مفهوم «صفر مشاكل «إلى أن أصبحت تركيا على علاقة مضطربة مع منطقتها وخاصة مع سوريا نتيجة الثورة السورية ومصر مع انتهاء عهد الإخوان الذين كانت تركيا تعتمد عليهم فى سياستها بالمنطقة، بالإضافة لاضطراب علاقاتها مع دول الخليج بسبب علاقاتها مع إيران. أما السفير عبد الرؤوف الريدى فيعتبر أن نتيجة التصويت ضد تركيا بمثابة الصدمة للرئيس التركى رجب طيب أردوغان نظرا للفارق الكبير بين تركيا وإسبانيا، التى حصلت على ما يزيد عن ضعف عدد الأصوات، حيث عكست النتيجة الصورة التى تبدو عليها تركيا حاليا تحت قيادة أردوغان الذى أقدم على سياسات أدخلتها فى مشاكل بما يتناقض مع سياسة رئيس وزرائه الحالى ووزير الخارجية الأسبق أغلو التى كانت تقوم وتعتمد على عدم وجود مشاكل مع جيرانها، وهذا عكس ما هو حادث اليوم من مشاكل مع مصر وسوريا والأكراد.