لا يمكن لأحد أن يدرك حجم وقيمة ومغزى ما حدث فى سيمفونية البداية التى تحدثت عنها أمس دون أن يستوعب هذا الكم الهائل من العقبات والمصاعب مع التهديدات والتحذيرات التى تلقتها مصر لتجنب مغامرة أو مقامرة العبور حسب توصيف الخبراء العالميين بما فى ذلك الخبراء الأصدقاء فى الاتحاد السوفيتى آنذاك... كانت هناك مشكلات العبور على امتداد مواجهة شاسعة ما بين بور سعيد والقنطرة شمالا وحتى السويس وبور توفيق جنوبا فنحن أمام مانع مائى صناعى فريد عرضه يتراوح ما بين 180 إلى 200 متر له أجناب حادة الميل يكسوها دبش وحجارة مما يجعل من الصعب على أى دبابة برمائية أن تعبره فضلا عن وجود سد ترابى على امتداد الضفة الشرقية لقناة السويس بلغ ارتفاعه فى بعض المناطق نحو 20 مترا.. وعلى امتداد هذا الساتر الترابى شيدت إسرائيل خط بارليف الذى يضم 35 نقطة قوية تتراوح المسافة بين كل منها ما بين كيلو متر إلى خمسة كيلو مترات حسب أهمية المواجهة.. وهذه النقط القوية تم دفنها فى الأرض وتقوية سقوفها لتتحمل قصف المدفعية الثقيلة وقنابل الطائرات التى تصل زنتها إلى ألفى رطل . كما أحيطت هذه النقاط بحقول من الألغام والأسلاك الشائكة وزودت بمزاغل تستطيع أن تغطى سطح القناة بنيران كثيفة.. وفوق هذا وذاك كان لدى الإسرائيليون سلاح النيران المشتعلة التى جهزوها لإحراق كل من يحاول عبور القناة من خلال مستودعات ضخمة أوصلوا أنابيبها إلى سطح مياه القناة. هكذا كان المشهد مرعبا ومزعجا ومخيفا... وهكذا ينبغى أن ندرك أن حرب أكتوبر كشفت لنا عن كثير من أسباب القوة وإثبات قدرة الإنسان المصرى والعربى على صنع المستحيل بدءا من شجاعة اتخاذ القرار ومرورا ببراعة ودقة وجدية التجهيز والحشد والإعداد ووصولا إلى روعة الأداء وعظمة التضحية.. ثم إنها جاءت إثباتا لمصداقية الوجود العربى كأمة واحدة تستطيع أن تصنع المعجزات إذا اتحدت إرادتها.. لأنه مع حلول صباح يوم السابع من أكتوبر 1973 لم يكن قد تأكد نجاح حلم العبور العسكرى فقط وإنما عبرت أمة بكاملها من خنادق اليأس إلى شواطئ الأمل والرجاء.. وغدا نواصل الحديث http://[email protected]