وافق مجلس الوزراء على مشروع قرار رئيس الجمهورية بمشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 49 لسنة 1927، بشأن تنظيم الجامعات وينص التعديل على إضافة مادة جديدة للقانون تعطى لرئيس الجامعة حق عزل عضو هيئة التدريس فى حالة ارتكابه أيا من المخالفات الآتية: (إعطاء دروس خصوصية ارتكابه كل فعل يخل بشرف عضو هيئة التدريس أو لا يتلاءم مع صفته كعضو هيئة تدريس بالجامعة أو يمس نزاهته الاشتراك فى المظاهرات، إثارة الشغب والتخريب، التحريض على العنف). ويلاحظ أن هذا التعديل يعطى لرئيس الجامعة صلاحية عزل عضو هيئة التدريس، فى حين أن العزل من الوظيفة العامة عقوبة جنائية تبعية تترتب على الحكم بعقوبة جنائية وليست جزاء إداريا، وأيضا أن التعديل يوجد به مواد مطاطة ومرنة تسمح بعزل أى عضو هيئة تدريس حتى لو لم يتورط فى أعمال عنف وشغب وتحريض، بالإضافة إلى أنه يسمح بالفصل المباشر للأساتذة دون تحقيق فى حين أن المادة (97) من قانون نظام العاملين المدنيين وهو الشريعة العامة التى تحكم شئون التوظف تنص على أنه (لا يجوز توقيع جزاء على العامل إلا بعد التحقيق معه كتابة وسماع أقواله وتحقيق دفاعه، ويجب أن يكون القرار الصادر بتوقيع الجزاء مسببا)، هذا إلى جانب أن هذا التعديل يتعارض مع مبادئ العدالة وسيادة القانون، ويخالف الدستور، فالمادة 59 (لا توقع عقوبة إلا بحكم قضائى)، والمادة 69 (المتهم برىء حتى تثبت إدانته فى محاكمة قانونية عادلة تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه)، وأيضا خلط بين المخالفة التأديبية والجريمة الجنائية، فالمخالفة التأديبية تستقل عن الجريمة الجنائية، فقوام الأولى الخروج على مقتضى الواجب الوظيفى، فى حين أن الجريمة الجنائية هى خروج على الأوامر والنواهى المنصوص عليها فى القوانين الجنائية، وبهذا التعديل يصبح رئيس الجامعة هو جهة الاتهام والتحقيق والحكم فى الوقت نفسه.. والسؤال الآن: من يحاسب رؤساء الجامعات إذا أساءوا استعمال هذه السلطة المطلقة والسلطة المطلقة مفسدة مطلقة؟.. وهل من القانون والمنطق أن يعطى رئيس الجامعة صلاحية لعزل أستاذ جامعى فى حين أنه لا يملك صلاحية عزل معاون خدمة (فراش)؟. حقيقة أن جامعاتنا تحتاج إلى ضبط وإلى ردع للمخالفين، ولكن يجب معالجة الخطأ بالصواب، وليس بالخطأ ومعالجة الخروج على القانون بالقانون وليس بالخروج على القانون، ويجب ألا نسمح للغضب والاستياء من تصرفات بعض أعضاء هيئة التدريس أن يشوش على تفكيرنا نحو جميع أعضاء هيئة التدريس، ففى كل مجال بمصر يوجد الصالح وغير الصالح، ويجب ألا نضطرب لدرجة تصعب علينا فيها الرؤية الصحيحة أو الكاملة واتخاذ موقف تصادمى، فليس من الحكمة التعامل مع الجامعات تعاملا أمنيا صرفا وكأنها معسكر للأعداء، وأنهم يشكلون تهديدا للوطن، بينما الجامعة أحد منابر العلم والتقدم والوطنية، كما لا يمكن أن نعتمد فى إصلاح الجامعات على إصدار قوانين ذات نظرة أحادية من الممكن أن تعاقب أبرياء، وخاصة أن هذا التعديل يجعل وضع أستاذ الجامعة أسوأ من وضع أصغر عامل بالجامعة والحكومة كلها، وهذا غير مقبول وسيودى بهيبة واحترام أساتذة الجامعات، وإلى الحاق أضرار نفسية جسيمة بهم، وهذا ليس عدلا على الإطلاق، فنحن لا نريد جامعة مقطوعة الرأس. سعيد السعيد السباعى المحامى