مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 7 يوليو 2025 في القاهرة والمحافظات    50 صاروخا وقنبلة أسقطتها مقاتلات إسرائيلية على اليمن ضمن «الراية السوداء»    المكتب الحكومي في غزة ينفي ضلوع «حماس» في الهجوم على موقع إغاثة    ملف يلا كورة.. تصريحات وكيل هدف الأهلي.. والزمالك يسدد مستحقات الرمادي    أول تعليق ل منى الشاذلي حول أزمة الفنانة الدنماركية مع مها الصغير بسبب لوحة فنية    الداخلية تواصل تطوير خدماتها: منافذ جديدة وتقنيات ذكية لتيسير الإجراءات على المواطنين | فيديو    وزيرا خارجية تركيا وإيران يناقشان المحادثات النووية في قمة بريكس    «نقل الكهرباء» توقّع عقد إنشاء محطة محولات بلبيس الجديدة    اليوم .. «حماة الوطن» يعقد الاجتماع التنسيقي الثاني للأحزاب ضمن القائمة الوطنية    دنيا ماهر: لا يشغلني التريند.. ومستعدة للزواج مرة آخرى    حالة الطقس اليوم الإثنين 7 - 7 - 2025 بمحافظة البحيرة    جهاز تصفيف الشعر السبب في حريق صالون حريمي بالشروق    تفاصيل موافقة النواب على تعديلات قانون الرياضة    انتهاء الجلسة الأولى من محادثات وقف إطلاق النار في قطر دون نتيجة حاسمة    على طريقة غادة والي.. فنانة دانماركية تتهم مها الصغير بسرقة لوحاتها    تراجع مفاجئ لنقابة المحامين عن الإضراب الشامل.. ضغوط سياسية أم مناورة تكتيكية؟    خالد الغندور: الزمالك يقترب من الحصول على خدمات محمد ربيعة    قبل جوتا.. 4 أندية تقرر حجب رقم قميص لاعبها    مع اقتراب نصف النهائي.. ترتيب القوى في مونديال الأندية 2025    سلة الاتحاد السكندرى تتعاقد مع أحمد عزب لمدة 3 مواسم    أحمد حمودة: حسام عبد المجيد لم يقدم شيئا للزمالك وتجديد عبد الله الصفقة الأفضل    مصدر فلسطيني: انطلاق المفاوضات في قطر بشأن الهدنة في غزة    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غزة: نرفض الإدعاءات الأمريكية باستهداف مؤسسة الإغاثة الإنسانية.. إيران: عدوان إسرائيل يحمل عواقب وخيمة على السلام عالميا.. ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على إنهاء الحرب    جيش الاحتلال الإسرائيلي يقصف مواقع تابعة لحزب الله في لبنان    سرقوا توكتوك وصاحبه تحت الإكراه .. محاكمة لصوص مدينة نصر أمام الجنايات    وفاة فتاة عشرينية متأثرة بإصاباتها في حادث طريق "بلبيس - مسطرد"    3 قرارات عاجلة من النيابة بشأن واقعة فيديو الجيزة المثير للجدل    المرور في ثوب جديد.. تطوير شامل وتحول رقمي لخدمة المواطن    وزير خارجية فرنسا ل نظيره الإيراني: نطالب بالإفراج الفوري عن مواطنينا المحتجزين    تصعيد دموي في غزّة والضفة: عشرات الشهداء وعين على مفاوضات الدوحة    مي عمر جريئة و سارة سلامة داخل سيارتها.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    25 صورة من عزاء المطرب الشعبي أحمد عامر    يوتوبيا: قصة المدينة الفاضلة التي وُلدت كبديل للطغيان والفساد    عن "دار العلوم" العزيزة أتحدث    تعرف على مواصفات اختبارات القدرات 2025 بكلية الفنون الجميلة    سعر الذهب اليوم الإثنين 7 يوليو محليا وعالميا في الصاغة.. عيار 21 الآن بعد الزيادة الأخيرة    "التموين" تُعاقب 13 موظفًا بعد تجاوزاتهم في صرف السلع التموينية    محافظ القاهرة: مستمرون في حصر العقارات الآيلة للسقوط وإزالة عقار مائل بحي طرة    يتحدث 5 لغات واهتم بمتابعة الأهلي.. 20 معلومة عن يانيك فيريرا مدرب الزمالك الجديد    "سينما 30" و"مرسل إلى" يحصدان أفضل عرض بالمهرجان الختامي للفرق المسرحية    إدوارد يكشف عن إصابته بالسرطان    اختراق وآلام شديدة.. أطباء يستخرجون «ثعبانا» من بطن مريض (صورة)    أسعار البلح السيوي وتمور سيوة اليوم في أسواق مطروح    «لها حدود وضوابط».. أمين الفتوى: لا يجوز الوصية بكل المال إذا كان للموصي ورثة    أمين الفتوى: يجوز التبرع بنفقات العمرة لشخص.. وهذا من أبواب البر والإعانة على الخير    أمين الفتوى يوضح حكم إخفاء معلومات عن شريك العمل: خيانة للأمانة ومخالفة شرعية (فيديو)    سفير أنقرة: ندعم الاستثمارات التركية و500 فرصة عمل جديدة فى مجال المنسوجات    تجهيز مركز طب أسرة الزهراء بطور سيناء استعدادًا لبدء التشغيل (صور)    تأثير التونة على الكوليسترول- تزيده أم تخفضه؟ "فيديوجرافيك"    المغرب    الموعد الرسمي لصرف مرتبات يوليو 2025 بالزيادات وجدول الحد الأدنى للأجور    أمين الفتوى: 6 حالات توجب الغُسل على المرأة.. 3 منها مشتركة مع الرجل و3 تختص بها النساء    دعاء السفر.. اللهم احفظنى فى سفرى وارزقنى السلامة    تأجيل إضراب أزمة الرسوم القضائية المميكنة للتشاور    ما موقف طالب الثانوية العامة المتخلف عن موعد أداء اختبارات القدرات 2025؟    19 مرشحًا لانتخابات مجلس الشيوخ يخضعون للكشف الطبي في أسيوط    "معلومات الوزراء" يكشف تفاصيل أول جهاز تنفس صناعي مصري    الصحة تنظم برنامجا تدريبيا في أساسيات الجراحة لتعزيز كفاءة الأطباء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذا الكاتب يستحق أن نقرأه

لم أكن حتى اللحظة التى أعلن فيها اسم الكاتب الفائز بجائرة نوبل للآداب هذا العام أعرف أى شيء عنه.
لكنى وجدت نفسى خلال الأيام التى مضت هدفا للصحفيين الشباب الذين اعتبرونى مرجعا فى الأدب الفرنسي، فانهالوا على بتليفوناتهم وأسئلتهم، يريدون أن يعرفوا من يكون باتريك موديانو؟ وماذا قدم من أعمال أدبية؟ وما هو رأيى فى هذه الأعمال؟
وقد شكرت هؤلاء الشباب على حسن الظن وصارحتهم بأنى لاأعرف هذا الكاتب، ولم أقرأ له شيئا، ولم أسمع باسمه من قبل. وهى إجابة صادمة لا أدرى كيف تحملها الذين توجهوا إلى بالسؤال. وربما ظن بعضهم أنى أتهرب أو أدعى عدم المعرفة لأنصرف لشئوني.
والحقيقة أنى لم أكن بالفعل أعرف أى شيء عن باتريك موديانو حتى أعلن المتحدث باسم الأكاديمية السويدية فوزه بالجائزة. وهو تقصير من جانبى أعترف به. فقد كنت مقيما فى باريس خلال السنوات التى ظهرت فيها أعماله الأولى التى لم تترك جائزة من الجوائز المرصودة للرواية إلا حصدتها.
روايته الأولى «ميدان الإتوال»، أو ميدان النجمة اذا كان لابد من ترجمة الأسماء هذه الرواية التى أصدرها صاحبها عام 1968 وهو فى الثالثة والعشرين من عمره حصلت على جائزة روجيه نيمييه. وروايته الثانية «دورية الليل» التى صدرت فى العام التالى حصلت على جائزة فينيون.
أما «شارع الحوانيت المعتمة» التى صدرت عام 1978 وهو فى الثالثة والثلاثين من عمره فقد استحقت جائزة «الجونكور» التى تعد من أرفع جوائز فرنسا وجوائز العالم. أقول اننى كنت مقيما فى باريس خلال تلك السنوات التى حقق فيها باتريك موديانو هذه الانتصارات المتوالية. لكنى كنت لا أزال أتحسس طريقى الى الأدب الفرنسى بتهيب شديد، وكنت مشدودا للشعراء أكثر من الروائيين، وللمشاهير الواصلين أكثر من الشبان الطالعين. هكذا تعرفت على جيفيك، وميشيل دوجي، وبيير اوستير، وبرنار نويل، وجان كلارانس لامبير. فضلا عن بعض العرب والأجانب الذين ينظمون قصائدهم بالفرنسية ومنهم السنغالى ليوبولد سنجور، واللبنانى صلاح ستيتية، والجزائرى جمال الدين بن الشيخ، والمغربى طاهر بن جللون، ولم أتعرف على روائى واحد. وهأنا أستعين بما لدى من موسوعات فى الأدب الفرنسى لأكتب هذه السطور التى أكنبها الآن عن باتريك موديانو الذى قرأت أخيرا فيما نشرته عنه الصحف المصرية أن له أربع روايات مترجمة إلى اللغة العربية من بينها الراوية التى حصل بها على جائزة الجونكور. واذن فقد قصرت فى حق هذا الكاتب مرتين، مرة حين لم أقرأ له ولم أقرأ عنه وأنا فى فرنسا. ومرة أخرى حين لم أقرأ ما ترجم من أعماله إلى اللغة العربية وأنا فى مصر. وهو تقصير يشاركنى فيه أساتذة اللغة الفرنسية فى الجامعات المصرية والنقاد ومحررو الصفحات الأدبية الذين لم يعطوا هذه الأعمال المترجمة حقها ولم يعطوا صاحبها حقه، خاصة وقد تبين لى مما نشرته الصحف الفرنسية عن باتريك موديانو فى الأيام الأخيرة أن مصر تحتل جانبا من سيرة حياته. فأبوه يهودى ايطالى ولد فى اليونان وعاش فى الإسكندرية ثم رحل إلى باريس ليشتغل بتجارة التحف. أما والدته فكانت ممثلة بلجيكية رحلت من وطنها لتعيش وتشتغل بالفن فى باريس. ومن هذه الأصول والمنابع الثقافية المختلفة والدماء المختلطة خرج باتريك موديانو، وتشكل عالمه، وظهرت أعماله.
ولقد ولد باتريك موديانو فى العام الذى انتهت فيه الحرب العالمية الثانية عام 1945، وفقد والده وهو فى الرابعة من عمره فأصبح عالمه الذى يعيش فيه بخياله ماضيا حوله إلى حاضر مستمر فى رواياته التى تدور أحداثها فى باريس خلال السنوات التى سقطت فيها العاصمة الفرنسية فى أيدى الألمان النازيين.
ومن هنا اعتبرت الأكاديمية السويدية أعمال باتريك موديانو امتدادا لأعمال الروائى الفرنسى الشهير مارسيل بروست التى تنبع كلها من عالم الذكريات. فهو لا يكتب عن الواقع الذى يعيشه ونعيشه معه، وإنما يكتب عن واقع اندثر وعن زمن لم يعد له وجود الا فى الذاكرة. هذا الزمن الضائع هو موضوع بروست، وهو أيضا موضوع موديانو. واستعادة هذا الزمن أو استحضاره هى الطقس الشعائرى أو الرقصة الصوفية التى يؤديها كل منهما فى عمله الروائي. ومن الاتفاقات التى لا يمكن تفسيرها أن يصدر بروست عمله الأول «المتع والأيام» وهو فى الثالثة والعشرين من عمره، وأن يصدر موديانو عمله الأول «ميدان الإتوال» وهو فى هذه السن ذاتها. ومنها أن يحصل موديانو على جائزة الجونكور التى حصل عليها بروست قبله بستين سنة. وأن يولد باتريك موديانو لأب يهودى وأم كاثوليكية، وأن يولد مارسيل بروست لأب كاثوليكى وأم يهودية.
غير أن وجوه الشبه بين الكاتبين لا تمنع من وجود الاختلافات، بل إن الاختلافات الموجودة بين الكاتبين تنبع من وجوه الشبه التى تجمع بينهما. لأن الزمن الذى يشغلهما معا ليس زمنا واحدا. فقد ولد موديانو فى أربعينيات القرن الماضى كما ذكرنا من قبل. أما بروست فقد عاش فى العقود الثلاثة الأخيرة من القرن التاسع عشر والعقدين الأول والثانى من القرن العشرين. والفرق بينهما هو الفرق بين العالم كما كان فى الحرب العالمية الأولى والعالم كما أصبح فى الحرب العالمية الثانية.
فى الحرب الأولى خرجت فرنسا منتصرة على ألمانيا. وفى الحرب الثانية سقطت فى أيدى الألمان المحتلين. والأسئلة التى كان على الكاتب أن يواجهها فى الحرب الأولى تختلف عن الأسئلة التى أصبح عليه أن يواجهها فى الحرب الثانية. صحيح أن كاتب الرواية ليس باحثا وليس مؤرخا وليس مطالبا بأن يطيل الوقوف عند تفاصيل الواقع ومظاهره، بل هو يجتهد فى تجاوزها ليصل إلى الجوهر الإنسانى الذى لا يتغير. لكننا لا نرى هذا الجوهر إلا بعيون الكاتب التى يفرض عليها الواقع صورته. وإذا كان باتريك موديانو قد ولد لأب يهودى فى السنة التى انتهت فيها الحرب العالمية الثانية بهزيمة ألمانيا فمن الطبيعى أن يكون ما لقيه اليهود الفرنسيون فى ظل الاحتلال وفى معسكرات الاعتقال النازية هاجسا لا يفارقه ومصدرا من مصادر إلهامه. ومن الطبيعى أن تكون روايات موديانو التى كتبها عن الحرب الثانية وعن باريس تحت الاحتلال النازى مختلفة عن روايات الكاتب الأمريكى همنجواى التى كتبها عن الحرب الأولي. لكل هذا يستحق باتريك موديانو أن نقرأه.
لمزيد من مقالات أحمد عبد المعطي حجازي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.