ربما تنتابنا جميعا مشاعر الضيق والحنق ولعلنا نعزيها إلى ذلك المشهد المحيط بنا فى كل مكان من تناحر وتباغض ، وصل لدى بعض الاطراف الذين أخذتهم العزة بالأثم وقرروا التمادى فى العداوة والبغضاء لاستباحة القتل، نعم القتل. قتلٌ لأجل حفنة نقود أو حتى بضعة أسهم فى أرض متنازع عليها أو ربما رأى معارض حتي، فلم يعد اصطلاح القتل مخيفا لأحد، جميعهم قطع أرحامه ومضى وحيدا يريد ان ينتصر لنفسه وملكه الخالد أبدا، لا أحد يفكر فى الانصياع لأمر العلى بوصل رحمه، لكننا جميعا وبعد ما آل إليه امر العالم من بغضاء وتناحر أدت بالنهاية الى قتل وتخريب يلاحقنا حيثما ارتحلت أعيننا وكأنها لعنة القطع والبغضاء، قررنا وعلى غير عادة صحافتنا ان نفتح هذا الملف الانسانى وندعو فيه إلى وصل رحم الإنسانية بيننا اذا كنا مخلصين حقنا لانسانيتنا ووطننا ، نعم نحن ندرك حتما ان القصة قديمة قدم الكون ونتذكر قابيل أول من قطع الرحم فى تاريخ الإنسانية وأول من أفسد فى الأرض وقتل أخاه، ولتدركوا أيضا أنه ربما نكون نحن أنفسنا قد وقعنا فى تلك الشباك وأغرتنا العداوة بكبر زائف عن صلاح حياة لن يتأتى إلا بوصل الرحم وليس رحم كل منا فحسب وإنما رحم الإنسانية جمعاء فكلنا لآدم لكننا لن نيأس وسنظل نتوب إلى أرحامنا ليس فقط فى مواسم عرفت بها كالأعياد والمناسبات السعيدة ولكن للدهر كله، فتعالوا معنا الى حكى من رحم محافظات مصر ، أبكتهم القطيعة وذرفت أعينهم دموع الوصل بعد طول فراق لعلها توجع الفرقاء وتجد لهم حافزا للوصل.
عيون غنيم ودموع هدى أنهت خصومات 9 سنوات المنصورة محمد عطية: فى احدى قرى محافظة الدقهلية حيث كانت اسرة غنيم حسن تعيش فى سعادة بالغة بعد ان تزوج من «امانى» التى أحبها كثيرا، وما هى الا شهور قليلة حتى جاء صهره «احمد» يطلب يد شقيقتة «هدي» وبالفعل تم الزواج الجديد وسط فرحة عارمة من افراد الاسرتين بعد ان توطدت أواصر المصاهرة والنسب بزواج كل من شقيقة الآخر .. وعاشت الاسرتان فى سعادة بعد ان رزقهما الله بخمسة من الاطفال كانوا مصدر سعادة الاسرتين. لكن الفرحة والسعادة لم تدم طويلا بعد ان وقعت عدة مشاجرات بين الزوجين قام خلالها غنيم بالاعتداء على احمد بالضرب وهنا انقلبت السعادة الى تعاسة وتقطعت صلات الرحم بين الطرفين ومع استمرار القطيعة قرر احمد فى لحظة غضب ان يطلق شقيقة غنيم وتدخل الشيطان بين الجميع ليفضى الى قرار كل من الرجلين ان يطلق زوجتة وبالفعل ذهبت الزوجتان باطفالهما للعيش فى كنف اسرتهما ولكن احمد الذى تزوج من هدى عن حب حاول بعد نحو عامين من هذه الخلافات الاسرية ان يضع حدا لهذه القطيعة وان يصالح زوجتة «هدى» الا ان شقيقها غنيم تصدى لهذة المحاولات ورفض باصرار غريب ان تعود شقيقته الى منزل زوجها لكن شقيقته هى الاخرى اصرت على الصلح فما كان منها الا ان عادت طواعية الى بيت زوجها للم شمل الاسرة خاصة وان لديها طفلين فى عمر الزهور حرما طويلا من حنان الاب وذلك على غير رغبة من شقيقها وبالمقابل اصر غنيم على الرفض وقال لشقيقته « اذا ذهبتى الى بيت زوجك لا انتى اختى ولا اعرفك « ودامت قطيعة الرحم بينهما حتى بعد عودة هدى الى منزل زوجها والتى استمرت لمدة 9 سنوات كان غنيم قد سافر خلالها للعمل باحدى الدول العربية. لكن الله شاء ان يعود غنيم من الغربة الى مصر وان يلتقى مع شقيقته هدى فى حفل زفاف احدى فتيات العائلة فى ثالث ايام عيد الاضحى المبارك والتقت العيون وتحركت مشاعر الاخوة وقام غنيم باحتضان شقيقتة هدى فى مشهد انسانى مؤثر وانهمرت عيونهم بالدموع حتى ابكيا جميع من بحفل الزفاف.. وعادت المياة تجرى فى نهر المودة والرحمة بعد قطيعة رحم استمرت نحو 9 سنوات . فى أسيوط.. «قعدوا يعيدوا الصفا بكوا الاتنين» أسيوط حمادة السعيد: « حبيب ولاقى حبيبه كان فى يوم اثنين.. قعدوا يعيدوا الصفا اتحمقوا بكوا الاثنين.. الله يجازى اللى كان السبب فى فراق الاثنين» .. هى كلمات تلهج بها الألسنة فى أسيوط فى إشارة لحال الأصدقاء والأقارب الذين يقع بينهم خصام ثم تأتى الأعياد ليجتمعوا معا فى عتاب رقيق ينتهى بتساقط الدموع التى يعقبها الصفح وعودة الود والصفاء. أم محمود تؤكد أن جاراتها ممن لا هم لهن سوى الوقيعة بين الأهل والأقارب خصوصا فى نميمة الجنائز استطعن أن يوغرن صدرى أنا وأختى الوحيدة وكلما يلين ويرق قلبى للاتصال بأختى كنت أتذكر كلامهن فيزداد القلب قسوة ووسط حالة الحزن الشديد التى انتابتنى لفراقها ومرور شهور طويلة من مقاطعتها لم أجد «حجة» تحفظ ماء وجهى من العيد إلا أن أذهب وأسلم عليها وظللنا نبكى كثيرا أنا وهى ونحن نردد «إحنا مالناش غير بعض ليه الدنيا تفرقنا كده الله يجازى اللى كان السبب». وأكد الشيخ أشرف شاكر «إمام مسجد» أن الأعياد أفضل وسيلة نستخدمها لرأب الصدع ومحاولة الصلح بين المتخاصمين خصوصا من ذوى الأرحام فأذكر أن أبا وابنه كانا ممن يصلون معى وعرفت أنهما متخاصمان منذ سنوات وقمت بعمل درس صدرته بعنوان «قبول العبادات مرتبط بحسن الصلة والمعاملة بين الناس» خصوصا ذوى الارحام وقلت لهم مفيش حاجة تستاهل إن عملنا يرفض ولا يقبل واستشهدت فى ذلك بحديث أبى هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثة لا تقبل لهم صلاة ولا يجاوز صلاتهم رءوسهم شبرا، رجل بات ووالداه ساخطان عليه أو أحدهما فى حق، وامرأة بلغت المحيض فصلت بغير قناع، ورجل أم قوما وهم له كارهون» وقمت بسماع كل واحد على حدة ووجدت أنهما كانا فقط بحاجة لمن يفتح باب الصلح وأنهما كانا متأذيين من الخصام وبفضل الله عاد الوئام بينهما والصلح بعد قطيعة طويلة.