الجدية في استغلال الطاقة الشمسية تتطلب ابتكار وسائل أقل كلفة للتكنولوجيا الخاصة بها وإذا كانت الولاياتالمتحدة والدول الأوروبية قد سبقت فإن الصين غزت بمنتجاتها من اللوحات الشمسية الأسواق الغربية وهددت عروشها. ولا يجب أن تعاني مصر من أزمة في الطاقة بينما تسطع عليها الشمس طوال العام ويتعين عدم الخضوع لمقولات مستهلكة عن ارتفاع تكلفة الاستفادة من طاقة الشمس. وللتعرف علي التجربة الصينية في مجال طاقة الشمس والرياح كانت جولة « الأهرام» والتي بدأت في منطقة « ووتشي» باقليم جيانجتشو حيث الواجهة الضخمة لمقر إحدي شركات تكنولوجيا الطاقة الشمسية تعطي الانطباع بأنها شكل معماري مميز لواجهات المباني الضخمة ولكن بالدخول الي مقر الشركة والاستماع إلي شرح المسئولين يتبين أن تلك الواجهة ما هي إلا خلية شمسية ضخمة توفر 700 كيلووات من الكهرباء. وتأسست هذه الشركة في 2001 ويعمل بها 450 عالما و700 خبير وفني وأصبحت الأولي في الصين التي يتم تداول أسهمها في بورصة نيويورك في عام 2004. وأنتجت 8 جيجا وات من كهرباء اللوحات الشمسية وأصبحت قلعة ضخمة لتصنيع منتجات الطاقة الشمسية التي تجد ظريقها الي 80 دولة في العالم. تتوقع الشركة أن تصل تكلفة انتاج الطاقة من الشمس عام 2016 إلي نفس معدلات إنتاجها من الفحم الذي يعد مصدر 69% من الطاقة في الصين حيث تنخفض تكلفة الطاقة الشمسية مع تطور التكنولوجيا. وتشكل الطاقة الشمسية حاليا 17% فقط من اجمالي سوق الطاقة في العالم الذي تبلغ قيمته 5 تريليونات دولار ويتوقع ايريك ليو مدير الشركة أن تصل كمية الطاقة المولدة من الشمس في الصين إلي 25 جيجا وات بنهاية العقد الحالي. ثانية شمس تعادل إحراق 5 ملايين طن فحم وتتميز الطاقة الشمسية بأنها آمنة ونظيفة ومتجددة فأشعة الشمس التي تسقط علي الأرض لمدة ثانية واحدة يعادل الطاقة الناتجة عن إحراق 5 ملايين طن من الفحم وأن ساعة تكفي العالم لمدة سنة. ويوفر مسطح 35 مترا مربعا احتياجات الطاقة لمنزل يقطنه 4 أشخاص، ومن بين التقنيات التي تعرضها الشركة تحويل الرمال إلي ناقل فعال لضوء الشمس ثم إلي طاقة مرورا بتحويله إلي سيليكون. وذكرت مؤسسة «بلومبرج نيو اينرجي فاينانس» أن الصين هي المساهم الرئيسي في زيادة بلغت نسبتها 24% من الاستثمارات العالمية الجديدة في الطاقة النظيفة خلال الربع الثاني من العام الحالي ،حيث ارتفع تمويل مشروعات الرياح والطاقة الشمسية في الصين بمقدار 18.3 مليار دولار أمريكي. وصدرت الصين ألواحا شمسية ومكوناتها الرئيسية بقيمة تقارب 21 مليار يورو إلي الاتحاد الأوروبي العام الماضي. وتبلغ قيمة الواردات الامريكية من الصين من الخلايا الشمسية أكثر من 4 مليارات دولارسنويا. ومن المتوقع ان تضاعف الصين انتاجها من الطاقة الشمسية ثلاث مرات ليصل الي أكثر من 21 ميجاوات بحلول عام 2015. وتشير تقارير صينية إلي أن الصين استثمرت 65.1 مليار دولار أمريكي في الطاقة النظيفة في عام 2012، بزيادة 20% علي عام 2011» وهذا الاستثمار لا يقارن بأي دولة أخري ويمثل 30% من إجمالي استثمار دول مجموعة العشرين مجتمعة في عام. تكنولوجيا الصين وشمس العرب برغم ثراء دول الشرق الأوسط بالنفط والغاز، فإنها تشهد ازديادا في حجم استهلاك الطاقة، بمتوسط 40% من إنتاج النفط والغاز، ويرفع الطلب علي الطاقة بنسبة 8.3% سنويا في غضون الأعوام الخمسة المقبلة وفقا لتقرير صادر عن شركة آبيكورب، وتعادل النسبة 3 أضعاف معدل النمو العالمي. ولذلك تعمل الدول العربية علي تنشيط برامج الطاقة المتجددة باستغلال مواردها الوفيرة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة حرارة باطن الأرض، في حين تمتلك الصين سلسلة كاملة للصناعة الكهروضوئية بالطاقة الشمسية. وعبر عدد من المسئولين العرب في منتدي الصين والدول العربية للتعاون في الطاقة الذي يعقد بشكل دوري، عن أملهم في التعاون مع الصين في مجالات الطاقة الجديدة، بواسطة إنشاء الشركات بتمويل مشترك لدفع نقل تكنولوجيا الطاقة الجديدة وحماية البيئة وتعزيز بناء المحطات الكهروضوئية في دول الشرق الأوسط. في السنوات الأخيرة، بدأت الشركات الصينية تدخل مجال الطاقة الجديدة في المنطقة، حيث قامت الشركات الصينية بالتعاون مع الإمارات والسعودية في مجال توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية، وأعلنت أنها تعمل علي تطوير السوق في المنطقة في العام الجاري، لتلبية الطلب التجاري وطلب المستهلكين الأفراد علي الكهرباء بالطاقة النظيفة، كاشفة عن عزمها المشاركة في مشروع للطاقة الشمسية قدرة 100 ميجاوات في الإمارات. وذكرت إحدي هذه الشركات أنها تخطط لبيع منتجات كهروضوئية قدرة 4.5 جيجاوات في هذا العام، ومن المتوقع أن تصبح منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا أهم سوق لمبيعاتها. وذكر خبراء صينيون في مجال الطاقة المتجددة أن التعاون في بين الصين والدول العربية يغطي خمسة مجالات، بما في ذلك بناء المحطات التي تساعد علي معالجة التصحر وأنظمة توفير الطاقة في المنشآت المعمارية والمنشآت الزراعية الحديثة ومنشآت تحلية مياه البحر. إن نجاح الصين في تخفيض تكلفة تكنولوجيا الطاقة الشمسية دفع المفوضية الأوروبية مؤخرا الي فرض تعريفة جمركية عقابية باهظة نسبتها 47% علي الألواح الشمسية المستوردة من الصين سعيا لإنقاذ صناعة الخلايا الكهروضوئية التي تواجه صعوبات في أوروبا وهو إجراء يمس منتجات صينية تقدر قيمتها بنحو 21 مليار يورو (27.6 مليار دولار أمريكي). الدولة الأولي في توليد الكهرباء من الرياح ومن جهة أخري، وعلي بعد نحو 1300 كيلو متر شمال غرب بكين وفي منطقة ووتشونج باقليم «نينغشيا» نصل إلي مزارع طاقة الرياح حيث تدور مراوح لا تسمع لها صوتا ولكنها تنتج طاقة تدخل ضمن منظومة الكهرباء التي تتولي الدولة بيعها. وفي جولة ميدانية، يشرح الفنيون القائمون علي محطة طاقة الرياح في منطقة جبل الرمل أن نسبة الطاقة المولدة من الرياح 10% ويستهدف الوصول بها الي 20 % في غضون سنوات. وبدأت المرحلة الأولي للإنتاج في عام 2007 وتم إنجاز 5 مراحل حتي العام الحالي وتنتج 243 ألف ك وات / ساعة حسب أحوال الرياح. وهناك 231 ماكينة طول الواحدة 13 مترا ويبلغ ثمن كل ماكينة 7 ملايين يوان ( الدولار يساوي نحو 6 يوان). وتغطي محطات ومزارع توليد الطاقة من الرياح والطاقة الشمسية في جبل الشمس مساحة 100 كيلومتر مربع وعلي ارتفاع نحو ألف متر فوق مستوي سطح البحر وقد تم إنشاؤها بتكلفة قرابة 500 مليون دولار، وتبلغ قدرة توليد نحو 350 ميجاوات في المزرعة الواحدة. ويواصل فنيو المحطة ومسئولو المنطقة شرح طبيعة وتاريخ وعدد ومراحل إنشاء المحطات والمزارع الموجودة في المنطقة والبالغ عددها 10 مزارع للرياح. ويؤكد المسئولون أن مميزات الصناعة الصينية لوسائل ومعدات انتاج الطاقة من الرياح والطاقة الشمسية عن بقية انحاء العالم أنها تستطيع تشغيل وانتاج الطاقة لأربع ساعات مقارنة ب 3ساعات ونصف في جميع الصناعات العالمية، وستصبح هذه المنطقة مجمع الطاقة الخضراء في المستقبل، كما ستفتح آفاقا واسعة للتعاون مع البلدان العربية مستقبلاً في مجال الطاقة النظيفة المتجدددة. وسوف تصل قدرة مولدات الطاقة التي تعمل علي طاقة الرياح في الصين إلي 90 مليون كيلو وات بنهاية العام الحالى، ارتفاعاً من 77.16 مليون كيلو وات المسجلة في العام 2013. وسوف تلبي القدرة الجديدة نحو 175 مليون كيلو وات في الساعة من حجم الكهرباء السنوية، وأضافت الصين 14.49 مليون كيلو وات من قدرة مولدات الطاقة العاملة علي طاقة الرياح في العام الماضي. وتعتبر طاقة الرياح حالياً ثالث أكبر مصدر للكهرباء في الصين بعد الطاقة الحرارية والطاقة الكهرومائية، مما يشكل نسبة 6% من إجمالي الطاقة. ويعد توليد الكهرباء من الرياح أكبر الطاقات المتجددة النظيفة من حيث مستوي النضوج ومدي التطور وشهدت خطوات تنمية الطاقة الريحية تقدما ملحوظا في السنوات القلائل الفائتة إذ بلغ حجم هذه الطاقة ضمن الشبكة الكهربائية الموحدة 52.58 مليون كيلووات حتي الآن لتحتل الصين محل الولاياتالمتحدة وأصبحت أكبر دولة في قطاع توليد الكهرباء من الرياح. وتشير الاحصاءات الرسمية إلي أن حجم طاقة الرياح في نطاق الشبكة الكهربائية الوطنية الصينية وصل إلي 50.26 مليون كيلووات بزيادة 87% من معدل النمو السنوي في الستة أعوام الماضية لتصبح اكبر شبكات طاقة الرياح في العالم. سوق رائدة ومن جانبها تتوقع جمعية الصين لمؤسسات توليد الطاقة الكهربائية أن تبلغ قوة القدرة المركبة 1.34 مليار كيلو وات بنهاية العام الحالي. وتركز الصين علي الطاقة الجديدة غير الناضبة لتلبية احتاجات النمو وتحسين الظروف البيئية ومكافحة التلوث. وضاعفت الصين في الفترة من عام 2005 وحتي الآن من قدرتها في توليد طاقة الرياح بواقع 50 مرة تقريبا. وتشير تقارير صينية الي ان الصين استثمرت 65.1 مليار دولار امريكي في الطاقة النظيفة في العام ، بما يمثل 30 % من إجمالي استثمار دول مجموعة العشرين مجتمعة في عام. وظلت الصين سوقا رائدة في الطاقة النظيفة اقليميا ودوليا حيث تجتذب استثمارات بقيمة 54.2 مليار دولار رغم انخفاض الاستثمارات العالمية خلال نفس العام.